مصر و»حماس» تحسّان بالريح القادمة من الرياض

اسرائيليات
حجم الخط
بعد يوم من قرار المحكمة المصرية اعتبار «حماس» كلها – وليس فقط ذراعها العسكرية – منظمة «ارهابية»، توجهت «حماس» إلى السعودية كي تضغط على الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لإلغاء قرار الحكم. ويثير هذا التوجه الاهتمام أساسا لأن «حماس» تقدر بأن الملك السعودي الجديد سلمان سيصغي للمنظمة المتفرعة من «الاخوان المسلمين»، الذين وصفتهم السعودية نفسها بأنهم حركة «ارهابية».
يبدو ان لهذا التقدير ما يستند اليه. فالزيارة الخاطفة التي قام بها السيسي الى السعودية لم تستهدف تهنئة سلمان، بل السماع منه اذا كانت السعودية تعتزم تغيير سياستها: إعادة روابطها مع «الاخوان المسلمين»، ترميم العلاقة مع تركيا، خصم مصر، وبالاساس اذا كان بوسع السيسي مواصلة الاستناد الى المساعدة المالية الحيوية التي تمنحها له المملكة.
لمخاوف السيسي هي الاخرى أساس على ما يبدو. فأحد كتاب الرأي السعوديين المهمين، خالد ادحيل، كتب، أول من امس، في صحيفة «الحياة» (اللندنية) «يبدو انه ثمة في مصر من يعتقد بأن على السعودية أن تقدم شيكا مفتوحا للقاهرة، والا تتقرب من تركيا او تستأنف علاقاتها مع الاخوان المسلمين. هذا نهج عاطفي وليس سياسيا. فعلى موقف السعودية أن يقرر ان الاخوان المسلمين هم مشكلة مصرية داخلية... وبالنسبة لتركيا من المهم أن نتذكر بأنها تعارض سياسة الاستيطان الاسرائيلية وهي ضد التوسع الايراني في المنطقة. ان المثلث المصري – التركي – السعودي هو حاجة استراتيجية».
تعكس هذه الاقوال المزاج الجديد في البلاط الملكي في الرياض. وحسب المحللين السعوديين، فإن هذه نتيجة الفهم القاضي بأن السياسة الخارجية للملك عبد الله الراحل فشلت. فهي لم تنجح في حل الازمة في سورية أو سيطرة الحوثيين في اليمن، وبالاساس لم توقف النفوذ الايراني في أرجاء الشرق الاوسط. محلل سعودي آخر، هو جمال الخاشقجي، كتب قبل بضعة ايام يقول ان «حزب الاصلاح في اليمن، والذي يعتمد على الاخوان المسلمين، هو القوة الوحيدة التي يمكنها ان تقف ضد سيطرة الحوثيين في اليمن». هذا جديد، وذلك لأن الملك عبد الله قطع علاقاته مع حزب الاصلاح.
ولم تكن صدفة ان تصادفت زيارة السيسي الى السعودية مع زيارة الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، والتقدير هو أن الزيارة الاولى التي سيقوم بها الملك سلمان الى خارج المملكة ستكون الى تركيا، تلك الدولة التي تستضيف مسؤولين كباراً من «حماس»، بمن فيهم صالح العاروري. وصرح المسؤول الكبير في «حماس»، عاطف عدوان، في مقابلة صحافية انه «توجد مؤشرات مشجعة الى تغيير في الموقف السعودي من (حماس)»، وحسب تقرير آخر فقد التقى مسؤولون سعوديون كبار بمندوبين مصريين مقربين من «الاخوان المسلمين». كما ان الملك السعودي سارع الى اقالة رئيس مكتب البلاط الملكي، خالد التويجري، الذي ساهم في السياسة السعودية المتصلبة ضد «الإخوان المسلمين». وحسب كل هؤلاء، فإنه يمكن بالتأكيد توقع انعطافة في سياسة سلمان.
السؤال هو اذا كانت «حماس» تعتزم اتخاذ قرار استراتيجي ينبع من الضغط الهائل الذي تعيشه – بسبب الاغلاق المصري والاسرائيلي على غزة، وكذا بسبب تعريفها كحركة «ارهابية» – ووداع ايران من أجل العودة الى الحضن العربي. وحسب عدوان «فمن السابق لاوانه بعد الحديث عن قطع العلاقات مع ايران». وفي الوقت ذاته، تعرض ايران شروطا متصلبة على «حماس» كي تتمكن من نيل دعمها. وضمن امور اخرى تطلب من خالد مشعل أن يتراجع عن انتقاده الرئيس السوري، الخطوة التي تسببت في  القطيعة التامة بين المنظمة وبين نظام الاسد وعلى أي حال الى شرخ مع ايران. اما السعودية من جهتها فقد تطلب من «حماس» أن تدفع الى الامام بالمصالحة مع «فتح» والسماح بمرابطة موظفي الحكومة الفلسطينية الموحدة في غزة وفي المعابر كشرط لتلقي المساعدة.
ليس لـ»حماس» اليوم روافع تأثير أو ضغط، لا على ايران ولا على السعودية. ومع ذلك فإن شعاع الضوء السعودي، ولا سيما في كل ما يتعلق بفرص المصالحة مع مصر، قد يرجح الكفة في اعادة الانضمام الى الكتلة العربية. ومثل هذا القرار معناه، ضمن امور اخرى، تحطيم العرض الذي تقدم به نتنياهو في أن دولا عربية مثل السعودية ومصر ترى بانسجام الامور مع اسرائيل من حيث الحاجة الى صد ايران ومكافحة ارهاب «حماس».
تشهد الريح السعودية الجديدة بأن ليس هناك بالضرورة صلة بين التطلع الى صد النفوذ الايراني وبين الصراع ضد «حماس». بل العكس هو الصحيح. العلاقة مع المنظمات الاسلامية السنية المعتدلة، كـ»الاخوان المسلمين»، يمكنها بالذات ان تساعد ضد ايران من جهة وضد «داعش» من الجهة الاخرى. المشكلة السعودية ستكون كيف يمكن الجسر بين موقف مصر وبين خطوط السياسة السعودية الجديدة. 
عن «هآرتس»