بقلم: تالي نير*
نبدأ من الامر المسلم به – من المهم مكافحة الارهاب. كل شخص في اسرائيل يستحق حماية حياته وسلامة جسده، ومن المحظور أن يعيش مواطنو الدولة في خوف من عملية ارهابية ما. ومع ذلك، فان قانون مكافحة الارهاب الذي طرح، أول من امس، في الكنيست للتصويت بالقراءة الاولى ليس هو السبيل السليم لضمان ذلك.
تبدأ المشاكل العديدة، التي في مشروع القانون، في التوسيع الكبير لتعريفات من هو الارهابي، ما هو العمل الارهابي وما هو التنظيم الارهابي. والامور صحيحة للفلسطينيين والاسرائيليين على حد سواء. فمثلا، العمل الارهابي يعرف في مشروع القانون بشكل واسع جدا، ولا يتضمن فقط المس بالاشخاص او بالامن العام، مثلما قرر القانون حتى الان، بل أيضا المس بالاملاك، اعمال الاحتجاج التي تمارس ضغطا على الحكومة، واقوال التعاطف مع العمل الارهابي.
المس بالاملاك هو، بالطبع، مس خطير وينبغي معالجته على المستوى الجنائي. فلماذا يصنف كعمل ارهابي؟ لماذا يتم تصنيف الاعمال غير التخريبية التي هدفها ممارسة الضغط على الحكم كارهاب؟ والاعراب اللفظي عن التأييد للعمل الارهابي من شأنه أن يغيظ الكثيرين، ولكن هل نرغب في أن نتهم شخصا بالارهاب فقط لانه قال شيئا ما؟ صحيح أنه في بعض أقوال التأييد يمكن أن يكون تحريض على العنف، ومثل هذا التحريض بالتأكيد يجب وقفه، ولكن هذه مخالفة معرفة في قانون العقوبات على أي حال.
مثال آخر على اشكالية مشروع القانون هو آلية تحديد الاعلان عن تنظيم ارهابي. حسب مشروع القانون، يمكن لوزير الدفاع ان يصنف كـ "تنظيم ارهابي" ايضا منظمات فلسطينية ويهودية ليس لها أي صلة مباشرة بالارهاب، كالمنظمات الخيرية المرتبطة بـ "حماس". والمعنى هو أن كل نشيط في المنظمة، ويكفي أن يرتدي قميص المنظمة لهذا الغرض، يمكن أن يحكم عليه بالسجن لسنتين.
كما ان موضوع الاجراءات الادارية اشكالي للغاية. هكذا مثلا فان من يعرب عن تأييد العمل الارهابي، يهوديا كان أم فلسطينيا، سيعرض نفسه للخطر ليس فقط بلائحة اتهام لمخالفة ارهاب بل ايضا لاعتقال اداري، ولأمر تقييد حركة اداري، ومنع اللقاء مع المحامي. والتنصيص في القانون على هذه العقوبات خطير جدا كونها لا تسمح للمشبوه بان يعرف باي مخالفات يتهم، ولهذا فانه لا يمكنه ان يدافع عن نفسه.
ثمة مشكلة اخرى هي التنصيص بالقانون على الاستخدام الواسع للمادة السرية – بدءاً بالقرار بالاعتقال الاداري وحتى اجراء الاعلان عن "تنظيم ارهابي" والاجراءات لمصادرة الاملاك؛ الامر الذي لن يسمح للمشبوه بان يدافع عن نفسه ضد الاتهامات. مادة اخرى، اشكالية على نحو خاص، تفرض على الانسان ان يثبت بانه كف عن أن يكون عضوا في تنظيم ارهابي. فكيف يمكن اثبات مثل هذا الامر؟
ويقصر اليراع عن تفصيل كل المخاطر العديدة التي في مشروع القانون، ولكن لا شك ان المشروع الحالي يفتح ثغرة واسعة جدا لاتهامات عابثة بمخالفة ارهابية وسيمنع المشبوهين من الدفاع عن انفسهم كما ينبغي.
لقد طرحت الاعتقالات الادارية مؤخرا الى العناوين الرئيسة مع اعتقال نشطاء يمينيين واضرابات المعتقلين الفلسطينيين عن الطعام. فاذا كان احد منهم ارتكب عملية ارهابية، فان على الدولة ان تستخدم الادوات المتبعة والكثيرة التي تحت تصرفها، كالتحقيقات، الاعتقالات والتقديم الى المحاكمة. والا فلا يوجد ما يدعو الى احتجازهم في المعتقل، بلا حقوق اساسية، في ظل استخدام ادوات تعسفية وبعيدة الاثر تنزع من الانسان حريته.
على الدولة ان تكافح ضد الارهاب. من المحظور ان تتفجر الباصات في شوارع اسرائيل ومن المحظور ان تحرق المنازل في القرى الفلسطينية، ويجب استثمار الكثير كي لا يحصل هذا. ولكن التضحية بحقوق الانسان الاساسية في الحرية وفي الاجراء العادل من شأنها ان تجعل إسرائيل دولة تضطهد الأبرياء. فهل الى هناك نريد أن نصل؟ بل وسن هذا القانون في اجراء سريع، في زمن اجازة الكنيست وفي موعد ملاصق لاقرار قانون الميزانية؟ نأمل أن يتوفر عدد كاف من النواب الشجعان الذين لن يسمحوا بمثل هذا التدهور الاخلاقي.
عن "يديعوت"
*محامي، جمعية حقوق المواطن.