عن المواشي التي أغضبت اسرائيل

ا
حجم الخط

بقلم : ابراهيم دعيبس

 

قررت الحكومة الفلسطينية الامتناع عن استيراد المواشي من التجار الاسرائيليين مما كبدهم «خسائر فادحة»، وبدأت الحكومة الاسرائيلية تدرس منع السلطة من تصدير الزيت والتمور رداً على هذه الخطوة.

المصادر الفلسطينية تؤكد ان رئيس الوزراء متمسك بهذه الخطوة رغم التهديدات الاسرائيلية، والملفت للنظر ان بعض كبار المسؤولين الفلسطينيين يطالبون بالتراجع عن هذا القرار وكأنهم يمثلون اسرائيل، لأنهم بالواقع لا يهمهم إلا مصالحهم وزيادة أموالهم، لا الوطن والقضية الوطنية.

والمواشي جزء بسيط جداً مما نستورده من اسرائيل وقد صرنا سوقاً رئيسية لها ولمنتجاتها رغم ان احتلالها يقتل الارض والشجر والبشر وقد قطع المستوطنون المئات من أشجار الزيتون كما نكلوا بأصحاب الأرض ومنعوهم في حالات كثيرة من قطف ثمار زيتونهم.

ان مقاومة الاحتلال تكمن في حالات كثيرة كهذه وقد تحدث كثيرون عن ضرورة فك الارتباط بإسرائيل اقتصادياً ولكن بدون خطوات عملية ... ولعل قضية المواشي هذه تكون ناجحة والخطوة الاولى على الطريق الطويل.

تجدر الإشارة هنا الى كلمة رئيس الوزراء أمام مؤتمر المقاومة الشعبية في مخيم الفارعة جنوبي طوباس حيث قال ان الحكومة ماضية بخطوات الانفكاك التدريجي عن الاحتلال وذلك من خلال تعزيز المنتج الوطني والاستغناء عن المنتجات الاسرائيلية وأكد كمثال على ذلك، الى وقف التحويلات الطبية الى مستشفياتهم والتي كلفت السلطة في العام الماضي نحو (٥٣١) مليون شيكل.

ان هذا الانفكاك المقترح أمر في منتهى الأهمية والجدية ويجب العمل بكل الوسائل لتنفيذ ما هو ممكن منه فوراً، مع التأكيد ان ذلك ليس بالأمر السهل أبداً لأن الاحتلال يسيطر على كل المعابر وعلى كل الصادرات والواردات، ولكن هذا يجب الا يمنع العمل والبحث عن سبل للتنفيذ.

وفي المقابل فإن الممكن والواجب دعم المؤسسات الوطنية وتشجيع المزارعين والصناعات الوطنية والاستثمار، ولا بد من الاشارة بشكل خاص الى القدس التي تتعرض لهجمة تهويد غير مسبوقة، سواء بالبناء الاستيطاني الواسع في القدس القديمة وكل الأحياء خارجها، أو بالعمل على تهجير المواطنين والاحاديث المتزايدة عن امكانية عزل الاحياء خارج الجدار عن المدينة وفيها نحو ٢٠٠ ألف فلسطيني خاصة في مناطق كفر عقب وسميراميس والمنطقة كلها بين القدس ورام الله. وقد اشار مركز حقوقي دولي الى ان ما بين ٥٠ – ٨٠ ألف مقدسي تم الغاء حقهم بالاقامة في القدس منذ اتفاق اوسلو.

ومن المعروف والواضح تماماً اتساع اقتحاماتهم للمسجد الاقصى واقامة الشعائر التلمودية في ساحاته وتزايد التصريحات حول ضرورة تغيير الامر الواقع فيه.

الجمعيات غير الحكومية والأموال المسلوبة!!

قال عبدالناصر الصيرفي مدير عام المنظمات غير الحكومية في وزارة الداخلية ان هناك ٣٣٤٦ جمعية أو منظمة غير حكومية فلسطينية بالضفة وغزة والقدس، بالاضافة الى ٢٦٠ فرعاً لجمعيات أجنبية.

وهذا العدد الكبير من هذه الجماعات يشكل نحو جمعية لكل ألف مواطن أو نحو ذلك تقريباً، ولعلم من لا يعلم فإن لهذه الجمعيات ميزانيات وأموال تحصل عليها من الدول المانحة وهذه الاموال، عموماً، هي جزء من المخصصات المقررة للسلطة الوطنية.

وللحقيقة والأمانة، فإن هناك عدداً من هذه الجمعيات يقوم بدور ايجابي وهام للخدمة الاجتماعية والوطنية، ولكن الغالبية الكبرى هي مجرد مؤسسات فردية يستفيد منها المسؤول الاول فيها فقط، ويعقدون المؤتمرات بعد استئجار القاعات ودفع الاجرة وثمن وجبات الغداء والمرطبات، وقبل ذلك يقبضون الجزء الاكبر من الاموال المدفوعة لحسابهم الخاص، ولي تجارب كثيرة في هذا المجال، وقد جربت العديد من هذه المنظمات واعرف أكثر من اصحابها، وهي بالنتيجة عبارة عن «بيزنس» أو شغل خاص.

ولقد طالب الصيرفي هذه المنظمات بتحديث بياناتها وتقديم تقاريرها، أي أن عدداً منها على الاقل لم يقدم ذلك، وبالنهاية فإن أية بيانات لن تقدم ولن تؤخر كثيرا، لأنها في غالبها بيانات ملفقة ولا تعبر عن الواقع والحقيقة.

اعتقد ان المطلوب هو وقف عمل ونشاط الغالبية العظمى من هذه المنظمات واغلاق مكاتبها وتحويل مخصصاتها الى ميزانية وخدمات اجتماعية واضحة ومسؤولة.

التصفيق ... لا يليق !!

قررت جامعة اوكسفورد البريطانية وهي واحدة من أعرق الجامعات في العالم، حظر التصفيق داخلها وذلك بعد ان صوت الطلاب لهذا القرار لاعتقادهم ان التصفيق قد يثير قلق وتوتر بعض الاشخاص.

وهذا القرار ليس الاول من نوعه فقد سبقت الى ذلك جامعة مانشستر وعدد من المؤسسات والمنظمات الاخرى في بريطانيا.

لكن ما يحدث في بلادنا شيء مختلف تماماً، لأن التصفيق والتصفير والتزمير جزء أساسي من مؤتمراتنا وخطاباتنا وافراحنا، وحين يشد المتحدث من نبرته ويرتفع صوته بالشعارات والجمل الرنانة يدوي التصفيق والتطبيل في عنان الفضاء، بينما المتحدث والحضور يدركون انه مجرد كلام فارغ بلا مضمون حقيقي وبلا امكانية للتنفيذ في الغالبية العظمى من الحالات، ومع هذا فالتصفيق والهتافات صارت تقليداً سيئاً لدى كل خطبة وهذا التقليد لن ينتهي الا اذا توقف الخطباء عن العنتريات الجوفاء واستخدموا العقل والمنطق في ما يقولون ويكررون ...!!