دعت حملة "لحقي" في بيان حمل رقم 11، الجماهير اللبنانية إلى إضراب عام في كل لبنان اليوم الإثنين، وذلك في ظل تواصل الاعتصامات في عددٍ من الساحات بالعاصمة بيروت ومدن مختلفة، لليوم الثاني عشر من الاحتجاجات المطالبة بإسقاط الحكومة والإصلاح السياسي والاقتصادي ومحاربة الفساد.
ووجهت الحملة نداءً "للناس، لكل الناس"، دعت فيه إلى "إضراب عام في كل لبنان" اليوم، واستمرار التحركات الاحتجاجية بإصرار وثبات، حتى الاستقالة الفورية للحكومة المعادية لمصالح الناس، وتشكيل حكومة مؤقتة ذات مهام محددة، حكومة للناس من خارج مكونات الطبقة الحاكمة وبإشراف القضاة المستقلين.
وفي اليوم الـ12 على التوالي للتظاهرات الشعبية التي يشهدها لبنان، والذي سميّ بـ "إثنين السيارات"، أقفل المحتجون والمعتصمون الطرقات من خلال ركن عشرات السيارات بوسط التقاطعات والشوارع.
وأصدر حراك "حراس المدينة" المشارك في تنظيم الاعتصام في ساحة النور، بياناً دعا فيه "الحراك الشعبي إلى الاستمرار في الإضراب العام اليوم، واستمرار العصيان المدني الشامل.
كما وجّهت "هيئة تنسيق الثورة" التحية لـ"جميع المواطنين الثوار على استمرارهم ومشاركتهم الفعالة في كل ساحات الوطن وفي المشاركة بتشكيل السلسلة البشرية التي امتدت من شمال لبنان الى جنوبه".
وفي بيان لها، أكّدت الهيئة على رفضها التام لجميع محاولات أحزاب السلطة في استغلال الثورة لأهدافٍ مشبوهة، ومحاولات بعضها من الذين شاركوا في السلطة حتى الأمس القريب تسلقها، مُوضحةً أنّها تُدين ممارسات البعض في فرض خوات وترهيب وشتم المارة وتعتبر ذلك محاولة بائسة ويائسة لتشويه الصورة المجيدة للثورة والثوار وتطلب من الجيش التصدي لتلك الممارسات.
وشدّدت على رفضها لأي تدخل خارجي من أي جهة كانت وتحت أي حجة أو ذريعة أو تمويل أو توجيه أو إملاء، حيث إنّ الثورة المجيدة هي ثورة شعب يرفض أي تدخل أو تبعية أو أي مساس بالسيادة الوطنية، ومن هنا فإنّ الهيئة تستنكر وتدين الدعوات والتدخلات المشبوهة الهادفة لفرض مسارات معينة لا تخدم أهداف الشعب.
وأشارت الهيئة إلى أنّه انطلاقاً من مسؤوليتها في حماية الثوار على مساحة الوطن، تُدين اعتقال الثوار في "صور" وتُطالب بإطلاق سراحهم فورًا، مُعتبرةً أنّ الاعتقال السياسي التعسفي دليل ضعف السلطة وإرباكها وسيلقى المتابعة اللازمة من لجنة المحامين المنبثقة عن الهيئة.
وتوقفت الهيئة عند تعنت السلطة في عدم الاستجابة لمطلب الملايين من اللبنانيين، مُشيرةً إلى أنّ ذلك بمثابة دفع الأوضاع نحو المزيد من الاحتقان ويضعها أمام مسؤوليتها في تصعيد الخطوات والتحركات.
وانطلقت العدد من الاعتصامات ففي مدينة طرابلس شمالي لبنان، طالب المتظاهرون برحيل الحكومة ومحاربة الفساد وتحسين الظروف المعيشية، ودعوا إلى محاسبة بعض رموز الطبقة الحاكمة الذين يتهمونهم بإفساد الحياة السياسية والاغتناء غير المشروع، كما عبروا عن رفضهم لبعض ما اقترحه بعض الساسة والمسؤولين من حلول لإنهاء هذه المظاهرات، وقالوا إنها غير كافية ولا تلبي مطالبهم.
وتحولت الساحة الرئيسية لمدينة طرابلس في شمال لبنان إلى مركز رئيسي للمظاهرات التي يحتشد فيها آلاف الناس يومياً للمطالبة برحيل النخبة السياسية في البلاد، ويرى المتظاهرون أنّ ساحة النور وسط المدينة استقطبت أنظار اللبنانيين لأنها ألهمت كثيراً من المواطنين للنزول إلى الشارع في مناطق مختلفة من لبنان.
كما شهدت مدينة "صيدا" جنوب لبنان اعتصامًا نفذه محتجون للمطالبة بالثبات على ما قالوا إنّها مطالب الشعب اللبناني، وتتمثل في تنحي الطبقة السياسية الحالية وتحسين الأوضاع الاقتصادية.
وشهد يوم أمس، شكلاً مغايراً لأحداث الأيّام الماضية، حيث نفذت فعالية بمشاركة ما يقارب 175 ألف لبنان متمثلة في تشابك الأيدي في سلسلة بشرية على امتداد الساحل اللبناني، وسط انتشار عناصر الجيش والقوى الأمنية، في خطوة تهدف إلى ربط الساحات بعضها ببعض دعماً للثورة على الجوع والبطالة والفقر ونقص الخدمات والفساد والهدر، مؤكّدين على رفضهم الآداء السياسي وكلّ السياسيات الاقتصادية والاجتماعية التي يتمّ اعتمادها، وكذلك إصراره على استقالة الحكومة.
وحمل المشاركين الأعلام اللبنانية والورود ومرتدين "التي شيرتات" البيضاء، حيث تجّمع آلاف اللبنانيين على الطرقات، شباناً وشابات، كباراً وصغاراً، وشبكوا الأيدي في مشهد منظم وراقٍ، بدءاً من مدينة صور في الجنوب، وصولاً إلى الشمال، مروراً بعاصمة الجنوب صيدا، والعاصمة بيروت وزوق مصبح وجل الديب وجبيل… في رسالة وحدة وطنية وسلام، مرددين الهتافات المطالبة بإسقاط النظام ومحاسبة الفاسدين.
وبدأت مجموعات من الناشطين بتشكيل سلسلة بشرية في اماكن متفرقة على الكورنيش البحري لبيروت، حيث سعى الناشطون إلى توجيه رسالة شعبية ليس فقط للمسؤولين في لبنان ولكن للعالم كله".
يُشار إلى أنّ رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري طالب قائد الجيش العماد جوزيف عون بإجراء تحقيق فوري في ملابسات حادثة البداوي بطرابلس.
وسبق أنّ أعلن الجيش اللبناني إصابة خمسة من عناصره إثر تعرض قوة من الجيش للرشق من قبل معتصمين في منطقة البداوي، وأضاف الجيش أنّ قواته اضطرت لإطلاق النار في الهواء والرصاص المطاطي بعد تعرضها للرشق، مُوضحًا أنّه أرسل تعزيزات أمنية إلى منطقة البداوي حيث تم فتح تحقيق في الحادث.
ويعتزم المحتجين القيام بخطوة جديدة اليوم، حيث سيتم إغلاق مجموعة من الشوارع في منطقة فردان، تلة الخياط، راس النبع - الرينغ، الصفرا، الفوروم - برج حمود، القنطاري وSeaside AUB، جل الديب، العقيبة، الضبيه، والزوق من أجل منع المواطنين من الوصول لمكان عملهم.
كما سيوزّع على وسائل الإعلام بالإضافة إلى صور بعد عملية الإقفال لإثبات نجاحها أمام الرأي العام، وبالتالي الضغط على المسؤولين لتحقيق المطالب.
وحدّدت المجموعة عدّة قواعد لإتباعها، أبرزها فتح الطرقات أمام سيارات الصليب الأحمر والدفاع المدني ووسائل الإعلام والعسكريين، كذلك أمام الأطباء والممرضين، مطالبين بالابتعاد عن "الهتافات الاستفزازية، واعتماد اللهجة الودية في حال أيّ تلاسن مع المدنيين.
من جهته، غرّد رئيس الحزب "التقدمي الإشتراكي" النائب وليد جنبلاط عبر "تويتر" قائلاً: "بكل صراحة وبعيداً عن التخوين والتشكيك وربط الأمور بنظريات المؤامرة ومنعاُ من الوصول إلى الفوضى أو الانهيار، يجب تشكيل حكومة جديدة بعيداً عن التيارات السياسية والأحزاب، تعطي صدمة ثقة للداخل والخارج، وتكون أولوية العمل هي الوضع المالي وكيفية معالجة الدين لأنه في كل لحظة تأخير الخسارة أكبر".
و دعا بابا الفاتيكان فرنسيس، إلى سلوك طريق الحوار لإيجاد حلول عادلة في الأزمة السياسية والاجتماعية التي يمر بها لبنان، على وقع الاحتجاجات الأخيرة التي تجتاح البلاد.
وقال: "إنّ فكري مع الشعب اللبناني العزيز، خصوصاً الشباب الذين أسمعوا في الأيام الأخيرة صرختهم في وجه التحديات والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية في البلاد".
كما أشار إلى أنّ الهدف هو أنّ "يستمر هذا البلد، مع دعم الأسرة الدولية، في أن يكون مساحة تعايش سلمي واحترام لكرامة وحرية كل شخص لصالح منطقة الشرق الأوسط كلها.
بدوره، قال الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد في تغريدة على "تويتر": "الشباب الثائر يطرق أبواب الدولة العصرية...الأصوات مدوية في الميادين التغيير آت، آت...فلتسقط كل الحمايات لأباطرة الفساد والنهب...التنظيم الشعبي الناصري باق، باق في الساحات و الميادين".
فيما أمر القضاء اللبناني بحظر إخراج الدولارات بالحقائب إلى خارج البلاد بتصاريح عادية معتمدة من مصرف لبنان، في ظل استمرار المطالب بإسقاط كل الحمايات عن أباطرة الفساد والنهب.
وأصدر النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات قرارًا قضائياً بمنع عمليات إخراج الدولارات النقدية دفعة واحدة في حقائب صيارفة وتجار عبر مطار بيروت الدولي والمعابر الحدودية كي لا يتمكن الذين نهبوا المال العام من تهريبه للخارج.
وأردف: "عمليات إخراج الأموال كانت تتم بتصريح عادي معتمد لدى الجمارك اللبنانية، وتم التنسيق مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بحيث ستعمد مديرية الجمارك إلى إخضاع عمليات نقل الأموال إلى أنظمة يعمد مصرف لبنان المركزي إلى تحديدها".
وأصدر وزير الدفاع اللبناني إلياس بو صعب، قراراً بتجميد مفعول تراخيص حمل الأسلحة على الأراضي اللبنانية كافة، اعتباراً من الساعة السادسة من مساء السبت، وحتى إشعار آخر.
ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان أن القرار يستثني:
1 - تراخيص حمل الأسلحة صفة دبلوماسية.
2 - تراخيص حمل الأسلحة صفة خاصة الممنوحة لمرافقي الوزراء والنواب الحاليين والسابقين ورؤساء الأحزاب ورؤساء الطوائف الدينية عندما يكونون برفقة الشخصية فقط.
3 - تراخيص حمل الأسلحة صفة خاصة الممنوحة لموظفي السفارات الأجنبية.
4 - تراخيص حمل الأسلحة الممغنطة.
وحذّر القرار المخالفين، بأن ّكل مخالفة لأحكام هذا القرار تُعرض مرتكبها لأشد العقوبات، وتكلف قيادة الجيش بتنفيذ أحكامه بشدة وإحالة المخالفين أمام القضاء العسكري.
يُذكر أنّ صدور القرار جاء على خلفية احتجاجات شعبية واسعة يشهدها لبنان منذ 17 أكتوبر الجاري، تطالب باستقالة الحكومة وإجراء انتخابات نيابية مبكرة دون قيود طائفية واسترداد المال العام من مسؤولين تولوا السلطة في السنوات الثلاثين الأخيرة.