إسرائيل.. وسيناريوهات تشكيل الحكومة أو الإنتخابات الثالثة!

حجم الخط

بقلم: الدكتور ناجي صادق شرّاب

 

عاد السؤال من جديد وبقوة بعد فشل نتيناهو بتشكيل حكومة إسرائيليه ثانية بعد انتخابات الكنيست أجريت مرتين في غضون شهور قليله. هذا الفشل قد يحمل في طياته أيضا تساؤلات كثيره تتعلق بنتنياهو نفسه: هل إنتهت مرحلته كرئيس للوزراء؟ وهل يقبل بسهولة إعطاء الفرصة لمنافسه غانتس لينجح في تشكيل حكومة جديدة فشل فيها ويحول دون إجراء انتخابات ثالثه قد يرى فيها نتانياهو مخرجا له وفرصة للإستمرار؟

خياران أمام إسرائيل لا ثالث لهما إما حكومة والخروج من عنق الزجاجة الذى فرضته نتائج الانتخابات ألأخيرة ، وإما الذهاب لانتخابات ثالثة قد تكون تداعياتها اكثر خطورة على المستقبل السياسى لإسرائيل في وقت تتزاحم فيه التطورات السياسية في المنطقة، وبروز مخاطر جديده، وتطورات غير متوقعة على الساحة الفلسطينية الأقرب وألأكثر تأثيرا، وتحولات غير متوقعه في السياسة الأمريكية تتعلق ببقاء ترامب من عدمه ومعها مصير صفقة القرن.

بداية لا بد من الإشارة إلى ان الانتخابات الثالثة القادمه قد تترتب عليها نتائج وتداعيات سلبية ستنعكس على بنية النظام السياسى الإسرائيلي. وأول هذه التداعيات تراجع وإنحسار في قوة اليمين، وقد راينا هذا في تراجع وزن وعدد مقاعد الليكود، وبالمقابل تنامى قوة اليسار واليسار- الوسط ، وقوة القائمة العربية المشتركة بزيادة مقاعدها مما يعنى تنامى قوتها السياسية داخل الكنيست كقوة معارضة لا يمكن تجاهل مطالبها.

ومن توقعات هذه الإنتخابات احتمال زيادة قوة ليبرمان وحزبه بالحصول على مزيد من المقاعد على حساب الأحزاب اليمينية الأخرى.

ومع هذه الإنتخابات قد تبرز أحزاب صغيرة جديدة تزيد من تشتت الأصوات على حساب الأحزاب الكبيرة كالليكود وازرق ابيض. ولعل من التوقعات فقدان ثقة المواطن الإسرائيلي في الأحزاب والقيادات ويؤدي ذلك إلى تراجع نسبة المشاركة في التصويت مما قد ينعكس سلبا على عدد المقاعد التي يمكن ان يحصل عليها الحزبان الكبيران، ناهيك عن ان الإنتخابات لها كلفتها المالية الكبيرة.

لهذه الأسباب ورغم زيادة احتمالات الذهاب لانتخابات ثالثه لا ترغب بها كل الأحزاب القائمة فان هذا الخيار قد يكون المستفيد منه نتانياهو، وهذا قد يعطي غانتس فرصة اكبر للنجاح في تشكيل حكومة جديدة.

غانتس امامه سيناريوهات كثيره للذهاب لتشكيل الحكومة، الأول تشكيل حكومة مع الليكود بالتناوب على رئاسة الوزارة أولا لنتانياهو لكن الخلاف والمساومة هنا على الكتلة النيابية، وهذا السيناريو قائم بشرط ان فتح ملف الاتهام لنتانياهو يجعل من غانتس رئيسا للوزارة عمليا، وهو بهذا قد يكون اوفى بوعده لناخبيه بتشكيل حكومة ليبرالية موحدة.

ومن السيناريوهات التي يبنى عليها غانتس احتمال تفكيك اليمين وقيام إنقلاب على نتانياهو من داخل حزبه وهذا احتمال مستبعد لحصوله على ضمانات ببقائه زعيما ورئيسا للحزب. وكما أوضحت جريدة "يديعوت احرنوت" : ليس لنتانياهو حكومة بدون غانتسن وليس لغانتس حكومة بدون نتانياهو، وان العائق الرئيسى مبدأ التناوب أولا الذى يجعل من الإنتخابات الإحتمال الواقعى.

ومن السيناريوهات ان يبدا غانتس رئاسة الوزراء ويساوم على موضوع الكتلة، ويشكل حكومة مع الأصوليين إلى جانب حزب العمل، ويبقى السؤال هنا عن مدى استعداد ليبرمان لهذا السيناريو، أو أن يتنازل أولا ولكنه يمكن أن يقبل إذا رفعت لائحة إتهام ضد نتانياهو، وهكذا عمليا يصبح هو رئيس الوزراء.

وإذا ما فشل في هذا الخيار يمكن أن يفكر في حكومة أقليه مؤقته من إسرائيل بيتنا وحزب العمل بدعم من ميرتس والعرب من الخارج، والهدف هنا إستبعاد نتانياهو.

إلا أن هناك في حزب أزرق أبيض ألأكثر يمينية الذين يرفضون هذا التوجه. او ان يشكل حكومة وحدة وطنية مع الليكود دون مشاركة يئير ليبيد وحزب هناك مستقبل، إلا أن خطورة هذا الخيار التداعيات السلبية لفك الشراكة في حال الدعوة لإجراء إنتخابات ثالثه.

ويبدو من كل هذه السيناريوهات صعوبة مهمة غانتس في تشكيل حكومة جديدة، وفي حال فشله يبقى ان يوجه رئيس الدولة الدعوة لأحد نواب الكنيست لتشكيل الحكومة بموافقة أغلبية الكنيست، وهذا احتمال فرص نجاحه ضعيفه مع فشل كل من نتانياهو وغانتس، وأخيرا ما قالت المديرة العامة للجنة الانتخابات المركزية ان اللجنة بدأت تتفهم بأن الانتخابات ألأخرى تقترب، وإذا كان هذا ما سنحتاجه فسنفعله.

وفى حال فشل خيار الحكومة فمعنى ذلك ان تذهب إسرائيل للانتخابات إما في شهر شباط او آذار القاديم. وهو ما يعنى مزيدا من الإنتظار الفلسطيني لانتخابات غير معلومة النتائج مسبقا، وتاجيل جديد لصفقة القرن.

ويبقى نتينياهو رئيسا للوزراء حتى إجرائها، ولا احد يمكن أن يتوقع ماذا يمكن أن يحث وخصوصا في العلاقة مع السلطة وغزه.

استاذ علوم سياسية - غزة