نحن بحاجة الى ثورة فكرية ووجوه جديدة ..!!

حجم الخط

بقلم : ابراهيم دعيبس

 

من اكبر مشاكلنا، او الأصح، ان مشكلتنا الرئيسية الاولى، هي العقلية التي تفكر وتحكم وتقرر؟ وهي عقلية فردية او قبلية او حزبية، حيث ان الحاكم يظل حاكما حتى الوفاة او الانقلاب عليه، وان امكن فأنه يورث احد ابنائه لخلافته. وفي عالمنا العربي كل الادلة على ذلك الرئيس مبارك ظل حاكما حتى تم الانقلاب عليه. والرئيس بوتفليقة كل حاكما وهو غير قادر على الوقوف ويتحرك على عجلات. والبشير ظل رئيسا حتى ادخلوه السجن. والرئيس حافظ الاسد ظل رئيسا ورشح ابنه باسل لخلافته، ولما مات باسل بحادث سيارة جاء بابنه بشار ليصبح رئيسا لسوريا، وسيل حتى النهاية.

نحن ما نزال نخضع لعقلية الخلافة والتوريث وما يزال منطق العشيرة والفردية يسيطر على تفكيرنا واي حديث عن اصلاحات او تغيير او ديمقراطية يظل مجرد حديث بالهواء ولا قيمة له ما لم تتغير العقلية الفردية والعشائرية او الحزبية هذه التي تسيطر وتحكم وتقرر.

وحتى الاجيال الجديدة تمارس العقلية نفسها، وما ان تحدث «طوشة» او خلافات بين اثنين حتى تبدأ الهواتف بالاشتغال ويحضر مؤيدو وعشيرة كل طرف وتتحول المشكلة الصغيرة الى عائلية كبيرة وبلا حدود وقد تقع نتيجة ذلك عمليات قتل او جرح واصابات وهنا تبدأ «العطوات» والاجتماعات والاتصالات التقليدية وتبادل «القبلات» الزائفة ودفع العطوات مع الابتسامات والمصافحات بلا معنى أو قيمة.

والامثلة بلا حدود، وابرزها ما نعانيه نحن الفلسطينيين، من هذا الانقسام المخجل بينما الاحتلال يفترس الارض والحقوق والمستقبل. ولا يعرف المواطن تفسيرا لهذا الانقسام او مبررا باستمراره. والحل بسيط وسهل وهو الاحتكام للانتخابات في مواعيد محددة ومتفق عليها. وفي هذه المرحلة فأن الرئيس ابو مازن يدعو الى انتخابات وحماس في غزة وافقت، وتبدو الامور من الناحية الشكلية وقد انتهت واتفق الجميع على الاحتكام للشعب.

ولكني اعتقد ان الوضع اكثر تعقيدا ولن تتم الانتخابات بدون المصالحة اولا والتوافق على التفاصيل وفي وسط هذا الانقسام هل يمكن لفتح ان ترشح او تقوم باجتماعات انتخابية في غزة، وهل يمكن لحماس ان تفعل الشيء نفسه في الضفة.

والجواب بسيط وهو ان هذا امر مستحيل بدون التوافق والمصالحة. اذن نحن نتحدث عن انتخابات وتنفيذها يكاد يكون مستحيلا وتظل تدور بالحلقة المفرغة بلا اي مخرج او احتمالات للنجاح.

نحن بحاجة الى تغيير العقلية والمفاهيم، وهذا امر صعب وقضية معقدة بسبب التفكير الفردي والعشائري أو الحزبي الواحد ونحن بحاجة الى وجوه جديدة والتخلص من عقلية حكم الفرد .

ويظل السؤال الاساسي والكبير هو كيف نخرج من هذه الدائرة الضيقة وهل الخروج اساسا امر ممكن في الظروف التي نعيشها. والجواب يبدو معقدا وصعبا ولكنه ليس مستحيلا.

والمطلوب قيادي او ثورة في تونس كان القائد التاريخي الحبيب بورقيبة هو المؤسس للديموقراطية في بلاده.وقد استمرت الامور الى حد ما على حالها حتى يومنا هذا وحين حاول الرئيس السابق بن علي الانفراد جرى الانقلاب عليه وعزله.

وجرت انتخابات رئاسية وتشريعية حقيقية وقبل الجميع بالنتائج.

نحن بحاجة الى قائد يغير الواقع وان لم يحدث ذلك فأننا بحاجة الى ثورة شعبية وفكرية تغير المفاهيم وتصنع التاريخ وليس مجرد تظاهرات وهتافات ثم العودة الى السابق بدون اية نتائج.

والتغيير يبدأ اساسا من البيت والمدرسة والجامعة والمناهج والمعلمين، وبدون ثورة في كل هذا سنظل ندور في الحلقة المفرغة وستظل اسرائيل وعدد يهود العالم كلهم لا يتجاوز عدد سكان القاهرة وحدها. هم المسيطرون على المنطقة وهم اصحاب التأثير الدولي وفي الولايات المتحدة اولا.

وبالمناسبة فان اغتيال اميركا للبغدادي لا يعني انتهاء التطرف وما يمثله البغدادي وكذلك الحال حين اغتالوا اسامة بن لادن ولان التطرف ليس اشخاصا وانما عقلية ومفاهيم.

٢٣٤٢ وحدة استيطانية جديدة بالضفة ومصادرة ٣ الاف دونم

قررت الحكومة الاسرائيلية بناء ٢٣٤٢ وحدة استيطانية جديدة بالضفة ومصادرة ٣٤٠٠ دونم من اراضيها شمالا وجنوبا. كما قررت ضم الضفة كلها لخطط المواصلات القطرية مقدمة لفرض نوع من السيادة عليها. وكذلك فان الاقتحامات والاعتقالات لا تتوقف في كل مدن وقرى الضفة وبين المعتقلين خالدة جرار القيادية في الجبهة الشعبية، وكذلك صارت الضفة حقل تجارب تكنولوجية وكاميرا المراقبة تلاحق الجميع.

والقدس عاصمتنا الموعودة تتعرض لأوسع هجمة تهويد واستيطان في كل المواقع سواء بالبلدة القديمة او خارج وفي محيط المدينة بصورة عامة.

نحن ما نزال نندد ونرفض ونستنكر ونحيي الذكريات ونلقي الخطابات ...!!

بلفور لم يمت

حين صدر وعد بلفور عام ١٩١٧ كان عدد اليهود في فلسطين لا يتجاوز٥٪ والوعد لم يكن بريطانيا فقط ولكنه كان غربيا على نطاق واسع وكان للامم المتحدة دور فيه حتى أقرّت انتداب بريطانيا على بلادنا.

ولم يصدر الوعد حبا واحتراما لليهود ولكن ركضا وراء المصالح والقوى اليهودية من علماء واصحاب اموال ونفوذ دولي، وكان العرب في سبات عميق.

وبعد اكثر من ١٠٠ عام على صدور هذا الوعد، فأن «بلفور ترامب» وامثاله كثيرون، وهم يخضعون للنفوذ الصهيوني او يركضون وراء القوى والاموال والمصالح الصهيونية، لان السياسة ليست علاقات شخصية او مزاجية وانما هي نظرة واقعية للامور ومعطياتها وتداعياتها، ومن لا قوة له بكل اشكالها، فلا صوت ولا دور له، وما لم يحسب الاخرون امكانات وخطورة واهمية الطرف الاخر، فأنهم لن يهتموا به ولا بما يريد. وهذا منطقي وعملي في كل الاحوال والاجيال.

وبدون ان نصحو ونقوى ولدينا كل الامكانات فان اوضاعنا ستظل تسير من بلفور الى بلفور ..!؟