السطو على بترول سوريا

حجم الخط

بقلم: بن نورتون

 

في منتصف أكتوبر/‏ تشرين الأول، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لأنصاره أنه بصدد «إعادة جنودنا إلى الوطن» من سوريا. ولكن هذا لم يكن صحيحاً.

وإذا كان ترامب أمر بالفعل، بانسحاب جزئي من سوريا شمل نحو 1000 جندي أمريكي - كانوا يحتلون أراضي سورية بصورة غير مشروعة حسب القانون الدولي - إلا أن مسؤولين أمريكيين، وترامب نفسه، عادوا وأقروا بأن قوات أمريكية لا تزال في سوريا. وهي ستبقى في سوريا ليس من أجل ضمان سلامة أي جماعة من الناس، وإنما من أجل السيطرة على حقول بترول وغاز، وعلى أراض زراعية خصبة. ومن أجل هذا الهدف، قتل الجيش الأمريكي المئات من السوريين، ومن الممكن أنه قتل أيضاً حتى بعض الروس.

ولا يزال هاجس إسقاط الحكومة السورية يستحوذ على تفكير صانعي السياسة الأمريكيين، في حين أن الولايات المتحدة مصممة على منع دمشق من استعادة سيطرتها على بترولها، وكذلك على منطقة شمال شرق سوريا التي تنتج معظم ما تحتاج إليه البلاد من القمح.. والهدف الأمريكي هو حرمان الحكومة السورية من مداخيل تمكنها من إعادة إعمار البلاد.

والآن، لأول مرة، أكد الرئيس ترامب جهاراً الدوافع الإمبريالية وراء الاحتفاظ بوجود عسكري أمريكي في سوريا. ففي اجتماع لحكومته يوم 21 أكتوبر/‏ تشرين الأول، أقر ترامب قائلاً «نحن نريد الاحتفاظ بالبترول. ومن الممكن أن نكلف إحدى كبريات شركاتنا بأن تذهب إلى هناك، وتفعل ما يلزم».

وقبل ذلك بثلاثة أيام، كان ترامب قال في تغريدة عبر تويتر: «الولايات المتحدة أمّنت السيطرة على البترول».

وفي تقرير بتاريخ 20 أكتوبر/‏ تشرين الأول، أكدت صحيفة «نيويورك تايمز» هذه الاستراتيجية الأمريكية استناداً إلى «مسؤول رفيع المستوى في الإدارة»، وقالت إن «الرئيس ترامب يؤيد خطة جديدة «البنتاجون» تقضي بالاحتفاظ بقوة عسكرية أمريكية في شرق سوريا، تقدّر بنحو 200 عنصر، من أجل محاربة تنظيم «داعش»، ومنع تقدم الحكومة السورية، وقوات روسية إلى منطقة حقول البترول في المنطقة»، وقال المسؤول: «أحد الأهداف سيكون مساعدة الأكراد على الاحتفاظ بحقول البترول في الشرق».

وفي 21 أكتوبر/‏ تشرين الأول، تحدث وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر - الذي كان تولى منصب نائب رئيس شركة ريثيون، وهي إحدى كبريات شركات صنع الأسلحة، قبل أن يعينه ترامب في «البنتاجون» - في مؤتمر صحفي قال خلاله: «لدينا قوات متمركزة في شمال شرق سوريا بمحاذاة حقول البترول. وهذه القوات ليست بصدد الإنسحاب».

وأعلن إسبر أيضاً، أن الجيش الأمريكي «يسيّر على الدوام دوريات جوية قتالية في أجواء جميع قواتنا البرية في سوريا».

وقال أيضاً: «أحد أهداف هذه القوات (الأمريكية)، التي تعمل بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية (الكردية)، هو منع «داعش» وآخرين من الوصول إلى حقول البترول تلك، والاستفادة من عائداتها».

ومن الواضح أن «الآخرين» الذين أشار إليهم إسبر هم الحكومة السورية.

* كاتب وصحفي أمريكي - موقع «كونسورتيوم نيوز»