كل دم يسال على أرض غزة وصمة عار على جبين العرب والمسلمين...

حجم الخط

بقلم: عائشة عبيدان

 

تتساقط جثث الشهداء على أرض غزة لترتويها بدمائهم الطاهرة وتعلن أن الكيان الصهيوني مهما بلغ عدده وبلغت قوته فهو جبان أمام الإرادة الفلسطينية، والإصرار الفلسطيني، الذي يقف صامداً أمام جبروته وارهابه وقساوته، وأمام الضمائر العربية التي دُفنت في وحل الخيانة والمصالح، وتتساقط يوما بعد آخر، لإيمانه بأن الشهيد حيّ عند الله، فكيف بمن يدافع عن وطنه وكيف بمن يدافع عن مقدساته.

صمت عربي مؤلم، وإرهاب اسرائيلي قذر، وشهداء ودماء وجرحى ودمار لم تجد أمامها من يستشعر بها، ومن يوقف سريانها، العرب منشغلون بتفاهات الحياة وضجيجها، لعبٌ وَلَهْوٌ، وصراع على شق تمرة، أسودٌ على بعضهم تنطبق عليهم قصة المثل القائل " أسد عليّ وفِي الحروب نعامة ".

الجامعة العربية في خبر كان ورئيسها وأعضاؤها على رؤوسهم الطير وكما يقال " لا تهش ولا تنش ".

فمع دوي صفارات الإنذار الإسرائيلية هرع الإسرائيليون كفئران تختفي في جحورها الى الملاجئ، لتحتمي من عشرات الصواريخ التي أطلقها النشطاء الفلسطينيون، خوفاً وجُبناً، بالرغم من الإعلان عن عدم ورود أنباء عن وقوع إصابات أو خسائر في الأرواح.

هذه هي اسرائيل التي تدغدغ أمريكا على مشاعرها، وتعمل جاهدة لتحقيق مستقبل حدودها من الفرات الى النيل، كما تعلمناه في مناهجنا التاريخية، وكما يؤكد لنا الواقع اليوم مع قدوم رئيسها ترامب الذي استنزف مقدرات الدول العربية والخليجية بالأخص، من أجل المصلحة الصهيونية، وضخ موانئها بآليات عسكرية، لتمارس إرهابها على الشعب الفلسطيني المرابط الأعزل، واستقبلته الأحضان العربية بكل أريحية نكاية ببعضها البعض، الارهاب الاسرائيلي الموشح بالخطط الأمريكية وأسلحتها، اليوم دولنا الخليجية تفتح بواباتها لاسرائيل لمشاركتها في محافلها الاقتصادية والرياضية لتكشف غطاء السر الى العلن، وتؤكد بكل اعتزاز علاقتها بلا خجل، صُمّت آذانها عن استنجاد امرأة وصراخ طفل، وعُميت أبصارها عن رؤية دماء وجثامين غطت طرق غزة وأزقتها، وشلّت عقولها عن التفكير بشعب عربي مسلم يعاني الذل والحرمان في السجون والمعتقلات، لا تنديد لا استنكار لا مقاطعة.

هذا يدعونا الى الاستغراب مقارنة بسلوك صدر من طلبة جامعة هارڤرد بكلية الحقوق، بردة فعل قوية على القنصل الاسرائيلي عند إلقائه محاضرة عن شرعية مستوطنات الكيان الصهيوني المحتل على الأراضي الفلسطينية، فما كان منهم إلا مقاطعته وخروجهم من المحاضرة وتركهم المدرجات فارغة. من الذي دفعهم للمقاطعة أليست هي قناعتهم بحق الشعب الفلسطيني، ورؤية الممارسات البشعة والمستوطنات الممتدة تجاه من يدافع عن حقوقه المشروعة، وتقرير مصيره وعن أرضه ومقدساته؟ أين نحن من هذا السلوك ؟! التدافع والتسابق نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني ديدننا.

ابتلينا كأمة عربية بقادة يقاتلون بعضهم ويتخاصمون مع بعضهم ويدفعون شعوبهم الى الدمار والهلاك، ويسترضون أعداءهم ضد شعوبهم.. غارات متتالية على غزة خلفت المئات من الجرحى والعشرات من القتلى بينهم أطفال، وسط صمت عربي، وانهيار هدنة هشة، ولكن الى متى تلك المجازر الصهيونية والغطرسة الصهيونية ؟

كل دم يسال على أرضها وصمة عار على جبين العرب والمسلمين، كيف لا يصل كل ذلك وطرق التطبيع أصبحت سالكة بعدما كانت محفوفة ووعرة عندما كان هناك حدّ أدنى لوحدة الكلمة، وانتشار ثقافة المقاطعة لإسرائيل. عندما كان يعي القادة والمسؤولون قوله تعالى: " وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ " فنحن كشعوب لا نملك إلا الكلمات والأغاني للاحتجاج. وإسرائيل تسير في خطاها على أنغامنا وكلماتنا وتزيد في غطرستها وجرمها.

عن "الشرق" القطرية