الفلسطينيون يهزمون نتنياهو بالنقاط والروس يسقطونه

حجم الخط

بقلم فؤاد أبو حجلة

 

 صحيح أن اليميني المتطرف المولدافي الأصل أفيغدور ليبرمان هو الذي وضع النقطة الحاسمة في السطر الأخير في حياة بنيامين نتانياهو السياسية، عندما اتفق مع خصمه وغريمه السياسي بيني غانتس زعيم حزب أزرق أبيض على تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة عجز نتانياهو عن تشكيلها منذ تكليفه بهذه المهمة بعد الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة.

لكن الصحيح أيضاً أن الأعضاء الفلسطينيين في الكنيست هم الذين دفعوا نتانياهو إلى مسار الخروج غير الآمن من الحياة السياسية عندما أوصوا بتكليف غانتس بتشكيل الحكومة.

لذلك يبدو مبرراً غضب رئيس الوزراء المنتهي الصلاحية من النواب الفلسطينيين الذين يعتبرهم غرباء، لا يستقيم وجودهم السياسي مع مشروع الدولة اليهودية لما يسميه شعباً يهودياً. وقد تجاوز غضب هذا المهزوم كل حدود اللياقة، عندما خاطب الإسرائيليين في شريط مصور هاجم فيه عضوي الكنيست أيمن عودة، وأحمد الطيبي معتبرا أنهما يمثلان تهديدا وجودياً لإسرائيل، وقدم في هذا الشريط وصلة تمثيلية متقنة عبر فيها عن موقفه من المكون العربي في الحياة السياسية الإسرائيلية، وكان يؤدي ببراعة دور الحريص على "العرق اليهودي النقي" بينما هو في واقع الأمر يحاول البقاء على قيد الحياة السياسية لتجنب قضاء جزء كبير مما تبقى من حياته في السجن مداناً بتهم فساد كثيره تحاصره، وأفراد أسرته.

لكن، وبغض النظر عن غضب نتانياهو، تؤكد الوقائع أن هذا السياسي الذي استطاع احتلال كرسي رئاسة الحكومة الإسرائيلية فترة تعد الأطول في تاريخ دولة الاحتلال، سيعجز ليس فقط عن البقاء في سدة الحكم، ولكنه قد يعجز أيضاً عن البقاء خارج أسوار السجن، مثله في ذلك مثل سياسيين فاسدين آخرين في المنطقة.

نهاية تراجيدية لرجل فقد توازنه، وكان منحازاً منذ بداية مشروعه السياسي لنوازع ذاتية مدفوعة بقدر كبير من العنصرية، ووهم التميز الجيني، وكراهية الآخر. لكنها ليست نهاية الواقع الشاذ الذي تمثله إسرائيل، سواءً تحت حكم نتانياهو المغادر، أو غانتس القادم، لأن لا فرق كبيراً بين بيبي وبيني، ولا اختلافا حقيقياً في التوجه بين السياسي اليميني الفاسد والجنرال اليميني المدعوم من "قبضاي الكباريه" القادم من مولدافيا.. كلاهما ضد حق الفلسطينيين في دولة مستقلة وقابلة للحياة، وكلاهما مسكونان بالأسطورة التي تقوم على أكذوبة أرض الميعاد.

لماذا إذن أوصى خمسة من النواب العرب بتكليف غانتس؟

واقع الأمر أن التوصية لا تعني التحالف، وهي ليست موجهة لدعم غانتس بقدر ما هي موجهة لإلحاق الضرر بغريمه المستشيط غضباً. وقد عبر أيمن عودة وأحمد الطيبي عن هذا الموقف بكل وضوح، وفي تصريحات كثيرة فسرت لفلسطينيي الخط الأخطر سبب التوصية.

وكان من الممكن أن تكتسب التوصية قوة أكبر لو لم ينسحب منها نواب آخرون، محسوبون على جماعة عزمي بشارة.

في كل الأحوال، كان الفلسطينيون يريدون الرد على مواقف نتانياهو، وقد فعلوا ذلك وأثمرت توصيتهم عن هزيمته بالنقاط منذ اللحظة الأولى، لكن من وجه الضربة القاضية لرئيس الوزراء المنتهي الصلاحية كان الروسي أفيغدور ليبرمان الذي يعتبر نفسه على يمين زعيم الليكود المهزوم.

ورغم كل ما تقدم فإن القصة لم تنته بعد، والفصل الأخير فيها لا يزال مفتوحاً على سيناريوهات كثيرة، منها لجوء نتانياهو إلى الخيار الصفري، وشن حرب على غزة تعيق تشكيل حكومة جديدة، وتضمن بقاءه في الحكم، ولو لفترة قصيرة.

هل يفعل ذلك؟

الذين يعرفونه يؤكدون أنه لا يهتم إلا بنفسه، وهو الآن ذئب جريح لا أحد يستطيع قراءة رد فعله.