الراكضون وراء السراب ... الراقدون على الوهم

حجم الخط

بقلم ابراهيم دعيبس

 

الجامعة العربية تجتمع غدا لبحث التطورات الفلسطينية، ونحن توجهنا الى الجنائية الدولية، و ١٤ عضوا في مجلس الامن وقفوا معنا والاتحاد الاوروبي يقف معنا .. بالاضافة طبعا للدول الاسلامية كما ان ١٣٥ عضو كونغرس رفضوا موقف وزير خارجية اميركا المؤيد للاستيطان وانكار الاحتلال.

اي ان العالم كله تقريبا يؤيدنا ويؤيد مواقفنا وضد ممارسات الاحتلال والانحياز الاميركي الجنوني الاعمى له .. وهذا من الناحية النظرية ايجابي، ولكنه من الناحية العملية يظل مجرد كلام في الهواء.

ان الواقع الميداني كارثي مدمر. القدس تختنق بالمستوطنات والمستوطنين والاعتقالات واغلاق المراكز وبالضفة نحو نصف مليون مستوطن في حوالي ١٣٠ مستوطنة، عدا عن القدس التي فيها نحو ٢٠٠ الف مستوطن.

والبناء الاستيطاني لا يتوقف ومصادرة الارض متواصلة في كل المناطق .. والمنطقة المرشحة للضم في هذه المرحلة هي الاغوار ذات المساحة الواسعة والقليلة السكان.

حيث ان مشكلة اسرائيل الاساسية بالضفة هي السكان ولولا ذلك لاعلنوا ضمها كلها، ولهذا فانهم يبحثون عن المناطق الاقل سكانا من جهة ويعملون على تقطيع اوصال الضفة والروابط بين المدن الفلسطينية، من جهة أخرى، والرئيس يؤكد ان نتانياهو يرفض حتى مقابلته.

ومما يزيد الامور سوءا هو هذا الانقسام الذي يتعمق ولا يبدو في الافق اي انفراج، حتى ان دعوة الرئيس ابو مازن لاجراء انتخابات تواجه عقبات وتعقيدات والارجح انها ستظل مجرد فكرة غير قابلة للتنفيذ ما دام الانقسام قائما. وهذه الحالة تزيد المواطن الفلسطيني احباطا لانه غير قادر على قبول هذا الوضع او فهم دوافعه وأسبابه واستمراره، الا التمسك بالزعامات والمصالح الفئوية، وتغيب المصلحة الوطنية.

كما ان الاهتمام العربي بنا يتراجع وتزدحم المشاكل الداخلية بالعالم العربي عموما.

اعتقد اننا حين نتحدث عن حل الدولتين انما نركض وراء السراب والاوهام، لانه حل لم يعد ممكنا اطلاقا، والحل الاقرب والاكثر واقعية هو حل الدولة الواحدة بين البحر والنهر، وحكم ذاتي في القطاع، وهذا موقف أخذت بعض الدوائر والمراكز حتى الاميركية تفكر به واخذت تدرك أن اي حل آخر بات امرا مستحيلا. كما ان الخيار الاردني لم يعد واردا اطلاقا، وكان المقصود به وحدة اردنية مع بقايا الضفة وغزة.

لا بد ان يصحو هؤلاء الذين يركضون وراء السراب ويرقدون على الاوهام .. نحن في زورق يغرق .. فالارض تضيع والمستقبل يبدو مظلما ولا بد من صحوة سياسية واعادة تقييم الاوضاع والخروج من الحلقة المفرغة التي ندور فيها، واول مظاهر هذه الصحوة المطلوبة هو استعادة الوحدة الوطنية وتفعيل المؤسسات جديا وليس فرديا .. وبدون ذلك فان المستقبل يزداد سوءا والفجوة بين الناس والقيادات تتسع والفوضى الاجتماعية تنتشر .. فهل من يسمع ومن يستجيب وهل من يفكر بطريقة واقعية ويتصرف كما يجب ويخرج من دائرة السراب والاوهام ؟!

الجريمة الاسرائيلية .. ومأساة عائلة السواركة

تسعة بني آدميين من عائلة سواركة وبينهم خمسة اطفال، قتلهم الاحتلال في قصف على القطاع. انها مأساة انسانية بكل معنى الكلمة ووحشية احتلالية بدون مبالغة.

والمخجل والمؤسف ان المؤسسات الدولية ولجان الحقوق الانسانية في كل العالم مرت مرور اللئام على هذه الجريمة. ولو كان الامر معكوسا لكان الامر مختلفا، اي لو ان القتلى من عائلة يهودية واحدة، سيظل الحدث في صدارة الاخبار أسابيع عديدة. والسؤال لماذا لا يطالب احد بمحاكمة الذين ارتكبوا هذه الجريمة .. وهل مجرد الاعتذار الاسرائيلي والقول انه كان بالخطأ، يعتبر ردا كافيا؟

طلبات المساعدة للعلاج واين دور المستشفيات؟!

لا يكاد يمر اسبوع دون قراءة طلب من عائلة محتاجة للمساعدة المالية بهدف معالجة احد الافراد المرضى وغالبا ما يستجيب كثيرون لهذه الطلبات.

وكلما قرأت طلبا كهذا استغرب كثيرا من صمت المستشفيات الفلسطينية ومن يعنيهم الامر وكأنهم لا علاقة لهم إلا باستيفاء المستحقات المالية المطلوبة. لماذا لا تقوم هذه المستشفيات بتقديم العلاج او تخفيض النفقات لكل هؤلاء المحتاجين؟! والسؤال كذلك للمؤسسات الحكومية الوطنية ولماذا لا تقدم هي المساعدات اللازمة؟!

اسرائيل .. والزعامات والعنصرية ضد العرب !!

في اسرائيل يقتتلون على الزعامة اكثر من اية دولة اخرى بالعالم واكثر المقاتلين عن الزعامة هو نتانياهو الذي لا يترك شيئا ولا امرا او شخصا إلا وحاول استخدامه حتى يظل رئيسا للوزراء خاصة وان التحقيق وربما السجن بانتظاره.

ولقد تطاول بعنصرية واضحة على الفلسطينيين بالداخل والقائمة المشتركة بصورة خاصة حتى انه قال ان العرب يريدون إبادة اليهود ووصف نواب القائمة المشتركة بالطابور الخامس. وقال ان حكومة يدعمها هؤلاء النواب ستكون بمثابة عملية ارهابية تتطلب إعلان حالة الطوارىء.

ولقد ادى المأزق الحكومي هذا الى احتمال اجراء انتخابات جديدة وهو امر يرفضه الكثيرون، ولولا حب الزعامة والسيطرة لكان بامكان نتانياهو وخصمه غانتس تشكيل حكومة موحدة يتناوبان على رئاستها ولكن كل واحد منهما يريد ان يكون اولا وصاحب الفترة الاطول، مما ادى الى الوضع الراهن المغلق.