كشف الخبير العسكري الإسرائيلي يوىف ليمور، أن هناك خلافاتٍ واضحة بين جيش الاحتلال وجهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، بسبب الأوضاع في قطاع غزة.
وأوضح ليمور في مقالٍ نشره اليوم الأحد، بصحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية حول الوضع في غزة، أن سياسة المعركة بين الحروب التي تنتهجها "إسرائيل" منذ سنوات باتت تلجأ إليها بهدوء وروية، بعد أن كانت تتبعها بصورة فورية وسريعة، وفي كل الجبهات، سواء في غزة أو الشمال، خشية أن أي عملية منها في واحدة من هذه الجبهات سوف تمتد غلى جبهات أخرى وتؤثر عليها.
وأضاف أن من يخطط في "إسرائيل" لتنفيذ عملية في واحدة من هذه الجبهات، عليه أن يأخذ بعين الاعتبار التبعات المتوقعة في جبهات أخرى للرد عليها، وهذه الأسباب جعلت مستوى المعركة بين الحروب تأخذ معدلات منخفضة في الآونة الأخيرة.
وأشار إلى أن كبار الجنرالات الإسرائيليين يؤكدون على أن هذه المعركة ما زالت قائمة، وتهاجم في عدة أماكن، لكنهم في الوقت ذاته يعترفون أنه لا بد أن يطرأ عليها تغيير فوري، من أجل أن تكون "إسرائيل" في حالة جاهزية لمواجهة التحديات الماثلة في المنطقة.
وأفاد بأن الوضع في غزة ليس بعيدًا عن التغير الحاصل في السياسة الإسرائيلية، فقطاع غزة شهد هدوءًا في الأسبوع الماضي، بعد أن وصلت قذائفه الصاروخية إلى بئر السبع جنوب الأراضي المحتلة، لكنها المرة الأولى التي يتحدث فيها ضابط إسرائيلي كبير عن تغيير ذو ماهية كبيرة هناك، رغم أن الصراع لم ينتهِ كلياً.
وأكد على أن "إسرائيل" تديرها حكومة انتقالية، وتشهد حالة من عدم الاستقرار السياسي، ولا يعرف أحد كم يمكن لها أن تسير بعيدًا مع عدو مرير كـ"حماس" في غزة لا يعترف بها، مع العلم أن الجيش يحذر من تفاقم الوضع المعيشي والاقتصادي والإنساني في القطاع، ويدرك تماماً أن البديل لعدم تحسينه هو الحرب، وإشارة الهدوء التي تعطيها حماس للوسطاء ليست مفتوحة إلى شعار آخر، ولا يعرف أحد في "إسرائيل" متى ستنتهي.
وأضاف أن الخلاف الدائم في "إسرائيل" بين الاستراتيجي والتكتيكي، انتقل للحديث عن غزة، فالجيش يرى أنه يمكن المضي بعيدًا مع حماس في التفاهمات، رغم أن ذلك يحمل مخاطرة أمنية، مثل إدخال عمال فلسطينيين إلى إسرائيل ومستوطنات غلاف غزة، في حين أن جهاز الأمن العام-الشاباك يعارض ذلك؛ خشية تسلل المنظمات الفلسطينية بين هؤلاء العمال.
وأشار إلى أنه رغم الهدوء السائد في غزة، فإن الجيش يرى أنه محظور الاعتراض على خطوات إستراتيجية بعيدة المدى من أجل حسابات تكتيكية، لأن العمليات المسلحة كانت، وما زالت، وستبقى، ولذلك يجب النظر إلى الصورة كاملة نحو المستقبل، فإما الهدوء لفترة طويلة من الزمن أم الحرب الشاملة، وبعدها غزة ستعيش مرحلة انهيار، و"إسرائيل" ستكون مطالبة بالسيطرة على مليوني نسمة، وعدد لا محدود من المشاكل.
وأوضح أن هذا الجدال يفرض نفسه على طاولة نقاشات المستوى السياسي الإسرائيلي، مع أن التطورات الأمنية على الجبهة الشمالية أزاحت موضوع غزة جانبًا، لكن غزة ما زالت موجودة بيننا، وتشتعل، ولا يمكن لـ"إسرائيل" أن تهرب من حسم الأمور في غزة، خاصة في حال أظهر الطرف الثاني رغبة في التوصل لتسوية للوضع في القطاع.
وأردف قائلًا: "إن هناك إشارات واضحة باتت ترى بالعين المجردة لرغبة مختلف الأطراف لتثبيت التفاهمات المتفق عليها في غزة، ومن المشكوك أن تجد "إسرائيل" في وضع الضعيف، الوضع في غزة متجه لتغير جذري، ومستوطنو الغلاف بحاجة للهدوء الأمني، والوسطاء مستعدون لعمل كل ما هو مطلوب، ومن الواضح أن كل المعطيات والفرص متاحة حاليا، وفي مكانها الصحيح، تبقى فقط اتخاذ القرار من جهة إسرائيل".
يشار إلى أنه في وقت سابق قال رئيس قسم حماية الجبهة الداخلية بمعهد الأمن القومي بجامعة تل أبيب الجنرال مائير ألرن، في مقالة بصحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، إن "إسرائيل" ستكون أمام خسائر غير مسبوقة من حيث عدد القتلى والجرحى في أي مواجهة مقبلة على أي جبهة سواء كانت الجنوبية أو الشمالية، مشيرا إلى ان مواجهة غزة الأخيرة شكلت شهادة إضافية على أننا غير مستعدين للمخاطرة المستقبلية.
وأضاف أن القرار الإسرائيلي بإغلاق كل الدولة خلال المواجهة الأخيرة مع غزة ليست قرارًا سليمًا، وليست حلًا للمشكلة الأمنية، لأنه بسبب منظمة صغيرة مثل الجهاد الإسلامي اضطرت "إسرائيل" لأن تصاب بالشلل، فماذا سنعمل في مواجهة مستقبلية في حال انضمام حماس وحزب الله.