عفو عام قبل الإنتخابات أو فتح كل الملفات للمحاسبة

حجم الخط

بقلم د. طلال الشريف

 

 لا يجوز إجراء إنتخابات في فلسطين بنيت على ظلم الآخرين لأن ذلك يؤسس لإنقسامات خطيرة على السلم الأهلي ولن يكون مدخلا للمصالحة بشكل عام ولا للمصالحة المجتمعية بشكل خاص.

إذا كانت حماس والرئيس عباس جادين في موضوع الإنتخابات فليسارعوا لتهيئة البيئة المجتمعية والسياسية من أدران ما أحدثوه داخل المجتمع، وهم أي الطرفان مسؤولان عن كل ما جرى منذ يوم الإنقسام وحتى يوم الإنتخابات،.

لو أن هناك فرصة لقوى شعبية حية لكان الأولى محاسبتهم جميعا قبل الانتخابات بدءا بتهمة الإهمال الوطني وإهدار كل الطاقات لشعبنا وسقوط الضحايا، ومرورا بالعقوبات التي تعد جرائم جماعية والاعتقالات التي شهدت أقسى أنواع التعذيب للمواطنين واستغلال مقدرات الشعب الفلسطيني لمصالح حزبية من أموال وأسلحة أستخدمت ضد المواطنين الأبرياء وفي غير موضعها وفي غير ما جلبت من أجله وهو مقاومة الإحتلال وإنتهاءا بما أصاب القضية الوطنية من ضياع للقدس ومصادرة الأراضي وعدم التصدي للإستيطان وإضعاف الشعب الفلسطيني وقضيته في المحافل الدولية وفي مواحهة الإحتلال بسبب صراعهم على السلطة ومكاسبهم الشخصية والحزبية، وبدل أن يعملوا لخدمة المواطن هم عملوا لمصالهم الخاصة والحزبية وأضروا بمصالح الشعب والمواطنين.

ما ترتب على سلوك حماس وعباس حال دون تمكن المواطن من العمل والعلاج والتعلم والثبات في الوطن، وبخلافهم على السلطة أضروا بالعملية الديمقراطية، وإستأصل كل منهم معارضيه، إما بالقمع والتهديد والإعتداء الجسدي والمحاكمات على قضايا سياسية لها علاقة بمواقف سياسية للمعارضين لأي من الطرفين، وفي هذا المجال من طوردوا وأبعدوا وقدموا لمحاكمات صورية لتعزيز مكانتهم في الحكم، وهما الطرفان في الأصل من تسببوا في الإنقسام وهو سلوك ضار، فكيف هم يحاكمون المواطنين وهم أصل المشكلة، وتجب محاكمتهم على دورهم في الإنقسام، فكل ما فعلوه باطل ومبني على خطأ هم إرتكبوه، والأولى أن هم من يجب أن يحاكمهم الناس على ما ترتب على ذلك،.

هل يجوز أن يفلتوا من العقاب والمحاسبة ليورطوا المظلومين سواء من المواطنين أو معارضيهم ، أليس هذا هو الظلم بعينه ؟

أليس من يجب محاكمتهم هم، وليس هم من حاكموا ويحاكمون الناس والمعارضين ، أليس إستمرار هذا الظلم أو عدم إبطاله يؤسس للفوضى ويهدد السلم الأهلى ولا تسقط تلك الجرائم التي إقترفوها بالتقادم، فكيف بالله عليهم أن ينجوا هم بالخداع والإستقواء على الناس والمجتمع ويهربوا من العقاب ويتركوا الآخرين لعقوباتهم ومحاكماتهم الصورية التي بنيت على خطأ، وعن عمد، وتعمد مقصود تلفه الخلافات السياسية، لأن هذا ظلم مضاعف ويؤسس للفوضى والإقتتال من جديد فالظلم تحت حكم الطرفين فاق كل الحدود ولن يتمتع مجتمعنا بالسلم الأهلي إلا بحل كل ما ترتب على إنقسامهم وظلمهم للآخرين.

إما العفو العام وإلغاء كل القضايا التي ترتبت على ذلك أو فتح كل الدفاتر والقضايا، ويتحاكم الجميع، ويحاسب كل من تسبب بالظلم لشعبنا، وارتكب في حقه من جرائم جماعية تحاكم عليها المحاكم الدولية.

أما أن يفرضوا من جديد الأمر الواقع بما هو في مصلحتهم، فهذا لن يدوم ولن يؤسس لمصالحة ولن تسير انتخابات حقيقية لتنقذ الشعب الفلسطيني من محنته التي هم سببها الأول والأخير.

العفو العام هو المدخل الحقيقي لإنتخابات في فلسطين بعد أن جروا المجتمع للتهلكة والآن ينصبون أنفسهم قضاة وقادة من جديد لينتخبهم الشعب ويعودوا وكأن ما جرى بسببهم هو فيلم هندي كنا نشاهده على ساشات العرض وأن حقوق وحياة الناس لعبة يتلهون بها.

ما بني أو سيبنى على ظلم لن يمر ولن يكبر البنيان إلا بتبييض الصفحات وعلاج ذلك العفو العام عن الجميع وإصلاح الضرر وجبر الخواطر وتعويض المتضررين وعودة المبعدين والمعارضين واغلاق كل الملفات وأولها المحاكمات الصورية التي جرت على خلفيات سياسية وإلا ستحدث نزاعات وتتصاعد الفوضى في الشارع الفلسطيني وتكون الانتخابات باطلة وغير نزيهة تكافئ المهمل والمجرم واللص ومن شفطوا مقدرات البلد لجيوبهم وأحزابهم بظلمهم لشعبهم وتمرير ظلمهم بالقوة على المظلومين وليعلموا أن الظلم ظلمات ولن يدوم ولا يؤسس لمرحلة جديدة لصالح الشعب الفلسطيني.

إغلاق كل الملفات والمحاكمات السياسية التي بنيت على باطل في الصراع السياسي في غزة والضفة الغربية هو ضرورة لمن أراد لشعبه الخير وما لا فلا.