08 أيلول 2015
بقلم: ميخال اهاروني
يصعدون على سفن مهترئة ويدخلون صفائح مغلقة دون ذرة هواء، يقفزون عن الجدران الكهربائية، وهم يعرفون أن فرصة اكمال المسيرة ضعيفة. ولد يموت على الشاطئ يزعزعنا ويفطر قوبنا. إنهم الآباء الذين يعرفون أن هذا قد يكون ابنهم. مئات آلاف الاشخاص الذين هم مستعدون لعمل أي شيء من اجل الحياة. هذه هي القصة، وليس مهما اذا كانوا هربوا من خطر «داعش» أو الجوع أو الحروب في افريقيا. في السطر الاخير، يدور الحديث عن بشر يراهنون على الورقة الوحيدة التي بقيت لهم. وفي ظل غياب الأمل فانهم يراهنون على حياتهم وحياة أبنائهم.
ننظر الى اوروبا ولا نفهم أن ما يحدث هناك يؤثر علينا. لأنه سيأتي اليوم الذي سيشعر فيه جيراننا في غزة بنفس الشعور الذي يشعر به اللاجئون الذين يحاولون الوصول الى بر الأمان، ويبحثون لأنفسهم ولأبنائهم عن مستقبل أفضل، ويحلمون بأن تكون لهم أحلام.
نعم، هذا سيحدث هنا ايضا، بعد 10 أو 20 سنة، وهذا غير مهم. في يوم ما سيبدأ ملايين الفلسطينيين بالسير باتجاه اسرائيل. نهر من الناس غير القادرين على التحمل وملوا من الاغلاق ومن تقرير ماذا يأكلون وماذا يشربون. ملايين الناس الذين نتجاهل ضائقتهم بشكل منهجي، مثل اللاجئين الذين يصلون الى اوروبا، سيشعرون أن لا خيار لهم.
تقرير الامم المتحدة، الذي نشر قبل بضعة ايام، يحذر من أنه اذا استمر الوضع الاقتصادي السائد في غزة ولم يتحسن حتى 2020، فان غزة لن تكون صالحة للعيش. الحرب في السنة الماضية قضت على الطبقى الوسطى في القطاع، وخلفت مئات الآلاف بدون سقف. سكان غزة يعتمدون على المساعدات الانسانية، لا يوجد بناء، لا يوجد تطوير، لا يوجد انتاج، نحو مليوني انسان يعيشون من الهواء.
اسرائيل ليست هي المسؤولة الوحيدة عن هذا الوضع الصعب. فمصر تبني الآن عشرات الكيلومترات من برك الاسماك على الحدود، وتفصل نفسها عن الغزيين. سلطة «حماس» هي التي شجعت حفر الانفاق باتجاه اسرائيل. إنها منظمة «ارهابية»، صحيح أنها انتخبت بانتخابات ديمقراطية: لم يجبر أحد السكان على التصويت لاسماعيل هنية. لكن عندما يخيم اليأس، فان الادعاءات المنطقة لن تجدي أحدا. سنكون العنوان وسيصلون الينا. في الوقت الذي سيحارب فيه الممثلون الاسرائيليون على الرأي العام في الاستوديوهات المكيفة، والناس يناضلون من اجل حياتهم تحت الشمس الحارقة، لن يكون بالامكان اطلاق النار عليهم أو قصفهم أو القضاء عليهم.
صحيح أنه سيكون هناك ابطال يطلبون التصرف ضدهم بحزم. لكن في السطر الأخير فاننا جميعا نعرف أن هذا لن يحدث. مليون ونصف مليون انسان يصلون الى الجدار ويطلبون الطعام والسقف والعيش بانسانية. هذه هي الصورة، وهذا هو الوضع الذي سنواجهه.
سيطرت «حماس» على السلطة قبل ثماني سنوات، وأثناء هذه المدة لم تقرر اسرائيل أي قرار استراتيجي بالنسبة لغزة والسلطة في القطاع. القيادة الاسرائيلية تختبئ تحت مفهوم «إدارة الصراع»، اطلاق من هناك وعملية من هنا والقليل من الهدوء وهكذا دواليك. لكن ليس هناك سياسة واضحة، فقط الكلام ومزيد من الكلام.
إن ما يحدث في اوروبا يجب أن يضيء الضوء الاحمر. على بعد ساعة سفر من تل ابيب يعيش ملايين الناس بدون أمل وبدون مستقبل. إنهم مثل اللاجئين الذين يصلون الى اوروبا، يريدون العيش. وعدم اتخاذ القرار المناسب من ناحيتنا سيدفعهم الى فعل الشيء ذاته – البحث عن الحياة.
عن «معاريف»a