لن تحدث كارثة سواء أرحل نتنياهو أم بقي

حجم الخط

بقلم: جدعون ليفي


انتقل الصراع السياسي في إسرائيل من مرحلة السخرية أي مرحلة الذهان. فما بدأ بالشكوك ضد بنيامين نتنياهو والضلال وعجز اليسار – الوسط الذي وجد نفسه أخيراً هدفا لمحاربته بشدة، وتضخيم نتنياهو بأبعاد مخيفة، يستمر الآن ضد العنف اللفظي المجنون لليمين البيبي. القاسم المشترك بين الطرفين هو المبالغة الجامحة والانقطاع عن الواقع. البداية كانت مسلية، واستمرارها اقل تسلية.
لا يوجد أي فرق بين الرؤية المخيفة للمعسكرين: نهاية العالم. إذا توقف نتنياهو عن تولي منصب رئيس الحكومة فستحل نهاية العالم؛ وإذا بقي نتنياهو على كرسيه فهذا سيكون نهاية الحضارة. في المعسكرين لم يتنازلوا عن أقل من ذلك. الكارثة تحتل مركزا مهما في الرؤيتين. نتنياهو النازي، شاي نيتسان النازي.
هناك زعران لفظيون في الطرفين، حتى لو كانت لغة البيبيين في اليمين اكثر هبوطا وتهديدا. «لقد هزمنا الألمان، وسننتصر أيضا على كل من يطاردك»، اليمين؛ نتنياهو مع شارب وصليب معقوف، اليسار؛ تركيا وكوريا الشمالية توجدان هنا. رون كرمي بوزغلو يهدد «لا تتعرض لنا فهذا كبير عليك. اصنع معروفا لنفسك»؛ اوري مسغاف يتنبأ بـ»هذا سينتهي بقتل. نتنياهو واوحانا يحرضان على المس جسديا بنيتسان وليئات بن آري»، («هآرتس» 28/11). أنقذونا، حرب أهلية تقترب. الطرفان يحركان القوات. الواقع غير واضح. هكذا هو الأمر، حيث يوجد فراغ فكري في المعسكرين – يخترعون فزاعات من أجل محاربتها، ويضخمونها إلى درجة خطر مدمر. نتنياهو من هذا الجانب والنيابة العامة والإعلام من الجانب الآخر. كل نصف شعب له عدوه. ومن يستخف بمظاهرات اليمين من الأفضل أن ينظر إلى التصريحات المقابلة، وسيجدها أحيانا مثيرة للضحك، ليس أقل من تلك.
الواقع هو كما يلي: لقد تم تقديم لائحة اتهام ضد رئيس الحكومة. هو ليس السياسي الاكثر فسادا في تاريخ إسرائيل، لكن يجب عليه الاستقالة فورا. جهاز تنفيذ القانون يقوم بدوره على افضل وجه. نهاية نتنياهو قريبة. وبعده لن يظهر الضوء. هذا الواقع يقوم الطرفان بتشويهه حسب مصالحهما. نتنياهو الإله، من هذه الجهة، ونتنياهو الشيطان من الجهة الأخرى. وهو ليس أياً منهما.
فساد نتنياهو أقل خطرا مما يتم وصفه. ايضا النيابة والشرطة ليستا ما يصرخ به اليمين. الخطر على الديمقراطية الإسرائيلية الوحيدة في الشرق الاوسط أقل مما يدعيه الطرفان. وفي معظم الحالات لا يمكن التعامل مع النظام في إسرائيل على أنه نظام ديمقراطي. لأن ثلث الرعايا فيه تقريبا يعيشون تحت الحكم العسكري الوحشي.
أتباع سلطة القانون الذين يهتمون جدا بمستقبل جهاز القضاء يطمسون خيانته المستمرة لوظيفته. ولكن ايضا من يحرصون على الديمقراطية لليهود يمكنهم الهدوء. يدور الحديث عن ظلال الجبال. لائحة الاتهام ضد رئيس الحكومة تم تقديمها. ونتنياهو سيتم تقديمه للمحاكمة. وكل محاولات التحريض وصرف الانتباه لن تغير في الأمر شيئا.
الآن السؤال الوحيد الذي يشغل إسرائيل هو مستقبل رئيس الحكومة. لا يوجد أي شيء آخر يوجد على جدول الأعمال. هذه هي الطريقة التي يمكن أن تواجه معركة عامة ومصممة ومجتمعا يقظا واعلاما مقاتلا. وهذا ربما هو الهدف الخفي للعاصفة التي توجد فيها إسرائيل: بدل الانشغال بوجهة الدولة ومستقبلها، ينشغلون بنتنياهو. وماذا بالضبط سيحدث لإسرائيل في اليوم التالي لنتنياهو؟ الوسط سيقفز في البركة في ميدان المدينة. واليمين سيرتدي الكيس وينزل الرماد على نفسه. وبعد ذلك، هل هذه ستكون دولة أخرى؟ بالتأكيد لا.
وهذا ما كتبه مسغاف بالعبارة الصريحة المميزة لليسار – الوسط عن نتنياهو: شعار الانتخابات يجب أن يكون «لننقذ الدولة. من البداية يجب التوضيح بأن الامر يتعلق بحالة طوارئ... توقفوا عن الخوف وبث الرعب واليأس. يوجد تعطش وغضب في جانب. وفي الجانب الآخر يوجد شبع وتعب الى جانب شرخ داخلي وضياع... لا تخافي، يا إسرائيل، قريبا سينتهي هذا الكابوس».
لقد كسبنا. الدولة تم إنقاذها. والديمقراطية بقيت على قيد الحياة. والمسيح المخلص في الطريق.

عن «هآرتس»