في إطار مساعيها لتحليل التكتيكات العسكرية التي اتبعتها كتائب القسام منذ انتهاء العدوان على قطاع غزة، أشارت إذاعة الجيش الإسرائيليّ إلى أنّ حماس ركزّت في هذه الجولة من التصعيد على تنفيذ هجمات مغاوير خلف خطوط العدو، وهذا يعود بحسب المحللين العسكريين إلى شخصية مروان عيسى قائد أركان كتائب القسام الذي تولى هذه المهمة بعد اغتيال أحمد الجعبري.
وبحسب معطيات الاستخبارات العسكرية فإنّ قائد أركان كتائب القسام مروان عيسى الذي يقود كتائب القسام رجل يؤمن بدور القوات الخاصة في المعارك، فيما يتعلق بإلحاق خسائر بالقوات الإسرائيلية وما ينجم عن ذلك من ضرب معنويات الإسرائيليين ورفع معنويات الفلسطينيين. وبحسب المصادر الإسرائيلية فإنّ مروان عيسى في نهاية العقد الرابع من حياته، وهو نادر الظهور، ومن نمط القيادات التي تدير الأمور من خلف الستار.
وطبقًا لما ذكره ضابط رفيع في استخبارات الجيش الإسرائيليّ فإن عيسى كان صاحب فكرة إنشاء القوات الخاصة داخل كتائب القسام، حيث أشرف شخصيًا على اختيار وتدريب هذه القوات المنفصلة تنظيميًا عن هيكلية كتائب القسام والتي تكرس معظم وقتها للتدرب على تنفيذ عمليات خاصة والتصدي للقوات الخاصة التابعة للجيش الإسرائيلي في عمق قطاع غزة على حد زعمه.
ولفت باحث إسرائيلي في مركز الأمن القومي الإسرائيلي، وهو ضابط رفيع بالخدمة الاحتياطية في الجيش إلى أنّ عيسى كان صاحب فكرة إعداد قوات خاصة داخل كتائب القسام منذ فترة طويلة، بهدف تنفيذ عملية اقتحام واسعة النطاق للمستوطنات داخل القطاع بمشاركة المئات من هذه القوات، ولكن تلك الخطة لم ترى النور بسبب الانسحاب الإسرائيلي من القطاع، على حدّ تعبيره، مُضيفًا أنّ قائد أركان القسام الحالي عيسي كان عندما يقود القوات الخاصة في كتائب القسام يكرس معظم التدريبات لإحباط عمليات القوات الخاصة الإسرائيلية داخل القطاع، والتدرب على تنفيذ هجمات خلف خطوط الجيش الإسرائيلي لأن مثل هذه الهجمات يفوق أثرها قتل الجنود ويحطم معنويات الإسرائيليين.
وفي السياق عينه، كشف جيش الاحتلال النقاب عن أنّ قوات الكوماندوز البحري التابع لكتائب “القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس″ تشكل تحديًا كبيرًا له على الحدود البحريّة، واصفًا تلك التحديات بالأكثر تعقيدًا. ووفق تقرير نشره موقع الجيش الإسرائيليّ، فإنّ “القسام” سيستخدم القوة البحرية على نحو أكثر بكثير في المواجهة المقبلة، مبينًا أنّ الأخير يقوم على تطوير قدرات جنوده بحريًا، وأنه سيستخدمهم في تدمير أهداف في المرحلة المقبلة. وقال قائد في قاعدة “أسدود” العسكرية التابعة لجيش الاحتلال الجنرال آفي أبسكر: حماس ستحاول مهاجمتنا عن طريق البحر بشتى أنواع الطرق، وتستعد لإلحاق الضرر الكبير في قواتنا سواء البرية على الساحل أو البحرية في العمق.
وأضاف أبسكر: نحن نعلم أن القسام يشكل تهديدًا كبيرًا، ويجب التعامل معه بشكل فوري وسريع، على حدّ تعبيره. وأوضح القائد العسكري في جيش الاحتلال أن عملية “زيكيم” البحرية التي نفذها “كوماندوز القسام” أثبتت عجز أجهزة المراقبة البحرية التي نصبها الجيش، وأنّه بعد تلك العملية قام الأخير بتطوير قدرات أنظمة المراقبة البحرية خاصة على القواعد العسكرية، وقام بتكثيف تلك الأنظمة. وكشف الجنرال الإسرائيليّ النقاب عن أنهم قاموا بوضع برنامج تدريبي لجنودهم، لكشف أي تحرك بحري لغواصي “القسام”، بالإضافة إلى استعانتهم بأجهزة جديدة وأكثر تطورًا للكشف عن التحركات البحرية، بالإضافة إلى الإجراءات الروتينية التي يتبعها الجيش في حماية سواحل قواعده.
ولفت إلى أن الجيش قام بتدريبات عملية على تلك الأجهزة وعلى وحدات المراقبة، مُعبّرًا عن أمله في أن تستطيع تلك الأنظمة وقف أي هجوم بحري من قبل “القسام”، موضحًا أنّ الأخير يعمل على تطوير قدرات عناصره في الهجوم على القواعد الإسرائيلية. يذكر أن كتائب “القسام” خلال العدوان الإسرائيليّ الأخير على قطاع غزة صيف العام 2014، كشفت لأول مرة عن قوات بحرية قامت بتدريبها لعمليات هجومية ضد الاحتلال، حيث قامت تلك القوة القسامية بمهاجمة قاعدة “زيكيم ” البحرية العسكرية وأحرجت الاحتلال بتصويرها للعملية والخسائر التي تكبدها الاحتلال في القاعدة المحصنة.
كما أن مصادر محلية أكدت أن عناصر “القسام” البحرية تمكنت قبل نحو أسبوعين من السيطرة على دلافين بحرية يستخدمها الاحتلال في التجسس والهجوم على عناصر “الكوماندوز القسامية”، ووجد عناصر “القسام” على ظهر تلك الدلافين وسائل هجومية. إلى ذلك، أعلن الجناح العسكري لحركة حماس، كتائب عز الدين القسام، أنّ أحد رجال الوحدة توفي بعد أن غرق خلال تدريب مقابل شواطئ بيت لاهيا شمالي قطاع غزة. ويدور الحديث عن المحارب، سحر نبيل البحري (27 عامًا) من بيت لاهيا، الذي أصبح رمزًا لوحدة “الضفادع البشرية”.
على الرغم من وفاته غرقا، الأمر الذي يضع علامات سؤال واضحة حول التأهيل البحري الذي تلقاه المحاربون، يقدر الجيش الإسرائيلي أن وحدة الكوماندوز البحرية التابعة لحماس مدربة جيدا ومعدة بأكثر الأجهزة تقدمًا.
وبحسب تقديرات الجيش الإسرائيلي فقد قامت الوحدة باستخلاص العبر بعد حادثة تبادل إطلاق النار الخطيرة التي وقعت في كيبوتس “زيكيم” (Kibbutz Zikim) خلال الحرب الأخيرة على غزة، عملية “الجرف الصامد” ، والتي قُتل خلالها خمسة محاربين من الوحدة. وتابعت المصادر العسكريّة الإسرائيليّة قائلةً إنّه على مدى السنة الأخيرة، ضاعفت الوحدة قوتها وفي صفوفها اليوم عشرات من المحاربين المدربين، وهم من الشباب المندفعين لاستغلال ما تحت الماء لتنفيذ عملية إستراتيجية في إسرائيل خلال الحرب القادمة على القطاع، على حدّ تعبير المصادر.