حلف الدفاع بين إسرائيل والولايات المتحدة .. ضرره أكبر من نفعه

حجم الخط

بقلم: عاموس جلعاد


حلف دفاع بين إسرائيل والولايات المتحدة فكرة ممتازة سطحياً لمن ليس ضالعاً في الأمور، أما عملياً فهي فكرة تفوق أضرارها منفعتها. من جهة من الواضح أنه من المجدي أن نكون مرتبطين بحلف دفاع مع الولايات المتحدة، ولكن لأجل ماذا؟
توجد دولة إسرائيل في منطقة جد مركبة تستوجب نشاطاً مستقلاً للجيش الإسرائيلي، ونشاطاً لا ينسجم في أحيان قريبة مع السياسة العامة للولايات المتحدة على مدى السنين. أما في إطار حلف الدفاع فسيتعين على إسرائيل أن تطلب الإذن وتنسق مسبقاً كل نشاط وأن تخضع للقيود.
التعاون الاستخباري موجود على أي حال. ومن الأفضل إبقاؤه مرناً وعدم تعريفه في اتفاقات بسبب أهميته.
لا يمكن توسيع الحديث عن القيود الأمنية، ولكن ليس سراً مثلاً أنه في حرب الخليج طلبت الولايات المتحدة من إسرائيل الامتناع عن مهاجمة صدام حسين، الذي أمر بإطلاق الصواريخ على إسرائيل. لقد كانت المصلحة الإسرائيلية، والتي كانت موضع خلاف، أن تقبل بالطلب الأميركي ولكن هذا ليس كذلك دوماً.
لإسرائيل توجد اليوم علاقات أمنية متفرعة ومؤثرة للغاية مع جهاز الأمن الأميركي خاصة ومع الولايات المتحدة عامة. هذه العلاقات هي عمود فقري مركزي في الأمن القومي لإسرائيل، أكثر مما كان في أي وقت مضى. العلاقات واسعة وشاملة، في مجالات متنوعة، وهي مضاعفات القوة والقدرة لإسرائيل.
لهذا السبب بالذات من الأفضل التركيز على توسيع العلاقات العملية الطيبة والمتفرعة التي توجد اليوم، وعدم تكبيل أيدينا بأحلاف منفعتها موضع شك.
الأمر صحيح أيضاً بالنسبة لمسار المواجهة مع إيران، والذي توجد فيه إسرائيل. من الأفضل أن يكون تفكيرنا ينطوي على التشاور مع الولايات المتحدة، على أن يكون القرار النهائي في أيدينا.
كما ينبغي أن نتذكر ميل الرئيس الأميركي الحالي لتقليص التواجد الأميركي، الميل الكفيل بأن يكون على تناقض مع حلف الدفاع، وهكذا يوجد خطر في أنه نتيجة للحلف ينشأ توتر زائد بين الطرفين. من الأفضل أن تكون الأمور من تحت سطح الأرض. هكذا مثلاً تضطر إسرائيل لتجري اليوم تنسيقاً أمنياً مع الروس، الدور الذي أدته الولايات المتحدة في الماضي كقوة عظمى عالمية حيال روسيا. إذا كان الحلف هنا دفاعاً، سيتعين علينا أن نساوم الأميركيين على دورهم.
ينبغي أن نفحص بعمق طبيعة الصفقة. من الصعب أن نصدق بأن توافق الولايات المتحدة على حلف دفاع حقيقي، كون الدول العربية أيضاً ستطلب مثل هذه الأمر. سيعطينا الرئيس ترامب تعهداً بمنع تهديد وجودي، إذا كان هذا مجرد تصريح عمومي فهو دوماً جيد، ولكن حلف الدفاع هو أكثر من ذلك بكثير، ويمكن أيضاً الفحص فيما إذا كان هذا ممكن التحقيق حقاً.
عندما نجري الحساب من الأفضل أن نحافظ على قدرة عمل الدولة في منطقة مركبة مثل الشرق الأوسط أولاً، وقبل كل شيء حيال إيران، وتوجد أيضاً تحديات أخرى. الحل الصحيح هو توسيع التعاون الأمني المبهر بحد ذاته.
يبدو أن أساس المبادرة لحلف الدفاع هو في إسرائيل، ويبدو أنه ينبع من اعتبارات سياسية داخلية مثل تعزيز الصورة قبيل الانتخابات. إن الاعتبارات السياسية مشروعة ظاهراً، ولكنها تأتي دوماً على حساب الاعتبار الأمني. إن من شأن السياسة التصريحية أن تضر أيضاً لأنها تستفز الطرف الآخر وتدفعه ليضعها قيد الاختبار.
من الحيوي أن يكون كل نقاش في هذا المسار موضوعياً وعميقاً وألا يجري في تصريحات متسرعة قبل الانتخابات. ثمة حاجة إلى دراسة مفصلة، إعداد أوراق موقف، مداولات عميقة وإقرار من المستويات الأمنية والحكومية المختلفة. هذه المرة لا يبدو هذا جدياً، بل أشبه بالدعاية الانتخابية.

عن «يديعوت»