الاقتصاد الإسرائيلي نما على حساب شعبنا

حجم الخط

بقلم:الأسير جمعة تايه

 

تعتبر دولة الاحتلال الصهيوني، دولة نبتت ونمت بطريقة تختلف تماماً عن تطور الدولة الطبيعي، فهي وجدت على أرض فلسطينية بالحديد والنار، وبدعم من دول الاستعمار، وتحت سيادة التهجير والقتل والمجازر الجماعية.

فعملية التطهير العرقي ( النكبة) والتي رافقها أكبر عملية سطو مسلح في التاريخ الإنساني، فلم تكتفِ العصابات الصهيونية بتهجير الأهل وتخويفهم، واحضار يهود من بلاد أوروبا لفلسطين، إنمااستولت على الأرض والثروات والأموال، فكل أملاك المهجرين وثرواتهم سيطرت عليها اسرائيل واعتبرتها ملك الدولة.

وتقدر أملاك المهجرين الفلسطينين وقت النكبة بمبلغ مقداره ٧٥٠ مليون جنيه إسترليني، يقابله اليوم ترليونات. هذا الرقم الفلكي كان فقط لمليون يهودي، عشية النكبة و ٧٨٪ من أرض فلسطين التاريخية أصبحت كلها لهذا الاحتلال.

صحيح أن إسرائيل اليوم قد تطورت اقتصادياً وصناعياً وتكنولوجياً، وأصبحت من الدول الصناعية، وميزانيتها مايقارب ٥٠٠ مليون شيقل، لكنها بدأت غنية منذ البداية، وأُتخمت بالمال والخيرات، فكل الأماكن العامة، والأثاث والذهب والمصانع والحبوب والثمار والبيارات والأراضي والمساحات الشاسعة، والثروة الحيوانية والنباتية، أصبحت ملكاً لليهود، دون أن تعوض الشعب الفلسطيني قرشاً واحداً، ومازالت تروج لكذبتها التاريخية، أن الفلسطينين رحلوا لوحدهم ومن تلقاء نفسهم، ولم يمارس عليهم الإرهاب والقتل، رغم أن بعض المؤرخين الاسرائيلين، أمثال "ايلان بابيه" في كتابه المشهور "التطهير العرقي في فلسطين"والذي يثبت فيه بالوثائق والبراهين، ومن مصادر إسرائيلية، أن الذي حدث عام ١٩٤٨، تطهير عرقي بكل ما تحمل هذه الجملة من معاني سياسية معاصرة ودلالات سياسية وقانونية، حيث تخلل هذا التطهير البطش والإرهاب والمذابح ، وقد دحض الرواية الصهيونية التي تزيف الحقائق دائماً.

وحينما قامت دولة إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني، والذي مازال يعاني جراء النكبة، وحتى هذه اللحظة لم تعترف بما اقترفته، ولم تعوض الشعب الفلسطيني لا مادياً ولا معنوياً، بل منعت النقاش في حق العودة واللاجئين، وقد استمرت إسرائيل في (سرقتها للأرض) فما زالت تسيطر على الأرض وتهجر أهلها من بيوتهم وتهدمها فوق رؤوسهم.

وتسيطر كذلك على منابع المياه والينابيع والأنهار والبرك والآبار الارتوازية، وتقيم عليها المشاريع وشبكات المياه، وتحرك مصانعها من خلال سيطرتها على البحر الميت ومصبات العيون والأنهار، فقد أوصلت إسرائيل في الخمسينيات بالماء من بحيرة طبريا شمالاً إلى صحراء النقب جنوباً، عبر أنبوب ماء ضخم، فأحيت الصحراء واستثمرت الأرض لصالح اقتصادها، وبسبب سيطرة إسرائيل على المياه فاقت حصة المستوطن من الماء في الضفة الغربية حصة الفلسطيني بـ ١٧ مرة.

وتعتبر الضفة الغربية وقطاع غزة، سوقا استهلاكية أولى للمنتوجات الإسرائيلية.

وكذلك الضرائب والغرامات والمصادرات المالية والعقوبات والسيطرة على الأموال وأموال المقاصة التي تجاوزت المليار، وحجز الأرصدة منذ عام ١٩٤٨ والتي أغنت خزينة الدولة وما زالت.

لا نستطيع أن نحصي الطرق والأساليب التي تستخدمها هذه الدولة لسرقة أموال شعبنا وحقوقه، ومازالت مستمرة في نهجها رغم احتلالها لكل الأرض الفلسطينية.

وقد شرعنت هذه السرقة وقوننتها من خلال سن قوانين في الكنيست، يتيح المصادرة والعقوبات الاقتصادية والغرامات المالية الباهظة، وجعلت ذلك وكأنه حق لها.

وبهذا، فإن إسرائيل لم تتقدم تقدماً طبيعياً، فقد بدأت دولتها متخمة بأموالنا وثرواتنا، ونمت نمواً شاذاً على حساب هذا الشعب الذي أُفقر حسراً.

فمدن وبلدات وقرى فلسطين (يافا، حيفا، اللد، الرملة، بيسان....) كانت مليئة بالخيرات والثمار. وكان برتقال يافا في سنوات الثلاثينيات يُصدر بكميات هائلة لدول أوروبا. وليس كما تدعي الحركة الصهيونية أن أرض فلسطين كانت بوراً، وهم من عمروها وزعوها.

هكذا سرقت دول الاستعمار خيرات الشعوب وأعادتها لها بيعاً، بعدما أعادت انتاجها من جديد، وإسرائيل التي نشأت في دفيئة الاستعمار أتقنت الدرس ونمت في كل تفاصيل حياتها.