كشف الخبير العسكري الإسرائيلي أوري ميليشتاين، تفاصيل جديدة حول فشل عملية اغتيال القائد العسكري الفلسطيني الشهيد علي حسن سلامة، الملقب بـ"الأمير الأحمر"، في العام 1973.
ووقعت محاولة الاغتيال قبل شهرين ونصف من اندلاع حرب أكتوبر مع مصر وسوريا، وتحديداً في الساعة العاشرة من مساء 21 يوليو 1973، حين أطلق اثنان من عملاء جهاز الموساد النار ضد أحمد بوشيكي، النادل من أصول مغربية يعمل في أحد شوارع مدينة ليلهامر النرويجية باعتقاد أنه سلامة".
وقال ميليشتاين في تحقيقه المطول بصحيفة "معاريف": إنّ "سلامة هو المطلوب الأخطر للمخابرات الإسرائيلية في حينه، وضابط العمليات في منظمة أيلول الأسود، وأسس القوة 17، وخطط لعملية قتل الرياضيين الإسرائيليين في مدينة ميونيخ الألمانية، حينها أصدرت رئيسة الحكومة الإسرائيلية غولدا مائير تعليماتها للموساد بقتل المتورطين في هذه العملية".
وأشار إلى أن "بعضه تم اغتياله، حتى جاء الدور على سلامة، لكن بعد مرور بعض الوقت تبين أن هذه العملية الحذرة تحولت إلى إخفاق تاريخي خطير للموساد، ليس فقط لأن عملاءه أخطأوا بقتل الشخص المستهدف الذي مشى بجانب زوجته الحامل في شهرها الأخير، ولكن لأن 6 من بين 16 عميلا شاركوا في هذه العملية الفاشلة اعتقلتهم الشرطة النرويجية، وقدمتهم للمحاكمة التي حظيت بتغطية إعلامية دولية واسعة".
وأكد التحقيق على أن "نوعام تافير الخبير الإسرائيلي في الشئون الأمنية أصدر للتو كتابا جديدا عن هذه العملية الفاشلة بعنوان (ليلهامر.. كتاب مفتوح)، وكشف أن أحد عملاء الموساد في العاصمة اللبنانية بيروت أبلغ مشغليه في ظهر اليوم ذاته الذي حصل فيه الاغتيال أنه رأى سلامة يتجول هناك، في حين كان عملاء الموساد يلاحقونه في النرويج".
وأوضح أن "هذه المعلومة الحساسة الخطيرة وصلت مايك هراري قائد وحدة العمليات الخاصة للموساد المعروفة باسم (قيسارية)، الساعة الثالثة فجرا، مع العلم أن هذه الوحدة مسؤولة عن فرقة الاغتيالات المسماة (كيدون)، وكان في طريقه من مدينة ليلهامر إلى العاصمة أوسلو، ووصلت المعلومة عن طريق وحدة 848 التابعة لجهاز الاستخبارات العسكرية-أمان، المسماة اليوم 8200".
ولفت إلى أن "هذه المعلومة وصلت بعد وقت قصير من تلقي الجهاز معلومات تفيد باغتيال سلامة، وكانت هذه صفعة مدوية في وجه الموساد ورئيسه آنذاك تسافي زامير، وحاول الموساد إخفاء هذه المعلومات عشرات السنين".
واستدرك : "لكن هذه المعلومات الدراماتيكية تكشف اليوم للمرة الأولى، بجانب إخفاقات أخرى أحاطت بالعملية، وتطرح أسئلة صعبة حول تأثيرات هذا الإخفاق وتبعاته على الفشل المدوي لحرب أكتوبر ذاتها، وتسلط الضوء على الإشكاليات الكبرى التي تحيط بعمل أجهزة الأمن الإسرائيلية".
وأضاف أن "الرواية التي أخرجها الموساد في حينه اقتصرت على خطأ القوة المنفذة في تشخيص سلامة، ولم يأتوا على ذكر قصة المعلومة التي وصلتهم من بيروت، ولذلك فإن الخطأ الحقيقي في عملية الاغتيال الفاشلة لم تكن خطأ في التشخيص فقط، وإنما عدم إيصال المعلومة في وقتها الصحيح، حيث وصلت قيادة الموساد قبل تنفيذ الاغتيال بـ40 دقيقة".
وختم تقريره بالقول إن "هناك إخفاقا أمنيا آخر يتعلق بتلقي الموساد معلومة خاطئة ممن زرعها عميلة له، واخترقت الدائرة الضيقة لسلامة، وقد أبلغت الجهاز بأنه سافر من جنيف إلى أوسلو، ومن هنا بدأ التخطيط لاغتياله بناء على هذه المعلومة التي استندت لعبارة أنني سمعت أنه سيسافر، وكلمة (سمعت) لا يجب أن يكون معمولا بها في عالم الاستخبارات".