الجيش الإسرائيلي لن يسمح لبينيت بالالتفاف عليه

حجم الخط

بقلم: تسفي برئيل


في الجيش وفي المؤسسة الأمنية غاضبون جداً على نفتالي بينيت. فالرجل يصرّح أكثر من اللازم، ويتباهى بقتل إيرانيين، ويعلن تغيير قواعد اللعبة في مواجهة «حماس»، ويبشر بتوسيع البناء في الخليل. هو لا يطاق حقاً، بل هو خطر. خطر إلى درجة أن مسؤولين كبارا في الجيش والمؤسسة الأمنية خصصوا اجتماعاً كاملاً للبحث في «تصريحات الوزير العلنية» (يانيف كوفوفيتس «هآرتس»، 9/12). في رأيهم، هذه التصريحات لا تمس فقط بأمن إسرائيل، بل هي، «محاولة للتقليل من قيمة العمل الأمني لمسؤولين سابقين كبار، مثل رئيس الأركان السابق غادي أيزنكوت».
لكن لماذا صبّ الجيش غضبه، تحديداً على تصريحات بينيت وليس على تعهد بنيامين نتنياهو بضم غور الأردن؟ يبدو أنهم في الجيش يعلمون مَن هو الممنوع المس به. قادة الجيش الإسرائيلي لا يحبون الالتفاف على حساب الجيش، وبالتأكيد ليس من قبل سياسي برتبة نقيب دخل للتو إلى وزارة الدفاع ولم يسخن الكرسي تحته بعد. لو على الأقل كان المقصود رئيس الحكومة، بطل محاربة الإرهاب - الذي كشف أسرار إيران علناً، وبذلك أضر بمنظومة جمع المعلومات في «الموساد» والاستخبارات - لكان من الممكن ألّا ينبسوا ببنت شفة، وينتقلوا إلى جدول الأعمال.
بينيت يُغضب الجيش؟ وماذا بشأن رفيف دروكر الذي كشف قضية الغواصات والفساد العسكري العميق الذي رافقها، أو كرميلا منشيه وكشفها أعمال الغش المستمرة منذ سنوات التي اخترعت أشباح جنود حريديم (المقصود التضخيمات في أعداد الجنود الحريديم الذي يؤدون الخدمة العسكرية)، هل يتذكر أحد ما كشفه كوفوفيتس عن الفشل الاستخباراتي الذي أدى إلى مقتل تسعة من أفراد عائلة واحدة في غزة جرّاء قصف سلاح الجو الإسرائيلي، لأن شخصاً ما نسي أن يحدّث الحساب الجاري لبنك الأهداف («هآرتس»، 17/11)؟ إذاً، الأكاذيب والفساد لا يؤذيان الأمن. ولكن أن يحاول وزير الدفاع وضع قواعد جديدة! إلى هنا كفى.
تحديداً قبل عام، في نقاش في لجنة مراقبة الدولة، أطلق اللواء في الاحتياط يتسحاق بريك مفوض الشكاوى للجنود، المنتهية ولايته، دعوة مدوية إلى اليقظة:
«هناك نقص في الشفافية وتقارير مضللة للمجلس الوزاري المصغر. ما يعرضونه يبدو رائعاً، لكنني أقوم بتحقيقات وكل شيء يبدو مختلفاً... لدي ثلاثة قادة برتبة لواء أنقل ما يقولونه لي، لكن في لجنة الخارجية والأمن يقولون العكس. لدي نقباء يقولون إن ليس لديهم قوة بشرية لتنفيذ المهمات. لدينا أشخاص ممتازون وكثيرون لا يقولون الحقيقة، هم يخشون التهجم عليهم». وصف بريك هذا كـ»ثقافة كذب» متجذرة في الجيش الإسرائيلي، يمكن أن تجر علينا كارثة أكبر مما جرى في حرب يوم الغفران (حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973). الجيش الإسرائيلي، فوراً رص صفوفه، وشن حرباً ضد اللواء الخائن.
وما الذي لا نعرفه بعد أيضاً عن الجيش الإسرائيلي؟ هل مليارات الشواكل التي يحولونها إلى المؤسسة الأمنية دون نقاش حقيقي، تزيد من أمننا؟ هل الجيش مستعد بصورة أفضل لخوض حرب ضد «حزب الله» مقارنة بما جرى في حرب لبنان الثانية (حرب تموز 2006)؟ هل من الممكن أن نكون متأكدين وواثقين من أن دروس العملية التنفيذية الخاصة في غزة التي قُتل فيها المقدم م. بنيران قواته قد تم استيعابها، ولن تتكرر؟
لكن دعونا لا نشوش عقلنا ولا نتدخل. الجيش مستعد لمواجهة كل سيناريو. هو يحقق، يتعلم، يتأكد وينفذ. لذا، عندما يبدأ مُنجّد بالقول للجيش ما ستكون عليه قواعد اللعبة، وعندما يرفض اللعب بحسب قواعد اللعبة في الجيش مثلما فعل وزير الدفاع السابق المطيع أفيغدور ليبرمان، هم مجبرون على لجمه. لأن الجيش الإسرائيلي، الذي يتمتع رئيس أركانه حالياً بلقب «الشخص الناضج المسؤول»، هو في عمق الصورة، وإذا ما قرر وزير الدفاع التدخل، فإنه ربما يُستدعى إلى جلسة استماع، ثم يوضع في مكانه. الديمقراطية عمل مستحب، لكن لدى الجيش دولة ليديرها.

عن «هآرتس»