ضــم الــغــور لــعــب بــالــنــار

حجم الخط

بقلم: يوسي بيلين


قال رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، انه في لقائه، الاسبوع الماضي، في البرتغال مع وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، تباحث الرجلان في التهديد الايراني وفي امكانية ضم غور الأردن لإسرائيل. سارع مساعد وزير الخارجية الى النفي، وقال إنه لم يجرِ اي بحث في موضوع الغور. يبدو أن أحداً منهم يكذب.
في الصف الطويل من النقاط التي اعدت لنتنياهو قبيل الحديث مع بومبيو، كانت، اغلب الظن، مسألة مستقبل غور الاردن ايضا، فيما أن رئيس الوزراء لم يطرحها كي يتلقى جوابا، بل كي يبلغ عن ان الموضوع يوجد على جدول الاعمال. ذعر مساعد الوزير من أن يبدو الامر وكأن الولايات المتحدة تعطي اذنا لمس فظ باتفاقات دولة هي ذاتها وقعت عليها كشاهد، فسارع الى نفي بحث الموضوع.
ولكن هذا ليس مهما حقا أن يكون الموضوع قد ذكر في الحديث فقط أم بحث. المهم هو ان أميركا ترامب ايضا لا تسارع الى الدخول الى فخ ضم مناطق من المنطقة «ج»، تشكل جزءا مستقبليا من السلطة الفلسطينية، والتي يوجد الفلسطينيون الذين يسكنون فيها تحت مسؤولية السلطة الفلسطينية ويعيشون وفقا لقوانينها.
تطرح فكرة ضم ثلث الضفة الغربية بين الحين والآخر، ولا سيما عشية الانتخابات، وتسقط بعدها. من الصعب أن نعرف إذا كانت تثير انفعال الناخبين، وليس واضحا اذا كانت تفرح الإسرائيليين الذين يعيشون في الغور. أتذكر جيدا الوفد الذي جاء اليّ فور التوقيع على اتفاق اوسلو، وبينهم مزارعون من الغور، ملح البلاد، ممن جاؤوا الى الغور في السنوات الاولى بعد احتلال الضفة. قالوا لي ان حقيقة ان الاتفاق وقع ولكن الاتفاق الدائم سيوقع بعد خمس سنوات من ذلك، تضعهم في وضع مركب جدا: الظروف صعبة، المسافة عن مركز البلاد بعيدة، اولادهم يغادرون الغور بعد الخدمة العسكرية، وبيع المنازل يكاد يكون متعذرا، ولا سيما بعد أن باتت الريح تهب في اتجاه الاتفاق، وفي الاتفاق سيصبح الغور، اغلب الظن، جزءا من الدولة الفلسطينية.
لم يكن طلبهم الوحيد ضم الغور لإسرائيل، بل منحهم الاستقرار، وربما السماح لهم، منذ الآن، بأن يطّلعوا على ما ينتظرهم. طلب معظمهم استباق الامر وتلقي التعويض كي لا «يبقوا في الهواء». كان من الصعب الا نتفهم قلوبهم. تحدثت عن ذلك طويلا مع رئيس الوزراء، اسحق رابين، وقال لي انه غير مستعد لأن يبحث مع المستوطنين عن التعويض طالما لم تتقرر حدود دائمة.
بعد أن تسلم رئيس الوزراء نتنياهو مهام منصبه في المرة الثانية، وبعد أن القى خطاب بار ايلان حول استعداده للاعتراف بحل الدولتين، قال انه في اطار الاتفاق الدائم سيصر على أن يقف الجيش الإسرائيلي على نهر الاردن على مدى أربعين سنة. لم يتحدث عن الضم، بل فقط عن تواجد عسكري. افترض أنه فهم جيدا بان طلبا إسرائيليا لضم ارض كبرى بهذا القدر من الضفة في اطار الاتفاق، سيمنع ضم مناطق اقرب الى الخط الاخضر وأهم لإسرائيل، وانه في اثناء عشرات السنين التي مرت منذ طرح على جدول الاعمال مشروع يغئال الون، وقع أمران أساسيان: السلام مع الأردن أبعد الحدود مع اعدائنا حتى حدود الاردن – العراق، واخترعت تكنولوجيا تسمح بالحصول على معلومات استخبارية واخطار اصحاب القرار في الزمن الحقيقي. يمكن لإسرائيل أن تدافع عن نفسها حتى دون ضم الغور، بينما مطلب الضم هو نوع من الامور التي يطرحها من لا يريد الوصول الى تسوية سياسية مع الفلسطينيين، بل «ادارة النزاع».
اما الولايات المتحدة، بما فيها بادارة ترامب، فلن تدخل الى فخ من شأنه ان يضع في خطر اتفاقات السلام الإسرائيلية مع الأردن ومع مصر، ناهيك عن الرد الفلسطيني الذي سيضع حدا للتنسيق الامني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. وسواء بحث نتنياهو مع بومبيو في هذه المسألة ام لا، فالحديث يدور عن لعب بالنار محظور اللعب به.

عن «إسرائيل اليوم»