أجرى الموقع الرسمي لحركة "حماس" اليوم السبت، حواراً مطولاً مع عضو مكتب العلاقات الوطنية للحركة صلاح البردويل، تحدث فيها عن الانتخابات ومنطلقات حماس وعلاقتها مع الفصائل، بالإضافة إلى مسيرات العودة.
وقال البردويل، إنّ "علاقة حركة حماس بالفصائل وصلت إلى درجة كبيرة من الانسجام بعد تجاوز العقد الأيديولوجية، وإذابتها بالمرونة والحوار المستمر والعمل المشترك".
وشدد على أنّ الحركة تسعى إلى تعزيز العلاقات الوطنية إلى أبعد مدى، وتحقيق الشراكة في العمل إلى أبعد حد، واستمرار الحوار البنّاء الذي حل كل العقد والخلافات مهما كانت كبيرة أو صغيرة، والوصول إلى صيغة من التعايش ضمن مفهوم المواطنة والوطن والقضية الواحدة.
وحول ملف الانتخابات، أكّد البردويل على أنّه في حال فازت حركة حماس بأي انتخابات حرة ونزيهة، فإنها لن تستأثر بمقعد القيادة لنفسها، موضحًا أن خطتها تقوم على أساس الشراكة، وقد تعهدت بذلك أمام الفصائل.
وأشار إلى أنّ حماس تنازلت عن النظام الانتخابي الخاص بالقوائم الفردية في المحافظات، ووافقت على إجراء الانتخابات وفقًا للنظام النسبي الكامل، على الرغم من أن هذا قد يأكل من حصتها، وذلك تلبية لرغبة وطلبات بعض الفصائل.
وقال إنّ "الحركة وافقت على تخفيض نسبة الحسم في الانتخابات من (2.5% إلى 1.5%) وذلك من أجل مصلحة الأحزاب الصغيرة، مؤكدًا على أن حماس تؤيد خوض الانتخابات بكتلة وطنية كبرى تحت رؤية وطنية موحدة حتى لو شاركت فيها حركة فتح، وأن الأهم بالنسبة لحماس هو البرنامج الوطني.
وأضاف البردويل "إننا ذهبنا لأبعد من ذلك، وقلنا إذا كان البرنامج والقاسم المشترك بيننا هو ما خرج من قرارات عن المجلس المركزي لمنظمة التحرير عام 2015 فنحن موافقون على هذه القرارات والتي تقوم أساسًا على إلغاء الاعتراف بأوسلو، ووقف التنسيق الأمني، ووقف اتفاقية باريس المذلة".
ونوه إلى أنّ هذه القرارات لم تصدر عن حركة حماس، ومع ذلك فهي موافقة على أن تكون القاسم المشترك، ونواة البرنامج الوطني الفلسطيني الذي يقودنا نحو الشراكة.
وفيما يخص العلاقة مع الجهاد الإسلامي، شدد البردويل على حرص الحركة على تثبيت إنجازات العلاقات الوطنية الطيبة وتطويرها، وألا تتنازل عن وحدة الصف الفلسطيني مهما بلغت الاختلافات في بعض الأحيان.
وبيّن أنّ اللقاء الذي عُقد مع حركة الجهاد الإسلامي على المستوى القيادي الأعلى في القاهرة سادت على أجوائه الروح الإيجابية والصراحة، مؤكدًا أن هذا اللقاء البالغ الأهمية يعكس إستراتيجية حماس القائمة على تعزيز العلاقات الوطنية.
وبشأن منطلقات حماس، أوضح البردويل أن الحركة تنطلق في علاقتها مع الفصائل الوطنية، كونها حركة إسلامية تؤمن بأن وحدة الصف هي آية في القرآن الكريم.
وقال إنّ "حماس تفهم أن المجتمع الفلسطيني متعدد الثقافات والأفكار، وبالتالي لا يمكن شطب اجتهاد لصالح اجتهاد آخر، بل لا بد من التعامل مع هذا الواقع، بالتعاون الذي يثري العمل الوطني الفلسطيني".
وأضاف أنّ حركة حماس تدرك بأن المخاطر المحدقة بالشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية خطيرة جدًا، ولا يستطيع فريق دون آخر أن يواجهها وحده؛ لذلك تسعى الحركة إلى تفعيل كل القوى الحية في الشعب الفلسطيني من أجل تحدي المخاطر ومواجهة المحتل.
ونوه البردويل إلى أنّ حماس استفادت من الميراث الفلسطيني الذي كان سلبيًا في التعامل مع بعض القوى الفلسطينية خاصة عند حركة فتح التي كانت تستعمل الفصائل، ولا تنمّي روح الشراكة وتحقيق قوة الفعل وقوة الانتماء في الوحدة الفلسطينية، مؤكداً على أن حركة حماس تؤمن أن الحالة الفلسطينية لا يمكن أن تستقيم إلا إذا آمن الجميع بمفهوم الشراكة الوطنية في العمل.
وذكر أنّ حماس نسجت علاقات متميزة مع كثير من الفصائل، وفي مقدمتها حركة الجهاد، والجبهتان، وفصائل أخرى.
إشراك الفصائل
وأكد البردويل على أنّ حركة حماس حرصت في كل حواراتها أن تكون الفصائل حاضرة، وأن يكون الحوار شاملًا ووطنيًا، لأنها لا تؤمن بالمحاصصة بين فتح وحماس، بل تؤمن بأن الشعب الفلسطيني أكبر من فتح وحماس، وأن هناك فصائل أخرى لها تاريخ وواقع محترم.
وشدد على أن حماس لا تتحرك إلا مع الفصائل، ولو حدث إجماع وطني في قضية ما فنحن نلتزم بهذا الإجماع، مؤكدًا أن هذه الطريقة أصبحت مبدأ، وأنه لا يجوز إهمال أحد أو الاستهتار بأي فصيل أيًّا كان حجمه أو قدراته المادية أو العسكرية.
وقال البردويل: "عندما بدأنا في تطوير علاقتنا مع الفصائل شعرنا في كل لقاء أن هناك حذرًا وتخوفًا وعلامات فقدان الثقة، وذلك عائد لتجربة الفصائل السابقة مع حركة فتح".
وأضاف أنّه وبعد الممارسة والتجربة والاستمرارية في اللقاءات، تأكدت الفصائل من مصداقية حماس مع شركائها، وصار معلومًا أنها تؤمن بالشراكة، وتحترم الغير، وتستفيد من خبراتهم في كثير من الأحيان.
وأوضح أن حماس تتعامل بجدية مع رؤى الفصائل وملاحظاتهم وتحترمها، وفي كثير من المواقف تستفيد منها، بل تطلب أحيانًا أن تصيغ هي الرؤية والموقف لموضوع معين، وحماس توافق على رؤاهم من خلال الكل الوطني.
وأشار إلى أنّ حركة حماس طلبت من الجبهة الشعبية في حوار القاهرة الأخير أن تضع هي محددات للحوار الوطني، من يلتزم بها فهو ملتزم، ومن يخرج عنها فهو الخارج عنها، لكن حركة فتح لم تقبل بتلك المحددات.
وأكد على أن حركة حماس كسبت ثقة الفصائل الفلسطينية، مضيفًا أنه لو حدث أي خلاف كنا نتراجع ولا نخجل من أي شي، ونجلس مع أي فصيل لديه بعض الاستفسارات أو التخوفات، ونشرح له كل ما لدينا.
وقال، إنّ الحركة تسعى من خلال تعزيز العلاقات الوطنية إلى بناء نظام سياسي فلسطيني على أسس وطنية وديمقراطية، وطنية؛ بمعنى الاتفاق على مشروع التحرير والثوابت، تحت سقف الديمقراطية.
وبيّن البردويل أن رؤية حماس للثوابت الوطنية هي تحرير الأرض، وإعادة اللاجئين، وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس ، وحرية تقرير المصير، ويجب أن تكون الديمقراطية والانتخابات والشراكة قائمة على أساس تحقيق هذه الأهداف الكبرى، وأداة لإدارة شؤون الشعب الفلسطيني بعدالة تامة، وشراكة يتحقق فيها تكافؤ الفرص، وألا تكون الهيمنة لفصيل واحد.
وأكد على أن حركة حماس حتى وإن أرادت أن تكون قائدة في الشعب الفلسطيني فإنها لا تمارس الديكتاتورية على مكونات الشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن الذي يحدد القيادة هو مجموع القوى الفلسطينية مهما كانت صغيرة أو كبيرة.
وشدد على أن حماس تؤمن بالشراكة، وتريد أن تحققها على مستوى البرنامج الوطني، وعلى مستوى المؤسسة الوطنية التي تدير السياسات الفلسطينية، أو تدير الشعب الفلسطيني.
مسيرات العودة
شدد البردويل على أن مسيرات العودة وكسر الحصار تجسد حقيقة الشراكة الوطنية، حيث لأول مرة في تاريخ الشعب الفلسطيني يخوض نضالًا موحدًا بكل الفصائل دون استثناء، وبمشاركة نخب الشعب وقواه المدنية والعشائرية.
وقال إنّ "الفصائل المشارِكة في مسيرات العودة شكلت أكثر من عشرين لجنة لإدارة المسيرات، لا توجد لجنة واحدة ترأسها حركة حماس، بل إن الحركة تركت لقوى المجتمع المدني والمثقفين والحقوقيين والطلاب وقطاعات متخلفة أن تأخذ دورها في قيادة هذا الشكل المبدع.
وأشار إلى أنّ الثمرة الثانية لتطوير حماس علاقتها مع الفصائل هي تشكيل غرفة العمليات المشتركة التي كانت حلمًا، وقد تحقق هذا الحلم وأصبحنا نواجه الاحتلال عسكريًا وفق سياسة واحدة، وقد مارست الغرفة مهامها بنجاعة كاملة، وأربكت حسابات العدو الصهيوني.
ونوه البردويل إلى أنّ الغرفة المشتركة لا تناقش فروق القوة بين حماس والجهاد والجبهة وغيرها من الفصائل، بل تشكل منظومة اتفاق لإدارة حالة السلم والتصعيد والمواجهة بشكل موحد، وهذا نعتبره إنجازًا.
وقال إنّ ما حققته الغرفة المشتركة في معركة حد السيف سيظل بارزًا في تاريخ الشعب الفلسطيني، عندما دكّت المقاومة مستوطنات العدو الصهيوني بشكل منتظم وموحد، وعندما اتُخذ القرار بوقف إطلاق النار أيضا كان بشكل موحد.
وأضاف أنّ من الأشياء التي كانت انعكاسًا بارزًا لوحدة الصف الفلسطيني هي مبادرة الفصائل الوطنية لاستعادة الوحدة، والتي صاغتها 8 فصائل، 7 منها من منظمة التحرير، ووافقت عليها حركة حماس ولم يعترض عليها أحد، في حين تجاهلتها حركة فتح.
ونبه إلى أنّ أهمية هذه المبادرة تكمن في أن الوحدة الوطنية تجاوزت العمل الميداني، ووصلت إلى عمق الفكر لوحدة الصف الفلسطيني، والناتج عن الحوار الوطني والعلاقات الوطنية.
وتابع البردويل: "نحن الآن متفقون مع الفصائل على مسيرة العودة، وغرفة العمليات المشتركة، والرؤية المشتركة لتحقيق الوحدة، وأعتقد أن المستقبل سيحمل معه أشكالًا من وحدة الصف الفلسطيني.