في الطريق إلى الانتخابات الثالثة: الكلّ يراوح مكانه!

حجم الخط

بقلم: ليلاخ سيغان


ها قد وصلنا إلى الموعد الثالث، ويبدو الآن أن كل السياسيين عالقون إلى هذا الحد أو ذاك في المكان ذاته الذي كانوا فيه في الجولة السابقة، في أفضل الأحوال. لماذا في أفضل الأحوال؟ لأنه في أسوأ الأحوال زادوا السرعة فقط، ولكن بالضبط في الاتجاه ذاته الذي سافروا فيه كي يصلوا إلى اللامكان. بتعبير آخر فإن التخندق أسوأ حتى من المراوحة في المكان.
يواصل نفتالي بينيت كونه صبيانياً ومتسرعاً، ليس فقط في تصريحاته في شؤون الأمن، بل أيضاً في الحملة، حيث يرفع يافطات عن شخصه دون رفيقته الخالدة، أيليت شاكيد، وبعد ذلك يبعث بمتان كهانا كي يقول: إن هذا حصل بالصدفة، وإنه لا يعني شيئاً. أما شاكيد، من جهتها، فتواصل كونها في ظله وبالتوازي التردد والتخبط بينها وبين اتحاد اليمين، فيما أن من هذه الخيارات لا يختلف عما فعلته في الماضي. في «الليكود» وضع التخندق مشابه: صحيح أنهم يجرون انتخابات تمهيدية، ولكنهم في هذه الأثناء يواصلون تقاليد دق الإصبع في العين كبديل للأيديولوجيا ويفضّلون الإغاظة على الفعل الجدي.
كان يمكن لوزير العدل، أمير أوحنا، أن يعين نائباً عاماً للدولة كما يطيب له، فلا يعتبر هاذياً من ناحية الجهاز، ويجر معارضة من المستشار القانوني ومعها سلسلة من الالتماسات إلى العليا. ولكن معارضة المستشار القانوني وسلسلة الالتماسات هي على ما يبدو بالضبط ما يريده أوحنا، فليس هناك مثل العناوين الرئيسة ضد النيابة العامة لتغذية حملة الإغاظة التقليدية، فتعيين مهني يتفق عليه الجميع ويسمح بالأداء الجيد كان سيخرج اللب من الفعل. كل شيء جيد وجميل، لكن هل هذا يساعد «الليكود»؟ مثل هذه الخطوة يمكنها ربما أن تحمس المزيد من المقتنعين، ولكن في أوساط المترددين تزيد فقط الإحساس بأنه من شدة الحماسة للمعركة، لم يعد هناك شيء من أيديولوجيا اليمين المسؤول الذي كان ذات مرة.
في اليسار الوضع ليس أفضل بكثير. في حزب العمل لم تسجل تجديدات واختراعات. في «ميرتس»، الذين أصبحوا المعسكر الديمقراطي بعد عدد لا يحصى من الدوامات، الهجر، والوعود التي لم تؤثر على الناخبين، فإن النتيجة المخيبة للآمال لم تحرك العقل التقدمي للتفكير في اتجاهات مختلفة بعض الشيء. الحد الأقصى حتى الآن كان العودة لتكرار التوجه إلى حزب العمل لغرض توحيد الصفوف كي يردهم هذا مرة أخرى على أعقابهم بخفي حنين. ولكن ماذا بشأن التفكير من خارج العلبة؟ هاكم مثالاً: العرض على الجبهة الديمقراطية الانسحاب من القائمة المشتركة والاتحاد معهم.
الجبهة الديمقراطية – حداش هم المعتدلون من بين القوائم التي تشكل المشتركة، وانسحابهم لن يضر بتصويت الانعزاليين من السكان العرب، ولكن يمكنه أن يزيد معدل التصويت في أوساط العرب الإسرائيليين المعتدلين. صحيح أن عوفر كسيف هو اختراع متطرف على نحو خاص، ولكن أيمن عودة وعايدة توما سليمان يمكنهما أن يتحدثا إلى الصوت العربي بدلاً من عيسوي فريج (أو إضافة إليه). فالحديث يدور عن الحزب الوحيد من بين الأحزاب العربية الذي لا يعرف كقومي وديني، وهو أقرب إلى «ميرتس» في مواقفه في غير قليل من المواضيع. إذا كان ممكناً تقريب «حداش» إلى «ميرتس» قليلاً، يمكن لهذا أيضاً أن يخلق تغييراً حقيقياً في وعي المقترعين. لعل مثل هذا التوحيد ينجح في رفع معدلات التصويت في الوسط العربي، وبالتوازي يلبي أماني اليسار الإسرائيلي.
وفي وسائل الإعلام أيضاً حان الوقت لتغيير القرص. فما الذي ينبغي أن يحصل أكثر كي يفهم المستطلعون في قنوات الإعلام على أنواعها بأن «الكتل» التي يواصلون عرضها وكأنه لم يحصل شيء، لم تعد منذ زمن بعيد كتلاً حقيقية؟ ليبرمان فصلوه عن كتلة اليمين منذ الموعد الثاني، حين أفهم الجميع أنه لم يعد جزءاً تلقائياً من كتلة اليمين – الأصوليين. ولكن بعد أن أوضح أن «أزرق أبيض» ليس حقاً قادراً على تشكيل حكومة بتأييد المشتركة، ألم يحن الوقت للتوقف عن عرض المشتركة كجزء من «كتلة اليسار»؟
وإذا كان لا بد من تشجيع التفكير الجديد فيمكن أن نبدأ بعروض أخرى لـ «الكتل»، وتوزيعها إلى أربع بدلاً من اثنتين زائد ليبرمان، كي نسمح بفتحة لتفكير جديد بدل السياسيين العالقين أيضاً: كتلة الوسط – اليسار، كتلة اليمين، المشتركة (العرب)، و»شاس» – يهدوت هتوراة (الأصوليين).

عن «معاريف»