عن دعم المنتجات الفلسطينية.. مرة أخرى

صلاح هنية.jpg
حجم الخط

صلاح هنية

عندما كنا نقول «دعم المنتجات الفلسطينية» يهب الجميع بمكوناتهم كافة مستنكرين مستهجنين «هل يوجد لدينا منتجات فلسطينية» «لا تتسرعوا فتوقِعوا الناس في قلق هُم في غنى عنه، فتتحول المنتجات الى أصناف رديئة غير مطابقة للمواصفات نتيجة لدعمها!!!» «اتركوا السوق يحتضن كل المنتجات من أي بلد من بلدان العالم ويختار المستهلك بحريته» ... باختصار، أرادوا ان نحلم اننا نعيش في سويسرا، وبالتالي تعرض كل منتجات العالم ويختار المستهلك كل ما يشاء، وكأننا لسنا تحت الاحتلال، وكأن الاستيطان لا يبتلع الأرض ويسرق المياه، وكأننا نمتلك الوقت لجعل المنتجات تثبت نفسها بنفسها أمام منافسة غير عادلة.
الأسبوع الماضي سقطت كل الاحتجاجات والتحفظات وانتصرت رؤيتنا نحن الذين انتصرنا للمنتجات الفلسطينية، ورأيتهم جميعهم يمثلون الدور وكأنهم فرحون أن المنتجات الفلسطينية لم تعد تسوق فقط في سوقنا الفلسطيني، بل باتت سفيراً متجولاً لفلسطين في العالم بعد أن كانوا يشفقون عليها من الدعم فترسب، سبحان مغير الأحوال، ها هم يرقصون على موسيقى رؤيتنا نحن الفقراء المستهلكين الذين لا ناقة لهم ولا جمل الا حب هذا الوطن، فلا شركات لنا ولا منتجات لنا ولكننا نعتبر كل منتجات فلسطين هي لنا وكأنها تعود لنا.
عندما كنا نقول أنقذوا قطاع الأحذية وليكن هدفنا «بوط فلسطيني خليلي الصنع لكل طالب فلسطيني» وليكن أيضاً «بوسطار أبنائنا الأجهزة الأمنية فلسطيني صناعة الخليل» انهالوا علينا بشعارات «ألا تعلم أن المصنعين للأحذية تحولوا الى مستوردين ودمروا الصناعة وباتوا يأتون بأردأ منتجات العالم». طبعاً عليك ان تأخذ الأمور مجردة هكذا وتركض وراء شعارهم هذا وتستكين، ولكنهم لا يعرفون إصرارنا، قرأنا ما بين السطور، وبحثنا الامر بجدية، ووجدنا أن بالإمكان أفضل مما كان، بحيث نضع الاتهامات جانباً ونسلط الضوء على من وافق رسمياً على مجاراة الاستيراد، دون أن ينفذ قراراً حكومياً منذ سنوات طويلة مفاده منح الأفضلية للمنتجات الفلسطينية في العطاءات والمشتريات الحكومية، حتى لو زاد سعرها بـ 15%». يا جماعة، يا إخوان هذه بوابة نجدة لقطاع الأحذية، هذه تسعف القطاع، لا حياة لمن تنادي، ذهبنا صوب المنتجين وقلنا لهم: أين يباع إنتاجكم في رام الله وطولكرم وجنين، تلعثموا قليلاً وأجابوا إجابة مموهة لا يريدون أن يخسروا تاجراً او تاجرين يبيعان منتجاتهم /والباقي يقول نسبة ربحي في المستورد أكبر بكثير.
الأيام الماضية تم إزاحة الستارة عن تطور جديد في قطاع الأحذية مفاده الحذاء الخليلي بتصميم إيطالي بعد دورات تصميم في إيطاليا وغيرها، ضمن مشروع سلسلة القيمة لتطوير صناعة الأحذية بالشراكة مع يونيدو، وبدعم من وكالة التنمية الإيطالية، وشاهدنا منتجات متميزة تعرض امامنا وخطة تسويقية وعلامة تجارية فلسطينية جديدة ليبرا.
اليوم ثبتت الرؤية، ولم يعد أي شخص قادرا على «المجادلة» الا من بقي يمارس نموذج «عنزة ولو طارت» نعم لم نعد نسمع «أين الأبقار الفلسطينية التي تنتج كل هذا الحليب!!!» «لم تعد كرة الثلج قادرة أن تكبر، بل ذابت تحول المنتج الى مستورد، بل بات منتجا منافساً» «لم يعد بالإمكان أن يتفاجأ من يرقصون اليوم على نغمة موسيقانا في دعم المنتجات الفلسطينية (معقول عنا شكولاتة تنافس، طول روحك يا صديقنا وتورطناش) قبل أيام كانوا يتحوطون حول جناح مصانع الشكولاتة المنتجة في فلسطين بأيدٍ فلسطينية.
يجب ان نكون سعيدين بثبوت الرؤية لأهمية المنتجات الفلسطينية ... وأكثر ايماناً بالعمل التطوعي المنطلق من قناعة ثابتة وراسخة أن المنتجات الفلسطينية قادرة على اثبات نفسها.... اليوم بات المستهلك يفاضل بين منتج فلسطيني وآخر.
اليوم فتحنا ملفاً جديداً، ورغم أن من صفقوا لانجازات داعمي المنتجات الفلسطينية يقفون ضدنا، الا أننا سنستمر في هذا الملف جوهره «لا يجوز لشركة فلسطينية أن تستخدم منتجات غير فلسطينية وتلك المنتجات موجودة ومنافسة» بمعنى قد تستخف الشركات الصناعية والتجارية بأهمية استخدام مواد التنظيف والتعقيم الفلسطينية، وتعتبر دعوتنا نوعاً من الترف غير المرحب به، وتستخف شركات عندما تبني مبنى أو توسع مبنى باستخدام الألمنيوم والدهانات الفلسطينية وهي موجودة، أو استخدام الاتصالات الخلوية الإسرائيلية بحجة انهم يتنقلون من منطقة الى أخرى،  طبعا سيكون تمثيل «الحرَد» سيد الموقف، والعتاب هو المشهد السائد «لماذا تطرق هذا الملف» كثير مرات زعلتوا وحردتوا وفي النهاية ثبتت صحة وجهة نظرنا، لسنا منزهين طبعاً، لا نقبل أن يكون المستهلك والتاجر وتجار جملة الجملة مع المنتجات الفلسطينية وبعض الشركات تذهب باتجاه رفض المنتجات الفلسطينية التي لا تخصهم.
وبقي أمامنا إنجاز آخر جوهره «لتتحول المواصفات الفلسطينية الى عوائق غير جمركية تعيق المنتجات التي تتدافع وتعمل منافسة غير عادلة للمنتجات الفلسطينية ضمن معايير منحازة للمنتجات الفلسطينية» وهذا ملف نسعى له في العام 2020 لعلنا نصل الى يوم يحتفل به.
باختصار لم يكن لهواً الوقوف مع شركات فلسطينية بترفع الراس وقدّ الحِمِل، وها هي تثبت نفسها في السوق الفلسطيني وفي العالم، وبات لدينا شركات تستورد مباشر من العالم.