الليكود يحكمه العار

حجم الخط

بقلم: عوزي برعام


في يوم الجمعة الماضي تم عقد «برلماننا» لجلسة اسبوعية عادية – أنا أردت قول بضع كلمات عن غيئولا كوهين التي توفيت في الاسبوع الماضي. لقد تم استقبالي بقامات مرفوعة وكأنني أطرح موضوعا ليس فقط هامشيا، بل تقريبا لا يستحق. سور منيع يفصل بين اعضاء «برلماننا» وبين اعضاء المعسكر الآخر. أحد المبررات التي يطرحونها لوجوده يتركز على الادعاء بأن الكراهية والاغتراب قد وصلا في عهدنا الى ذروة غير مسبوقة. أنا لا اعتقد ذلك، بل أنا اعتقد أن الكراهية ببساطة تحولت الى ملموسة اكثر بسبب الشبكات الاجتماعية.
لقد تم انتخابي للكنيست في العام 1977، عام الانقلاب. اعضاء حكومة رابين الاولى لم ينجحوا في التعود على مكانتهم الجديدة في المعارضة. وقد كنت عضوا في لجنة الهجرة والاستيعاب التي ترأستها غيئولا كوهين. وكان من اعضاء اللجنة ايضا الكاتب موشيه شمير، الذي  تربينا جميعنا في حينه على كتبه. وكولد كنت اسمع صوت كوهين في قناة البث «المنظمة السرية العبرية»، في حين أن شمير كان يساريا متطرفا «غير دينه» وتحول الى أحد رؤساء الحركة من اجل ارض اسرائيل الكاملة.
شمير كان عدائيا جدا. فهو لم يتحدث مع أي شخص من معسكرنا. وإذا وجه أي ملاحظة لنا، فهذا كان من أجل التوضيح بأنه قد وجد ضوءا، في حين أننا نحن ما زلنا نتخبط في الظلام. كوهين في المقابل، رغم أنها كانت لديها نظرة متطرفة بالنسبة للاستيطان، إلا أنها كانت خصما جديرا. أي نقاش معها كان نقاشا قويا. ولكن خلافا لشمير، كانت تنظر مباشرة في عيوننا.
في العام 1981 اصبحت رئيسا للجنة وكوهين بقيت عضوة نشيطة فيها. وبالتدريج تمت ازالة السور الذي فصل بيننا. فقد تعاونا في علاج هجرة اليهود من الاتحاد السوفييتي ومن رفضت هجرتهم.
وفي بداية العام 1984 سافر وفد من البلاد من اجل الالتقاء مع رئيس الارجنتين، راؤول الفونسون. وقد قام يهود في الارجنتين بدعوتنا من اجل الضغط على الرئيس كي يفحص مصير الشباب اليهود الذين تم اختطافهم من قبل الزمرة العسكرية اللاسامية.
وبعد يومين على وصولنا إلى هناك تم استدعاؤنا وطُلب منا العودة بسرعة إلى البلاد، لأنه في الكنيست أصبحت هناك اغلبية تسمح باسقاط حكومة شمير.
وخلال 14 ساعة جلست قرب كوهين في الرحلة الجوية من بوينس آيريس الى زيوريخ.
تحدثنا طوال الوقت. وروت لي عن اعتقال البريطانيين لها، وعن النظرة العدائية لـ «الاستيطان المنظم» لها.
ووصفت البركة الكبيرة، التي ستستمر لأجيال، التي جلبتها حرب الأيام الستة. وأنا تحدثت عن سيرة ذاتية مختلفة وطرحت فهما مختلفا بالنسبة للمستوطنات وتأثيرها.
النقاش كان شرسا وايديولوجيا في جوهره. وقد وجدت صعوبة في الرد على بعض حججي، لكنها كانت مصغية وموضوعية. كوهين دائما اعتبرتني أنا واصدقائي الذين غادروا الحزب، صهاينة حقيقيين. لقد اعتقدت بأننا فقدنا الحماس الذي ألهب بن غوريون وبيرل كتسنلسن.
وعندما اقتربنا من زيوريخ قالت: «لقد كانت هذه الرحلة مهمة بالنسبة لي، لأنها المرة الاولى التي فهمت فيها بأنك لا تقل وطنية عني. توجد لكم ببساطة طريق اخرى. وأنا أعترف بأن هذه الساعات عززت صداقتنا».
أنا أعرف بأن هذا المقال يرتكز على موضوع غير واقعي في هذه الاثناء. ولكني شعرت بأن هذا الموضوع يقودني إلى الواقع الحزين في هذه الايام.
وبدلا من أن تكون بيتا للايديولوجيا، تحولت حركة غيئولا كوهين الى معقل استهدف الدفاع عن شخص متهم بالفساد.
الشعبوية والتحريض تحولا الى المصطلحين الرائدين في الطفرة التي جاءت مما كان يسمى الليكود. النقاش الايديولوجي لم يعد رائجا وقد حل محله العار.

عن «هآرتس»