أصدرت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، فاتو بنسودا، ملحقًا خاصًا قدمته إلى هيئة المحكمة أمس الثلاثاء، يتضمن وجهة النظر القانونية التي قدمها المستشار القضائي لحكومة الاحتلال أفيحاي مندلبليت في هذا الخصوص، وذلك تمهيدًا للجلسة المقرر إجراؤها خلال الأشهر القادمة حول مسألة اختصاص المحكمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٦٧.
وأفاد موقع صحيفة "هآرتس" العبرية اليوم الأربعاء، بأن الوثيقة التي قدمتها بنسودا بالأمس، تضمنت البيانات الرسمية الصادرة عن وزارتي الخارجية والقضاء الإسرائيليتين، كما تضمنت وجهت النظر القانونية التي أصدرها مندلبليت الجمعة الماضية، في محاولة لاستباق قرار المدعية العامة.
وأكدت في الملحق، على أنه خلال الفحص التمهيدي، للشكاوى الفلسطينية، حول جرائم حرب نفذها جيش الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كانت أيضًا على اتصال دائم مع ممثلي حكومة الاحتلال واستمعت إلى موقفهم في هذا الشأن.
وأشار الموقع، إلى أن بنسودا أخذت هذه الإجراءات خشية أن تقاطع حكومة الاحتلال الإجراءات أو تتخذ خطوات تصعيدية لمنع المحكمة الدولية من إصدار أحكام تدين ضباط إسرائيليين ومسؤولين في حكومة الاحتلال، بارتكاب جرائم حرب.
ومن جانبها، لم تحسم حكومة الاحتلال حتى هذه اللحظة الإستراتيجية التي ستتبعها للتعامل مع القضية، إذ لم يتقرر بعد ما إذا كان سيتم مقاطعة الإجراءات كليًا أم ربما إرسال محامين نيابة عنها للتعبير عن روايتها.
وبدأت حكومة الاحتلال خلال الأسبوع الجاري المناقشات حول هذا الموضوع، بمشاركة ممثلين عن مكتب المدعي العام ووزارة الخارجية، ولم يتم اتخاذ قرار نهائي، فيما فرضت الحكومة السرية التامة على هذه المداولات، لتجنب الكشف عن الخطوات والإجراءات الإسرائيلية المستقبلية في هذا الخصوص.
يأتي ذلك قبل الموعد المقرر لانطلاق جلسات الدائرة التمهيدية للمحكمة الدولية، للنظر في بشأن الولاية الإقليمية على الأراضي الفلسطينية، وإصدار حكم بهذا الشأن، حيث أكدت بنسودا أنها "طلبت من الدائرة التمهيدية الأولى تأكيد أنها تمتلك ولاية لممارسة اختصاصها على كل من الضفة الغربية بما يشمل القدس الشرقية وقطاع غزة”، وأوضحت أن “هذا الاستنتاج هو لأغراض حصرية من أجل تحديد ولاية المحكمة من أجل ممارسة اختصاصها القضائي ونطاق تطبيق ميثاق روما".
يشار إلى أن ردود أفعال المسؤولين الإسرائيليين تتواصل عقب إعلان بنسودا، الجمعة الماضي، عن وجود أساس للتحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ حيث اعتبر المستشار القضائي لحكومة الاحتلال، أفيحاي مندلبليت، أن المحكمة لا تملك ولاية قانونية للتحقيق في الشكاوى الفلسطينية، أو تصريحات رئيس الحكومة المنتهية ولايته، بنيامين نتنياهو، عبر اتهامه للمحكمة بأنها تكيل بمكيالين وتهاجم فقط "الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”، وأنها تحولت إلى أداة سياسية، وفق تصريحات له أطلقها الأحد الماضي.
وفي السياق ذاته، ذكرت صحيفة "إسرائيل اليوم" بالأمس، أن حكومة الاحتلال بدأت على المستويين السياسي (المتمثل بوزارة الخارجية) والقضائي (المتمثل بمكتب المدعي العام)، البحث في سبل مواجهة إعلان بنسودا، مشيرة إلى أنه تم عقد أول جلسة رسمية بهذا الخصوص للطاقم متعدد الوزارات بمشاركة ممثلي وزارات القضاء والخارجية ومجلس الأمن القومي.
وأوضحت أنه تم بحث عدة احتمالات لمواجهة الإعلان بعد الإقرار بأن "إسرائيل" تواجه وضعا جديدا في كل ما يتعلق بتعاملها مع المحكمة الجنائية الدولية التي تتابع منذ عقد، ملف الجرائم الإسرائيلية وممارسات الاحتلال، ومن بين الخيارات التي طرحت، تبني سياسة متشددة ضد المحكمة الجنائية، على غرار الموقف الذي اتبعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع الإقرار بالفرق بين قدرة إسرائيل على "معاقبة المحكمة الجنائية" وقدرة الولايات المتحدة.
وذكرت الصحيفة أنه تقرر في الاجتماع المذكور منح المستوى المهني مهلة بلورة خطة لمواجهة المحكمة الجنائية، مع ترك القرار النهائي بهذا الخصوص للمستوى السياسي ممثلا بالمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (كابينيت)، ورئيس الحكومة، علما بأن نتنياهو كان قد اتخذ قرارا أوليا بحصر البت في هذا الملف داخل الكابينت، مع فرض السرية التامة على هذه المداولات.