نتنياهو يجند «الكابنت» من أجل نيل «شرعية واسعة» لـ «التسوية» مع «حماس» في غزة

حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل


تظهر الجلسة التي عقدها الكابنت، أول من أمس، في القدس، للمرة الأولى، استعداد إسرائيل للتنازل عن جزء من الغموض الذي يلف الاتصالات غير المباشرة مع "حماس" حول وقف اطلاق نار طويل المدى في قطاع غزة.
أيضا الآن يأتي معظم المعلومات عن المفاوضات من الطرف الفلسطيني، ويصعب تقدير درجة موثوقيتها.
ولكن مجرد الإعلان عن نقاش في الكابنت حول طبيعة التسوية يعكس أيضا الدوافع السياسية: قبل نحو شهرين على موعد الانتخابات، رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بحاجة الى شرعية واسعة لخطواته في غزة.
في الوقت الذي يجند فيه الوزراء الذي يقفون على يمينه للنقاش، ومنهم نفتالي بينيت وبتسلئيل سموتريتش يقوم بافراغ، من المضمون الانتقاد الذي يتوقع أن يوجه إليه بسبب تقديم تنازلات لـ"حماس".
لن ينجح نتنياهو كما يظهر في أن يصد تماما الانتقاد من جانب حزب المعارضة الرئيس "أزرق- أبيض".
ولكنه يستطيع الاستعانة برأي رئيس الأركان، أفيف كوخافي، القاطع الذي قال، الأسبوع الماضي، في خطاب علني بأن الجيش يشخص وجود فرصة لتسوية في القطاع، ويؤيد إعطاء تسهيلات كبيرة في القطاع.
كوخافي يساعد نتنياهو على عرض ادعاء آخر، بحسبه فإن سلم أولويات إسرائيل الاستراتيجي في هذا الوقت يجب أن يتركز على المواجهة مع إسرائيل في الجبهة الشمالية، مع تهدئة التوتر في القطاع.
إزاء انتقاد اليمين، فان نتنياهو، وبينيت ايضا، يطرح عملية اخرى: خصم 150 مليون شيكل من أموال الضرائب التي تحول للسلطة الفلسطينية كعقاب على دعمها لعائلات "مخربين".
وهذه الخطوة لن تنجح في أن تطمس تماما تأثير التسوية مع "حماس"، ومن شأنها أن تضعضع اكثر العلاقات مع قيادة السلطة في رام الله. ولكن يبدو أن العامل المركزي في العمل ضد السلطة الآن هو سياسي أكثر مما هو سياساتي.
التعنت في قسم المخابرات في هيئة الأركان، وفي اعقابه كوخافي، بأن قيادة "حماس" اتخذت قرارا استراتيجيا بهدنة طويلة المدى، وجد التأييد المعين في القرار الذي تم اتخاذه في غزة، الخميس الماضي.
المظاهرات في يوم الجمعة على طول الجدار سيتم وقفها ثلاثة أشهر. وسيتم تجديدها فقط في نهاية آذار، في الذكرى السنوية الثانية على بدء المظاهرات. ينبع هذا القرار بالأساس من اعتبارات داخلية. الشعور بأن المظاهرات استنفدت فائدتها، والعبء الكبير الذي يخلقه آلاف المصابين بإطلاق النار من قبل الجيش على المستشفيات في القطاع. ولكن يمكن تفسير ذلك أيضا كبادرة حسن نية لإسرائيل في إطار جهود التهدئة العامة.
إسرائيل، كما نشر في "هآرتس" في تشرين الثاني الماضي، يمكن أن ترد بخطوات من طرفها. الخطوة الأكثر دراماتيكية ترتبط بالسماح بدخول عمال آخرين من القطاع إلى أراضيها.
الآن تسمح إسرائيل بدخول نحو 5 آلاف من السكان بوساطة تصاريح تجارية لرجال الأعمال، في حين أن معظمهم يعملون كعمال.
هذا الرقم يمكن أن يرتفع لاحقا، وربما أن يقترب من 20 ألفا. ولأنه توجد للطرفين مصلحة في التقليل من اهمية التفاهمات بينهما فان هذا الامر يتوقع أن يكون اضافة تدريجية وبطيئة.
هكذا اعتادت قطر على التصرف مثلا، التي تحول منذ اكثر من سنة ارساليات اموال نقدية للقطاع. ولكن تقريبا لا تعلن عن برامجها مسبقا، وفي كل مرة تزيد فترة المساعدة.
توجد لـ"حماس" توقعات اضافية من إسرائيل وعلى رأسها الاستمرار في اعطاء مصادقات على مشاريع كبيرة في مجال البنى التحتية في القطاع.
ولكن التحسين المتواصل لظروف الحياة في القطاع، المتدنية جدا منذ البداية، يشير إلى وضع تزويد الكهرباء.
في الشتاء قبل سنتين تم الابلاغ بأن شركة الكهرباء في القطاع عملت في المتوسط مدة 4 – 8 ساعات في اليوم. والآن متوسط الساعات يصل إلى 20 ساعة تقريبا في اليوم.
ولكن ما زالت هناك مخاطر. الرئيس فيها يتمثل في الخلاف الداخلي بين اذرع الأمن في إسرائيل. الرأي المتعنت لـ "الشباك" يخدم منذ اربع سنوات نتنياهو من اجل تأخير تصاريح الدخول لمزيد من العمال. في "الشاباك" يخافون من أن تستغل التنظيمات "الارهابية" العمال لادخال مواد ناسفة و"مخربين" لتنفيذ عمليات داخل الخط الاخضر، ويحذرون من أي مرونة في سياسة التصاريح. "الشاباك" ايضا يبرز مشاركة نشطاء القيادة في غزة في توجيه خلايا "ارهابية" في الضفة الغربية. وفي الجيش الإسرائيلي يخالفون ذلك، المخاطر موجودة، يعترفون، لكن قوتها أقل شدة مما يقدر "الشاباك".
استمرار العمليات من الضفة هو تهديد آخر للتهدئة طويلة المدى في القطاع. خلال سنوات رفضت "حماس" الموافقة على تجميد مطلق لـ "الارهاب" من الضفة.
وأول من أمس ورد في "كان" من قبل مصادر فلسطينية بأن "حماس" تتمسك بموقفها في هذه المرة أيضا.
من الصعب رؤية "حماس" تتنازل هنا، لكن المخاطرة من جانب إسرائيل واضحة: عملية قاتلة واحدة يمكنها أن تقودها إلى القيام بعملية رد في القطاع، وأن تهز تماما التهدئة.
وبقيت ايضا مسألة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين في القطاع. عائلة الملازم هدار غولدن، الذي تحتجز جثته من قبل "حماس" منذ خمس سنوات ونصف السنة، عادت ووجهت الانتقاد لنية الحكومة في التوصل الى اتفاق تهدئة دون أن تضمن من البداية إعادة المواطنين الإسرائيليين وجثث الجنديين. والدا هدار، ليئا وسمحا غولدن، اتهما نتنياهو بأنه خرق تعهده باشتراط التسوية بإعادة الأبناء.
الرد الأميركي
في الوقت الذي تتخبط فيه إسرائيل بخصوص طبيعة التهدئة في غزة، حدثت حادثة مهمة في العراق في نهاية الاسبوع، حظيت هنا فقط باهتمام ضئيل. مواطن أميركي يعمل في شركة امنية مدنية، قتل نتيجة صلية صواريخ كاتيوشا أطلقت على قاعدة عسكرية في كركوك في شمال العراق. ويبدو أن مليشيات شيعية محلية مرتبطة بإيران هي المسؤولة عن الهجوم.
هذه هي الحادثة الأولى التي قتل فيها أميركي في المنطقة منذ بدأ الإيرانيون عملية منسقة من الهجمات في الخليج الفارسي في أيار الماضي. وحسب تقدير أجهزة المخابرات الغربية فإن الهجمات الإيرانية استهدفت الرد على الأضرار البالغة التي تسببها العقوبات الاقتصادية التي فرضتها إدارة ترامب على النظام في طهران، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.
تريد إيران اعادة الأميركيين للتفاوض على الاتفاق والوصول إلى رفع العقوبات عنها.
حتى الآن هي فعلت ذلك من خلال جباية ثمن متصاعد من السعودية ودولة الامارات دون المخاطرة برد أميركي. وحتى عندما أسقط الإيرانيون طائرة أميركية بدون طيار باهظة الثمن في حزيران الماضي امتنعت الولايات المتحدة عن الرد.
في القيادة الإسرائيلية عبروا عدة مرات عن خيبة الأمل من ضبط النفس الأميركي ازاء استفزازات إيران. مقتل المواطن الأميركي وفر للإدارة الأميركية فرصة مريحة للرد وجبي ثمن من طهران.
أول من أمس أكد البنتاغون أن طائرة أميركية هاجمت اهدافا لمليشيا مدعومة من قبل إيران في العراق وسورية، وحسب التقارير فان عدداً من مقاتلي المليشيا قتلوا.

عن "هآرتس"