الكهرباء في فلسطين والغاز في حوض المتوسط

حجم الخط

بقلم: د. دلال عريقات

 

في ظل انقطاع التيار الكهربائي في مدن مختلفة في فلسطين، ينشغل الفلسطينيون بمتابعة التفاصيل دون كهرباء تحت الاحتلال، من تحصيلات، مبيعات، تخفيضات أو إصلاحات، وتضيق الدائرة حتى ترى الفرد مشغولاً بساعات القطع وأسباب المشكلة وبوادر الحلول لكل حي أو منطقة أو حارة. بالمناسبة، ومن الضروري أن يعرف المواطن الفلسطيني أن المخيمات تشكل ما نسبته تقريبا ٦% من مشتريات الشركة وأن الحكومة ستسدد القرض الذي حصلت عليه الشركة بواسطة سلطة النقد والحكومة. القرض سيسدد من مستحقات الشركة لدى الحكومة ومساهمة الحكومة في حل موضوع المخيمات.

بالرغم من التفاصيل الكثيرة، إلا أن مشكلة انقطاع الكهرباء ما زالت مستمرة لأسباب عديدة؛ في النهاية، من غير المنطقي أن يتحمل المواطن المسؤولية حتى لو كانت المشكلة فنية، فالمواطن هو الضحية.

بينما نحن منشغلون بانقطاع الكهرباء وبالشركة المُزودة، قام الرئيس القبرصي ورئيس وزراء اليونان ورئيس الوزراء الاسرائيلي بتوقيع اتفاقية لمد خط الغاز الطبيعي الشرق متوسطي. يبلغ طول خط الغاز 1,900 كيلومتر سيربط بين حقول الغاز المكتشفة حديثاً في منطقة شرق حوض المتوسط مع الأسواق الاوروبية عبوراً باليونان وإيطاليا. المطور الرئيسي للمشروع هو الحكومة اليونانية. هذا الاتفاق أثار غضب الأتراك تحديداً الذين أعلنوا عن حقوقهم بحقول الغاز على السواحل القبرصية وهذا ما رفضته الدول الثلاث الموقعة، فيدعي المسؤولون في قبرص واليونان وإسرائيل ان هذه الاتفاقية ومشروع خط الغاز لا يشكل رسالة ضد تركيا، على العكس يدعون ان هذا الاتفاق هدفه الترويج للتعاون الإقليمي في مجالات الطاقة في حوض المتوسط. حتى ان الاتحاد الأوروبي أبدى اعجابه بالمشروع الذي سيزود أوروبا بمصادر طاقة مختلفة ستضمن الأمن في مجال الطاقة لمواطني الاتحاد الأوروبي. من الجدير بالذكر ان الولايات المتحدة الامريكية داعم رئيسي لهذا المشروع، حيث ان وزير الخارجية بومبيو حضر الاجتماع الثلاثي (قبرص، اليونان وإسرائيل) الذي عُقد في القدس!

من المهم دائماً التركيز على الصورة الكبيرة وعدم الضياع في التفاصيل، وهنا الغرض من مقال اليوم وهو لفت الانتباه لموضوع حقوق الدول الاقتصادية في الحدود المائية الإقليمية وعلاقتها بالأمن في مجالات الطاقة وهنا نتحدث عما يسمى بالمنطقة الاقتصادية الخاصة (EEZ (Exclusive Economic Zone وهي المنطقة التي تتمتع فيها الدول بالحق في إدارة ومراقبة الشؤون والموارد البحرية في حدودها الإقليمية، مثل صيد الأسماك والحفر لاستخراج المعادن والنفط والغاز والتي كما جاء في المؤتمر الثالث لاتفاقية البحار قد تمتد من 12 الى 200 ميل بحري من حق الدول الساحلية أن تطالب بحقوقها في هذه المنطقة حول الصيد والمعادن واستثمار واستخراج أي مصادر مائية في تلك الحدود.

اذاً، تتمتع كل دولة بحقوق في منطقة اقتصادية خاصة بها لاستخراج كافة أشكال الطاقة من البحر والحدود المائية الإقليمية، فلسطين لها منطقة اقتصادية خاصة بها في حوض المتوسط، ولكن علينا أن ندرك ان الدول المجاورة لن تبادر وتعطينا هذا الحق دون أن تقوم فلسطين بالمطالبة بحقوقها في هذه المنطقة. وهنا على الدبلوماسية الفلسطينية سواء بشكل ثنائي Bilateral او متعدد الأطراف Multilateral أن تكثف العمل والجهود وتفعيل الحديث عن الحق الفلسطيني في حدود مائية إقليمية لضمان حق فلسطين في حقول الغاز وغيرها في حدودها الإقليمية حتى لا يأتي الاحتلال على حقوقنا في هذا الملف أيضاً.

- د. دلال عريقات، استاذة في التخطيط الاستراتيجي وحل الصراع، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية.