رغم التحذير المصري

فاجأت الإقليم.. دلالات مشاركة حماس والجهاد الإسلامي في تشييع سليماني؟

فاجأت الجميع.. دلالات مشاركة حماس والجهاد الإسلامي في تشييع سليماني؟
حجم الخط

غزة - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

فاجأت حركة حماس الإقليم بمشاركة رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية إلى جانب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة، بمراسم تشيع قائد فليق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، في العاصمة الإيرانية طهران، وذلك بعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية اغتياله في مطار بغداد فجر الجمعة الماضية؛ لينقسم الفلسطينيين بين مؤيد ومعارض لهذه المشاركة، الأمر الذي طرح تساؤلات عديدة عن دلالات مشاركة الحركتين.

مصادر مصرية موثوقة كشفت النقاب عن استياء القاهرة من مشاركة هنية في جنازة قاسم سليماني في العاصمة الإيرانية طهران، وهو ما يُخالف شرطاً وضعته القاهرة لخروج هنية من مصر في جولة إلى العالم بما فيها قطر وتركيا، رهناً بعدم تضمين زيارة لطهران. حسب تقرير لصحيفة "دار الحياة".

وأوضحت المصادر المصرية أنّ هنية تجاهل الرسائل المرسلة من القاهرة ودول عربية سنية أخرى بضرورة عدم المشاركة في جنازة سليماني، إلى جانب مخالفة هنية الاتفاق الشفوي مع القاهرة الذي أخذه على نفسه نظير السفر إلى عدة دولٍ عربية وإقليمية.

سياسية وليست عقائدية

رأى أستاذ الإعلام والعلاقات العامة في جامعة بيرزيت، نشأت الأقطش، أنّه من الطبيعي أنّ تُشارك حماس والجهاد الإسلامي بالعزاء في اغتيال سليماني؛ لأنّ المشاركة تأتي كجزء من "التحالفات السياسية" وليست "عقائدية".

واتفق المحلل السياسي وأستاذ جامعة الأمة بغزّة، د. حسام الدجني، مع سابقه بأنّ مشاركة حماس في مراسم تشييع سليماني سياسية؛ لأنّها تنظر لمجريات الأحداث نظرة سياسية بناءً على المصلحة وليست إيدلوجية.

وبيّن الأقطش خلال حديثه لوكالة "خبر" أنّ دعم إيران لحماس بعد فوزها بالانتخابات التشريعية في العام 2006 مستمر، وذلك في الوقت الذي قطعت معظم الدول العربية دعمها عن الحركة؛ فكان بمثابة "الأوكسجين" الذي جعلها موجودة على الخارطة حتى الآن.

ولفت الدجني إلى أنّ حماس ترى بأنّه من الوفاء لسليماني الذي دعم المقاومة ليس لها وحدها وإنما لكل فصائل العمل الوطني والإسلامي؛ بإمدادها بالترسانة المسلحة وتكنولوجيا التصنيع، المشاركة في مراسم تشيعه.

تعزية مبالغ بها

قال الأقطش: "إنّ سليماني به واحدة وعليه واحدة، بتدخلاته في سوريا واليمن والعراق؛ لكنّه في ذات الوقت دعم ترسانة المقاومة في غزّة من أسلحة وتكنولوجيا وتصنيع وتدريب ومال".

وأوضح الدجني أنّه يتفق مع الآراء التي تقول إنّ المشاركة بمراسم التشييع مبالغ بها، حيث كان من الضروري عدم حضور المراسم مراعاة لمن أوغل سليماني بدمائهم في سوريا والعراق، مُبيّناً في ذات الوقت أنّ الموقف الفلسطيني مرتبط بخصوصية وجود الاحتلال والحاجة الملحة إلى دعم القضية الوطنية والمقدسات. 

تحذيرات مصر ومحور المقاومة

اعتقد الدجني أنّه من الصعب البناء على معلومات غير دقيقة بشأن غضب مصر من مشاركة وفد حماس خاصة في ظل حالة الجدل والانقسام، لافتاً إلى أنّ الأمر بحاجة إلى تدقيق لأنّه لم يتحدث أي طرف رسمياً سواء حماس أو مصر بهذا الصدد.

وبيّن الأقطش أنّ المشاركة لا تتخطى كونها تقديم واجب العزاء الذي هو عرف عربي، مُضيفاً: "لسنا حلفاء إيران أو الولايات المتحدة؛ والأولى أنّ ننأي بالنفس ونصمت ولا نبدي فرحًا أو حزنًا".

ولفت الدجني إلى أنّ "حماس لم تكن يومًا خارج محور المقاومة واستراتيجيتها تختلف عن الآخرين"؛ لأنّها مبينة على الانفتاح على الآخرين"؛ مُوضحاً أنّها لا تُريد أنّ تكون في "جيب" أحد بمن فيهم إيران.

وكان هنية قد قال في كلمة له خلال مراسم تشييع قاسم سليماني في طهران "أتينا من فلسطين لنقدم التعازي لسماحة القائد السيد علي خامنئي والجمهورية الإسلامية بشهادة الفريق سليماني"، مُردفاً: "سليماني هو شهيد القدس وله الفضل لما وصلت إليه المقاومة في فلسطين".

وشدّد هنية على أنّ "بصمة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني كانت حاضرة بكل ما يتعلق بالمقاومة"، مُشيراً إلى أنّ "سليماني" قدم الدعم والتأييد للمقاومة الفلسطينية على جميع الصُعد من بينها المال والسلاح.

من جهته، قال النخالة خلال زيارته لمنزل عائلة سليماني: "إنّ غزّة ومقاومتها كانت تستفيد من الدعم والتأييد الذي يقدمه سليماني، وكان يمدها بالأسلحة والأموال، وكانت تنتعش المقاومة بحضوره".

ورقة رابحة

رأى الأقطش أنّ من يملك "الورقة الفلسطينية  التي تعد ورقة رابحة يستطيع أنّ يدخل إلى النادي الدولي كلاعب أساسي؛ مُشدّداً في ذات الوقت على ضرورة فهم هذه المعادلة، حيث يُراد أنّ نكون ورقة ويجب رفض هذا الأمر.

وأضاف: "يجب أنّ نكون أصحاب قرار وطني مستقل لا ننحاز، ومن يدعمنا نرحب بدعمه ومن يحاربنا ننأى بأنفسنا، لأنّنا بحاجة إلى الأخرين وليس العكس".

وتساءل عن غياب المشروع الوطني، بالقول: "ما هو مشروعنا حتى اللحظة؟! أشك أنّ لدينا مشروع وطني واضح والحديث عن كل فصائل العمل الوطني والإسلامي؟"، لافتاً إلى أنّ كل شخص يرى المشروع الوطني من زاوية مختلفة، وهو أسوأ شيء حدث للقضية الفلسطينية.

"تهدئة"  تُحيد غزّة

وحول كيفية تعامل إسرائيل مع مشاركة حماس والجهاد في تشيع سليماني، قال الدجني: "إنّ إسرائيل تُراقب المشهد الإقليمي وتحولاته وتداعياته عليها سواء من قدرة إيران على إجلاء القوات الأمريكية من الشرق الأوسط، وإنّ كانت ستتجه الأمور نحو مواجهة مفتوحة"، مُؤكّداً في ذات الوقت على أنّ غزّة حاضرة بدليل حديث إسرائيل عن هدنة طويلة الأمد لتحييدها.

وشدّد الأقطش على أنّه ليس بمقدور إسرائيل أنّ تتخذ إجراءات أكثر من حصار غزّة منذ 12 عامًا، إضافةً إلى حصارها المالي على السلطة الفلسطينية رغم تنسيقها الأمني، إلا إبادة الفلسطينيين.

يُذكر أنّ صحيفة هآرتس العبرية قالت اليوم الثلاثاء، "إنّ مشاركة هنية في جنازة سليماني قد تؤدي إلى ردود فعل غير متوقعة من إسرائيل ومصر"، زاعمةً أنّ اغتيال سليماني وضع حماس في مأزق كبير بين اختيارها لترتيبات الهدوء في غزّة أو الدعم من إيران.