.. في مظاهر «الفجور» في السياسات الأميركية - الإسرائيلية!

هاني حبيب.jpg
حجم الخط

هاني حبيب

عمليات الاغتيال الفردي والجماعي، هي جزء لا يتجزأ من استهدافات الدول وأجهزتها، والفصائل المقاتلة والأحزاب المقاومة، وتلجأ أطراف عديدة رسمية او غير رسمية الى هذه الأساليب في العديد من أنشطتها، إلا أن ذلك، في معظم الأحيان، يتم في الخفاء وبدون إعلان عن هذه العمليات. معظم حوادث الاغتيالات على المستوى العالمي والإقليمي، لم يتم الاعتراف عمن خلفها، لأن هذه العمليات، مهما كانت المبررات التي تقف خلفها، في الغالب، هي عمليات غير إنسانية وغير أخلاقية، إضافة الى انها تتم خارج نطاق القانون اي قانون كان، وتتنصل الجهات التي تقوم بها عن الاعتراف بمسؤوليتها عنها.
إلا أن هناك دولتين، تشذان عن هذه القاعدة المتعارف عليها، دولة الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة الأميركية، فهما لا تكتفيان بالإعلان والاعتراف بقيامهما بمثل هذه العمليات، بل تفخران بهذا العمل الدنيء غير الإنساني وغير القانوني، رغم كل ما يقال عن ديمقراطيتهما والتزامهما بالقانون، لذلك، تتبادل الدولتان، الدعم والتهنئة لدى قيام اي منهما بعملية اغتيال، وما جرى من اغتيال اسرائيل لبهاء ابو العطا وثم اغتيال ادارة ترامب لقاسم سليماني قبل ايام، وتبادل المباركة والتهنئة بين قيادات البلدين، لهو الدليل الاضافي على مدى انحدار المستوى الاخلاقي والقانوني، الذي يتجاوز في كثير من الاحيان المستويات القيادية الى المستوى الشعبي، كما رأينا في تأييد الرأي العام الاسرائيلي لعمليات الاغتيال التي باتت تشكل احدى اهم سلوكيات الارهاب الرسمي!
إلا أن انحدار المستوى الاخلاقي لدى الدولتين، يتجاوز مسألة الاغتيالات، الى التهديد بمهاجمة المواقع الثقافية، الدينية والفنية والتراث الشعبي، فقد هدد الرئيس الأميركي بضرب ٥٢ هدفاً مدنيا ثقافيا في إيران، في سابقة ربما هي الأولى من نوعها عندما يتم الإعلان صراحة، عن التوجه نحو ضرب أهداف مدنية، ثقافية ودينية، بينما العالم كله يتنصل من مثل هذه الإعلانات، وحتى الدول التي تقوم بذلك تتنصل من مسؤوليتها، مع العلم ان الولايات المتحدة كانت قد وقعت على بنود معاهدتي ١٩٥٤ و١٩٧٢، بإلزام الدول الموقعة عليها بألا تتخذ تدابير متعمدة قد تلحق أضراراً بالتراث الثقافي والطبيعي على أراضي دول أخرى! وإسرائيل، مثل الولايات المتحدة لكن سبقتها في مثل هذا السلوك، عندما ضربت عرض الحائط بكل ما تمثله منظمة اليونسكو، من حفاظ على التراث الثقافي والوطني، وهي تنتهك يومياً، مجالات الثقافة والمواقع الدينية الفلسطينية الاسلامية، والمسيحية وتنتهك علناً الحقوق الفلسطينية التي اقرتها اليونسكو وكافة المواثيق والقرارات الدولية.
تدعي مختلف الدول، لدى نشوب الحروب بين دولة وأخرى، او حلفاً وآخر، انها تستخدم «القوة المناسبة» لردع القوة الأخرى، في الحالة الإسرائيلية - الأميركية، نجد انتهاكاً لهذا المبدأ، عندما يتم الإعلان وبصراحة وقحة، من جانب ترامب عندما يعلن على الملأ، انه سيقوم بضرب إيران، بقوة غير متناسبة اذا ما أقدمت الأخيرة، على ضرب المصالح الأميركية، اي ان واشنطن ستستخدم قوة فائضة واكثر من اللازم، في الانتقام من اي هجوم إيراني، بصرف النظر عن مدى قوة هذا الهجوم، وهو سلوك سبقه اليه قادة الدولة العبرية، عندما تستخدم القوة العسكرية والتدميرية المفرطة والفائضة عن الضرورة والتناسب في مواجهتها لأعمال المقاومة العسكرية والشعبية الفلسطينية ضد قوات الاحتلال والمستوطنين الإسرائيليين.
إنها سياسة الفجور والتنمر التي تجمع بين إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية؟؟