إسرائيل تسرق الغاز الفلسطيني

حجم الخط

بقلم:نبيل سالم

 

منذ إقامتها في إطار مؤامرة استعمارية كبرى بحق الشعب الفلسطيني، تسعى إسرائيل إلى سرقة الثروات والموارد الطبيعية الفلسطينية، وحرمان الشعب الفلسطيني، من أدنى فرصة قد تسهم في توفير الحياة الإنسانية الكريمة له، في وطنه التاريخي.

ومع أن الفئة العسكرية الإسرائيلية المدعومة غربياً، وأمريكياً بشكل خاص، تمكنت من السيطرة على الكثير من الثروات الفلسطينية، ولا سيما الثروة المائية، إلا أن المحتل لم يكتف بذلك، بل وسع أطماعه لتشمل الثروة الغازية الفلسطينية، حيث صدرت إسرائيل رؤيتها الاستعمارية للعقد القادم بأحلامها بأن تكون لاعباً رئيسياً في سوق الطاقة، بفضل حجم الغاز الكبير المكتشف عند سواحل الأراضي الفلسطينية المحتلة، إذ سعى الاحتلال إلى صياغة علاقات تقارب بينه وبين بعض الدول المطلة على المتوسط، وذلك على حساب الاقتصاد الفلسطيني والشعب الذي يعاني ظروفاً اقتصادية قاهرة سببها استمرار الاحتلال، وسرقة الموارد الطبيعية الفلسطينية.

فكما هو معروف لم تراع سلطات الاحتلال الإسرائيلي في عمليات التنقيب التي تجريها على السواحل الفلسطينية المحتلة أو في ساحل قطاع غزة، أي اعتبارات حدودية جغرافية، وإنما سعت إلى وضع يدها على كل مصدر طاقة قد يقود إلى تحسين ظروف الشعب الفلسطيني، خاصة إذا ما علمنا أن حقل الغاز المكتشف بالقرب من قطاع غزة، يكفي إمداد القطاع والضفة الغربية بالكهرباء لمدة 15 عاماً على أقل تقدير. ومعروف أن محاولات إسرائيل استثمار الغاز الفلسطيني، ليست حديثة، وإنما تعود إلى أكثر من ربع قرن، حيث بدأ الاحتلال بأعمال التنقيب عملياً في العام 1992، فيما تمكنت السلطة الفلسطينية من اكتشاف الغاز من سواحل قطاع غزة في العام 1999، بوساطة شركات أجنبية، حيث تم اكتشاف نحو 30 مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، تدر أرباحاً بحسب الخبراء تقدر بنحو ملياري دولار، إلا أن هذا المشروع سرعان ما توقف في أعقاب الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، حيث سيطر الاحتلال على المياه الإقليمية الفلسطينية، حارماً الشعب الفلسطيني من ثروته الحقيقية من الغاز الطبيعي، الموجود في أرضه.

ما يلفت الانتباه، هو سعي سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى التعاون مع دول مطلة على المتوسط، تعد صديقة للشعب الفلسطيني ومناصرة للقضية الفلسطينية، مثل اليونان وقبرص، إذ شكل الاتفاق الذي وقع في العاصمة اليونانية أثينا بين كل من اليونان وقبرص وإسرائيل لمد خط أنابيب شرق المتوسط «إيست ميد» لتزويد أوروبا بالغاز، حلقة جديدة في مسلسل السرقة الإسرائيلية المتواصلة للثروات الفلسطينية.

وبغض النظر عن الأهداف الاقتصادية أو السياسية التي يحملها هذا المشروع، فإنه يمثل حصيلة الضغوط التي تعرضت لها كل من اليونان وقبرص من قبل الولايات المتحدة و«إسرائيل» لتغيير سياستهما الخارجية التقليدية، وهو ما دعا الجالية الفلسطينية في اليونان إلى انتقاد هذا الاتفاق حرصاً على روابط التضامن والصداقة التاريخية بين الشعب الفلسطيني والشعب اليوناني،

ومع أن إسرائيل تحاول تصوير هذا المشروع على أنه نقلة نوعية تهدف إلى تطوير المنطقة، إلا أن مراميها لمثل هذه المشاريع التي تجسد سرقة الحقوق الفلسطينية، والأهداف الكامنة وراءها، ظهرت خلال زلة لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبيل سفره إلى اليونان عندما تحدث عن تحويل إسرائيل إلى قوة نووية، خلال اجتماع للحكومة، قبل أن يتدارك الخطأ بإيماءة تنم عن الحرج، مصححاً بعبارة «قوة في مجال الطاقة». علماً بأن كل التقارير تؤكد امتلاك إسرائيل أسلحة النووية.

كما بدت الأهداف الحقيقية لإسرائيل عندما قال نتنياهو صراحة: «شكلنا تحالفاً في شرق المتوسط، له أهمية كبرى بالنسبة لمستقبل دولة إسرائيل الطاقي، وتحويلها إلى دولة عظمى في هذا المجال».

أخيراً، لا بد من القول إن إسرائيل بتوقيعها الاتفاق الأخير مع كل من اليونان وقبرص، قد تحقق بعض المكاسب السياسية وحتى الاقتصادية على المدى المنظور، إلا أنها مهما فعلت لن تستطيع إخفاء وجهها البشع كقوة استعمارية، تسعى للهيمنة على المنطقة وسرقة خيراتها ولا سيما في فلسطين المحتلة.

بالاتفاق مع "الخليج"