بقلم: سميح خلف

الجيل الرابع والحاجة الفلسطينية والإقليمية

سميح خلف
حجم الخط

غزّة - وكالة خبر

بداية ينتمي مروان البرغوثي للجيل الرابع الفلسطيني ما بعد النكبة كما هو محمد دحلان ايضا ً ينتمي الى الجيل الرابع مابعد النكبة وكلاهما عملا في تاسيس منظمة الشبيبة الفلسطينية في الضفة وغزة ، مروان البرغوثي من مواليد 1958 ودحلان من مواليد 1961 ، اي بفارق ثلاث سنوات بينهما ، ولكن ما جمع هذا الجيل هي نفس السنوات بالالتحاق بحركة فتح واعتقد نفس المناخات والظروف النضالية لكلا الرجلين في فترة الثمانينات هي نفسها ، فمروان البرغوثي اعتقل لمدة خمس سنوات  ومن ثم اعتقالات متكررة من قبل الاحتلال وكذلك محمد دحلان ، عمل البرغوثي في رئاسة مجلس الشباب لجامعة بيرزيت ثلاث مرات متناوبة وكما عمل دحلان في تاسيس منظمة الشبيبة الفلسطينية التابعة لحركة فتح ايضا ً وعلى راس عملها بعد ابو علي شاهين ، ابعد البرغوثي الى الاردن بقرار كم اسحاق رابين في عام 1986 ، اما دحلان فبعد السجن المتكرر والاستدعاءات ابعد ايضا الى الاردن عام 1988 وكلاهما ساهم بشكل ريادي في الاعداد للانتفاضة الاولى وتجهيز الحالة المعنوية والتعبوية للشباب الفلسطيني .

اثناء فترة الاعتقال اجاد كل من مروان البرغوثي الحاصل الان على الدكتوراء في العلوم السياسية في اللغة العبرية  كما اجادها محمد دحلان ايضا ً ، تلقد مروان البرغوثي امين سر حركة فتح في الضفة الغربية وعضو مجلسها الثوري بعد اوسلو في المؤتمر الخامس ، ولكن كان هناك شيء من الصراع على اللجنة الحركية العليا في الضفة الغربية مابعد اتفاق اوسلو عند دخول منظمة التحرير بموجب هذا الاتفاق الى ارض الوطن وكان الصراع ابان الانتفاضة الثانية الذي اخذ يشتد بينه وبين حسين الشيخ على اللجنة الحركية العليا ، في حين ان مروان البرغوثي كان يحوز على ثقة ابو عمار بعكس البنية والمستوى التنظيمي لحسين الشيخ الذي يتقلد الان الشؤون المدنية في سلطة محمود عباس والعلاقات الفلسطينية الاسرائيلية والتنسيقية ايضا ً ، وبعد وايرفر عاد ابو عمار مرددا ً شعار شهيدا ً شهيدا ً شهيدا ً وعلى القدس رايحين شهداء بالملايين وبالتالي كان خطاب مروان برغوثي يتوافق مع شعار ابو عمار وبالتالي اسند اليه تاسيس كتائب شهداء الاقصى مع منير مقدح في الجنوب اللبناني قائد قوات الثورة في ذاك الوقت في لبنان والتي كان لها فعل مزلزل وقوي وعمليات نوعية شملت كل الارض الفلسطينية وبموجبها تم اعتقال مروان برغوثي والحكم عليه خمس مؤبدات بالاضافة الى عشر سنوات .

اما دحلان فقد التقى الرجلين في تونس بعد تنقل في اكثر من عاصمة ودولة عربية وكان دحلان من المقربين لياسر عرفات وعمل في مواقع مختلفة في القطاع الغربي مع ابو جهاد وخاصة في الانتفاضة الاولى واركن اليه عدة مواقع ومناصب في السلطة وفي حركة فتح ، وابان الانتخابات التشريعية حاز على اكثر الاصوات في في المجلس التشريعي وهي الانتخابات الاخيرة عام 2006 وفي المؤتمر  الخامس لحركة فتح ايضا ً فاز بعضوية اللجنة المركزية للحركة في حين صد عدة هجمات عليه بخطابه المشهور في المؤتمر الحركي وبالوثائق والتواريخ والاسانيد دافع عن نفسه والقى بالمسؤولية على رئاسة الحركة وبعض المتنفذين فيها ايضا ً ، تنقل دحلان من مسؤولية الى اخرى وبموجب التكليف من السلطة السياسية بادارة المفاوضات في ملفات مختلفة مع الاسرائيليين وبتكليف شخصي من ياسر عرفات ايضا ً ، وكان مسؤول للامن الوقائي ومن ثم مسؤول للامن القومي الفلسطيني ووزيرا ً للداخلية في فترة اخرى .

اردت من هذا المقال ان اتحدث عن الجيل الثالث في حركة فتح والجيل الرابع ما بعد النكبة وقد يكون هناك تشابه كبير بين الرجلين في حركة فتح باختلاف الحالة ما بعد اوسلو واعتقال مروان برغوثي .

كثر الحديث عن خلافة محمود عباس وكثير من الرؤى الشعبية والعامة تتحدث عن محمد دحلان كقائد للسلطة وقائد لحركة فتح واخرين يتحدثون عن مروان برغوثي كهوية نضالية اخرى لقيادة الشراع الفلسطيني ، في حين ان الصراع يحتدم في الضفة الغربية فتحاويا وبثوب عشائري وبثوب فتحاوي ايضا لخلافة محمود عباس الطاعن في السن ، فاليوم او غدا سيقف الشعب الفلسطيني امام حقيقة اذا ما اختفى  محمود عباس عن الحياة ، في حين ان محمود عباس يرفض وضع نائبا له للان وتعثر في طريق المفاوضات وانهيار البرنامج الوطني الفلسطيني والانقسام الذي اصبح شبه واقع وحقيقة جغرافيا وسياسيا وامنيا ً وربما ثقافيا ايضا ، مروان برغوثي في خلال مؤتمرين حركيين حاز على اعلى الاصوات ولم يكن مرغوبا ً ان يكون امين سر للحركة او يحمل حقيبة رئيسية في اللجنة المركزية ، ولكن كثير من الاوساط الدبلوماسية والسياسية اقليمية وذاتية تجمع الان على ان يكون مروان برغوثي هو الخليفة لقيادة حركة فتح والحالة الفلسطينية بما له من اجماع وطني وشعبي وفتحاوي ايضا ويحوز على رضا حركة حماس والتيار السياسي الاسلامي ايضا في فلسطين .

واذا اخذنا نموذجا لهذا التوافق فمحمد دحلان في اكثر من لقاء صرح اذا ترشح مروان برغوثي فانه سيدعم هذا الترشيح ، اي بمعنى ان التيار الديمقراطي الاصلاحي الذي يقوده محمد دحلان سيدعم مروان برغوثي وان كان دحلان مازالت القوة الشعبية وغالبية حركة فتح تدعم ترشح محمد دحلان للرئاسة ورئاسة حركة فتح ايضا وهنا اجاب محمد دحلان على التساؤل قائلا انا لن ارشح نفسي الا بما ترتئيه قواعد حركة فتح ، في حين ان دحلان استطاع منذ عام 2010 وما قبل ذلك الى نسج علاقات اقليمية جيدة وعلاقات وطنية جيدة ايضا مع كافة الفصائل الفلسطينية بما فيها حماس والجهاد الاسلامي ، بل كان لدحلان والتيار الاصلاحي باع طويل في فكفكة ازمات غزة  من خلال لجنة التكافل الاجتماعي ومؤسسات اخرى ايضا ً .

اذا هناك اجماع على ترشيح مروان برغوثي لقيادة الشراع الفلسطيني وهناك اجماع ايضا لقيادة محمد دحلان باستثناء القليل حركيا والطامحين بالقوى العشائرية لدفعهم لهذا الموقع في الضفة الغربية ولكن ما يميز دحلان رغم ان دحلان وضع البرغوثي في المقدمة للترشح الا ان البرغوثي يفتقر لعلاقات اقليمية ودولية وبالتالي هي ما تتوفر في محمد دحلان ولذلك اعتقد وكما صرح محمد دحلان في اكثر من لقاء ايضا ان عهد الزعامة الواحدة والوحيدة قد انتهى الى عصر الشراكة الوطنية لقيادة الشراع الفلسطيني  ، ومن هنا ليس بالضرورة ان يكون قائد السلطة هو قائدا ً لفتح وليس بالضرورة ان يكون قائد السلطة هو قائد لمنظمة التحرير ومؤسساتها والقائد الاعلى لقوى الامن ، ففي عصر الشراكة جميع المعادلات تخضع للتوازن في المسؤوليات والمهام.

اذا نحن بحاجة الان الى هذين الرجلين لما يمتلكانه من كاريزما وتاريخ نضالي واجماع فتحاوي لجميع طوائف حركة فتح بما فيهم التيار الذي شارك في اوسلو لمناخات اقرها المجلس الوطني عام 1988 بما يعرف بوثيقة الاستقلال والتحرك بموجبها وتيار الكفاح المسلح ايضا الخارج عن اطار هذا الاتفاق ، فبامكان الرجلين ان يحققا وحدة حركة فتح ووحدة الحركة الوطنية والقوى الاسلامية في برنامج يلتقي الجميع فيه في منتصف الطريق .