وضعْنا إصبع ترامب على الزناد وقلنا له: اقتل سليماني !

حجم الخط

بقلم: يوسي كلاين


نحن مصابون بالإحباط. فليس كل شيء يدور حولنا. لا يقتلون من أجلنا. لا يعاقبون باسمنا، ولا يردعون باسمنا.
الحقيقة هي أنهم لا يهتمون بنا. «تصفية» (المفهوم الأكثر ليونة والأكثر لطفا) سليماني تحلق فوق رؤوسنا. نحن فقط إحصائيون يأملون بأن ترسل إيران الحساب إلى عنوان آخر.
نأمل بأن تقوم «أهداف أميركية» باستقبال الحساب. لكن بأثر رجعي وبالتحديد من خلال تعظيم القتل الناجح يمكننا أن نسأل اذا كانت عزتنا وإهانتهم تساوي الثمن. نحن نفهم في الأسعار. ثمن التصفية في غزة هو إطلاق صواريخ القسام على سدروت. وتصفية هايدريخ التي أثارت ايهود يعاري تسببت بالقتل الجماعي.
بصفتنا مرشحين محتملين للقتل الجماعي مسموح لنا السؤال: ما الذي سنحققه من ذلك؟ هل سيتحسن وضعنا؟ يبدو أن الجواب هو لا. فالتصفيات لا تغير أي شيء. في قطاع غزة قمنا بتصفية عدد لانهائي. التصفيات ليست أكثر من منافسة ذكورية: كل طرف يريد الاثبات بأنه يستطيع.
هل الافتراض بأننا نستطيع يملؤنا بالفخر؟ هل نتأثر بـ»اليد الطويلة للجيش الإسرائيلي»؟ بقدر ما إجرام سليماني مبالغ فيه إلا أن حكمته أكثر إثارة للإعجاب. وتشبيهه بهتلر يجعل ذراعنا أطول. هل هذه هي تصفيتنا؟ لحظة، أليس هذا فعل ترامب؟ أجل، ترامب. ولكن رغم ذلك نحن لن نتنازل. سنصمم وسنعطي الإشارات وسنغمز. ولن ننفي أن التصفية هي تصفيتنا حتى لو لم يسألوننا.
وحتى لو أن التصفية هي من قبلنا فنحن لن نردع أحدا. بدلا من سليماني أ، سيأتي سليماني ب. مثلما جاء نصر الله بدلا من موسوي، ومثلما جاء هنية بدلا من أحمد ياسين. أحيانا التصفيات تنجح (التصفية التي قام بها يغئال عامير) وأحيانا التصفيات تفجر اتفاقات. عندما يزعج الاتفاق دائما يكون هناك من سيقول إنه «يستحق الموت، والآن توجد فرصة».
في أيلول الماضي كانت هناك محاولة لعقد لقاء بين ترامب وروحاني، ربما من أجل التوصل الى اتفاق. سليماني تفجر والتسوية المحتملة تفجرت معه. ولو لم يتم تفجير سليماني لكان نتنياهو سيتفجر من الغضب. فالاتفاقات تهدده ولا يهم مع من وعلى ماذا؟ (باستثناء بن غبير وبيرتس). اتفاق بين ايران والولايات المتحدة كان سيخرج من بين ايدي نتنياهو الورقة المحببة إليه «يريدون قتلنا، وأنا أنشغل بالحصانة».
لو أنه لم يكن منشغلاً بالحصانة لكان لديه بالتأكيد الوقت كي يكتب، أو على الأقل يلمح، بأن التصفية هي تصفيتنا. أعاد نتنياهو ليعاري لون وجهه، وأعاد البريق لعيون روني دانييل والعمق لصوت الون بن دافيد. غير بعيد اليوم الذي يستطيع فيه دانييل القول إنه حسب مصادر اجنبية، من فعلوا ذلك هم نحن. لقد حذرنا، دفعنا، عثرنا على الهدف وخططنا، نحن وضعنا إصبع ترامب على الزناد وقلنا له، الآن اضغط.
والآن، بعد أن قام بالضغط على الزناد، هل اصبح العالم مكاناً أفضل؟ ربما في الساعتين القريبتين. ما الذي تريدونه منا؟ سيقول من قاموا بالتصفية. ألم تطلبوا منا أن نقوم بالتصفية؟ لقد فعلنا ذلك. والآن أنتم تريدون معرفة ماذا بعد ذلك؟ ما هي الخطة؟ ما هي السياسة؟ اذهبوا إلى وزارة التخطيط والسياسات واسألوا هناك.
هذا هو، لا توجد وزارة كهذه. لا يوجد خطة أو سياسات. يوجد منع ولا توجد مبادرة.
ربما هذا غير مطلوب، حيث إن خيار القتل دائما موضوع على الطاولة.
الخيارات الأخرى صعبة. من الأسهل أن تواجه خامنئي على أن تواجه الحاخام ايلي تسدان. ومن الأسهل إلقاء نصف طن من المواد المتفجرة على بيت في غزة من أن تنقذ جهاز التعليم وتعالج جهاز الصحة وتصلح البنى التحتية.
عندما لا يعالجون الأمور المهمة فان الأذكياء يمتنعون عن الإصغاء لنصائح الدولة.
اتركوا المستقبل، تقول الدولة، اليوم كلوا واشربوا لأنكم ستموتون غدا. اذهبوا إلى بوخارست وتجولوا هناك على الأقل في درجة حرارة 4 تحت الصفر، لأن المعيشة هناك أرخص.
لقد عدنا لنكون يهودا من الجيل القديم، يهودا لا يثقون بالدولة. واذا كان وريث سليماني سيكون أكثر نجاعة فسيكون لدينا قرب الباب حقيبة توجد فيها ملابس داخلية وأدوات الاستحمام وجواز سفر برتغالي.
ربما أيضا سنصمت إلى أن نصل بقوتنا الذاتية إلى السرير الذي يوجد في الرواق في مستشفى ايخيلوف، وننادي الممرضة التي لن تأتي في أي يوم لأن الميزانيات لجهاز الصحة تأخرت والتطعيمات ضد الانفلونزا نفدت. تكفينا امطار غزيرة كي تذكرنا بأن وجودنا لا يتعلق بـ «تصفية القرن» التي لا توجد صلة لها بالحصانة، بل تتعلق بترامب وخامنئي ونظام افضل لتصريف مياه الأمطار.

عن «هآرتس»