بقلم: شمريت مئير
من الصعب التقليل من أهمية الحاجز النفسي الذي تحطم، فجر أول من أمس، مع الانتقام الإيراني الهزيل على تصفية قاسم سليماني.
أخرج الإيرانيون مئات آلاف الأشخاص إلى الشوارع، في جنازة استغرقت أياما وكانت مجنونة لدرجة أن عشرات الأشخاص وجدوا فيها حتفهم، ولكن الانتقام على تصفية بؤبؤ عين النظام، رغم التبجحات، ليس أقل ولا أكثر رمزية.
وكتب لبناني خائب الأمل، أول من أمس، يقول إنه «من حظنا أن سليماني لم يعد معنا ولا يمكنه أن يرى الشكل الجبان الذي انتقموا فيه لدمائه».
لقد ذكرتنا العملية الإيرانية بعض الشيء بالشكل الذي يقصف فيه الجيش الإسرائيلي أهداف «حماس» حين لا يريد حقا التصعيد، بما في ذلك ترك ختم استخباري يتيح للأميركيين تجنُّب وقوع الإصابات وبلاغ مسبق للعراقيين عن التوقيت، لمزيد من الأمان. ولم يكن ينقص هنا غير «النقر على السطح».
أشار الإيرانيون على الفور إلى أنهم أنهوا المرحلة الفورية من الانتقام، وأنه إذا لم ترد الولايات المتحدة فيمكن العودة إلى الحياة الاعتيادية.
واستجاب ترامب إلى الرسائل، احتفل بالنصر في بيان رئاسي، وعمليا أعلن بأن الرد الأميركي سيأتي في شكل مزيد من العقوبات، أي لن يكون عسكريا.
كل الاطراف، بمن فيهم العرب، معنيون بالتهدئة، غير أنه يوجد جبهتان أخريان مفتوحتان: انتقام الميليشيات الشيعية على تصفية أحد قادتهم إلى جانب سليماني، والانتقام بعيد المدى الذي حددته إيران و»حزب الله» كمعركة لإخراج الأميركيين من الشرق الأوسط وبداية من العراق.
إن تصفية سليماني هو حدث ينبغي أن يبعث على إعادة التفكير لدى ذوي الصلة بالأمر في إسرائيل وفي الغرب على الردع الإيراني، وكم منه مسنود بقدرة حقيقية للوقوف في وجه قوة عسكرية ذات مغزى وكم منه يقوم على أساس تعظيم قوته لأسباب مختلفة.
فالأميركي المتوسط، الذي استهلك الهستيريا في استديوهات التلفزيونات كان يمكنه أن يفترض بسهولة، هذا الاسبوع، أن ترامب المجنون ورطه في حرب عالمية ثالثة، ولكن الإسرائيليين الذين اداروا في السنوات الاخيرة المعركة مع الإيرانيين في سورية وتعرفوا إلى الفجوة بين الأسطورة والواقع لم يكونوا متفاجئين.
ففي ساعات ما بعد النار وصف المراسلون العرب إيران بأنها «نمر من ورق».
والصورة التي برزت في عقلي هي أنه لعله من نصر الله بالذات، الذي في حينه وصف إسرائيل بأنها «بيت العنكبوت» تبدو قوية من الخارج ولكنها تنهار بسهولة في اللحظة التي تكون فيها بعض الضغوط.
ليس في ذلك ما يجعلنا نقول ان النظام الإيراني ضعيف، وعلى حافة الانهيار، أو انه استنفد قدراته، ولكن خامينئي يعرف ما يفعله، وقد اختار ألا يأخذ جانب المخاطرة وألا يضع تصميم ترامب قيد الاختبار.
على مدى السنين جرى في محور واشنطن – القدس نقاش متعب عن جوهر «التهديد العسكري ذي المصداقية» على إيران، ذاك الذي يردعها من الانطلاق إلى النووي. وبالفعل، جاء الجواب، أول من أمس: تهديد عسكري ذو مصداقية هو تهديد يشعر المرء به حين يقف أمامه. وقد شعر به الإيرانيون.
عن «يديعوت»