رئاسة لفترة واحدة في أميركا!

حجم الخط

وكالة خبر

بقلم: تيموثي إيجان

ربما تكون قد سمعت رجلاً في منزل كبير وهو يصيح بشأن الأجهزة التي لا تعمل، أو المراحيض التي لا يمكن تنظيفها، أو الحمام الذي يشبه ساحة المعركة بسبب الصنبور المعطل. كان هذا هو رئيسنا دونالد ترامب، الذي سيكون في الرابعة والسبعين من عمره في يوم الانتخابات الرئاسية القادمة، ويود أن يكون معروفاً "بحكمته العظيمة التي لا تضاهى"، حتى وإن بدا مرتبكاً وكأنه أمام عقبة كبيرة، مثل تدريب صبي في سن الثانية على مهام لا تناسب عمره الصغير.

ولو كان "جو بايدن" هو الذي تمتم بمثل ذلك الكلام غير المفهوم، لكان أثار جولة أخرى من إصدار الأحكام عليه بسبب عمره. تخيل لو كان بايدن قد أسس دولة لم تكن موجودة (نامبيا)، أو أطلق اسماً جديداً على وزير دفاعه (مارك إسبرانتو) واسماً آخر على الرئيس التنفيذي لشركة "آبل" (تيم آبل)..! وهل أجرؤ على الإشارة إلى كلمة "covfefe" كما كتبها ترامب على "تويتر" بدلاً من كلمة coverage؟

أما بايدن، فسيكون في عامه الـ77 في يوم الانتخابات، وسيكون أكبر رئيس يتم انتخابه على الإطلاق. إنه يخلط الأماكن والأشخاص والتواريخ والعقود. وما زال يظهر علامات على محاولاته جاهداً للتغلب على التلعثم، وهو أمر لا ينبغي الخلط بينه وبين العمر. ومع ذلك، وعند مقارنته بالشاغل الحالي للبيت الأبيض، الذي يكثر من الشكوى وتغيير الحقائق، فسنجد أن بايدن هو تشرشل هذه المرحلة.. الأمر الذي يقودنا إلى التساؤل: كيف سيتناول العم "جو" مسألة عمره؟ والإجابة هي: لقد تناولها بالفعل، وهذه إشارة إلى أنه متقبّل للخدمة لمدة واحدة فقط.

يعتقد معظم المحترفين السياسيين أنه سيكون من الجنون بالنسبة لبايدن أن يعطي نفسه وضع "البطة العرجاء" من اليوم الأول. وما يفوتهم هو أن مثل هذا التعهد، المرسوم ببراعة، يمكن أن يكون هو ما يجعله في وضع يسمح له بالوصول إلى "اليوم الأول".

ورئيس لفترة واحدة يمكن أن يكون متحرراً، لكنه بالتأكيد ليس عاجزاً. ولأنه لا يبالغ في التعليق على التقلبات في استطلاعات الرأي اليومية، يمكن للبطة العرجاء التحليق إلى ارتفاعات كبيرة.

ولا شيء في صلاحيات الرئيس لمدة ولاية واحدة يمنع السلطة التنفيذية من ترشيح قضاة المحكمة العليا، أو التوقيع على تشريع يغيّر الحياة، أو الاعتراض على مشاريع القوانين الراهنة، أو تجديد دور الولايات المتحدة كمساهم عالمي في الكفاح الوجودي ضد التغيّر المناخي.

وبموجب أمر تنفيذي، يمكن لرئيس لفترة ولاية واحدة أن يمنع التفريق بين أفراد الأسرة عند الحدود، وأن يستعيد شرف قانون القضاء العسكري، وأن يأمر وزارة العدل بدعم الجهود القضائية، لضمان عدم قيام شركات التأمين الخاصة بالتخلص من الأشخاص الذين يعانون من حالات طبية مسبقة. ويمكنه أيضاً أن يرحب بعودة العلم والكياسة والثقافة إلى البيت الأبيض. ويستطيع كذلك حماية الأطفال من المختلين الذين يستطيعون الحصول على الأسلحة النارية بسهولة.

وطوال الوقت، يمكن للناس اللجوء إلى نائب رئيس أصغر سناً وذي بصيرة، باعتباره الخطوة التالية المنطقية. وربما تكون أسرع طريقة للحصول على رئيس مثل "ستاسي أبرامز" أو "بيت بوتيجيج"، هي انتخاب الرئيس بايدن أولاً.

لقد تعب الناخبون، وهم يتوقون إلى يوم أو أسبوع لا يقدم لهم فيه رئيسهم "حقائق معدلة"، أو يصرخ في وجوههم، أو يصف أعضاء من حزبه أو من إدارة إنفاذ القانون الفيدرالي.. بـ"الحثالة الإنسانية". وهم يريدون أن يخرج أطفالهم من مخابئهم عندما يظهر الرئيس.

إن ترامب الرافض لوجود خطر يهدد الكوكب جراء التغير المناخي، لا يخفي كراهيته للمصابيح الكهربائية الموفرة للطاقة، ولطواحين الهواء والأجهزة الجديدة الأقل استهلاكاً للكهرباء. وهو رجل مسن يفقد نشاطه تدريجياً وبشكل ملحوظ، ويمضي صباحه في التغريد ومشاهدة قناة "فوكس نيوز" التي تتغنى بـ"القائد المحبوب". في العام الماضي، كان يمضي يوماً كل خمسة أيام في ملعب الغولف، وقام بـ236 زيارة إلى أندية الغولف منذ توليه منصبه، الأمر الذي كلّف دافعي الضرائب 115 مليون دولار.

إن دعم بايدن لم يتراجع، خاصة بين الأشخاص الملونين والبيض الساخطين، وهو تحالف لا يمكن لمرشح آخر الحصول عليه. وبمجرد أن تتجاوز عملية الترشيح ولايات أيوا ونيوهامبشاير البيضاء غير التمثيلية، ستظهِر أميركا الجديدة قوتها: فالولايات التي تمثل ثلث سكان البلاد ستصوِّت يوم الثلاثاء الكبير الموافق 3 آذار. وبايدن في مركز جيد.

سيكون أقرب منافسي بايدن، السيناتور "بيرني ساندرز" الذي سيبلغ عامه الـ79 يوم الانتخابات. وهو لا يزال لديه الكثير من الطاقة، لكنها مفعمة باشتراكية القرن الـ19، وهي نظام اقتصادي فاشل أعيد تشكيله تحت شعار "الثورة السياسية" الذي أطلقه ساندرز نفسه.


عن "نيويورك تايمز"