الطالبة دعاء.. ظروف قاسية دفعتها لانهاء حياتها

الطالبة دعاء
حجم الخط

 ما يبعث على الصدمة اكثر في قصة موت الطالبة دعاء، التي أقدمت على شنق نفسها في الخليل، انها كانت بانتظار ارتداء ثوب التخرج من جامعتها تتويجا لنجاحها.

وحظيت طالبة الرياضيات التطبيقية في جامعة بوليتكنك الخليل منذ انتسبت للجامعة بمحبة زميلاتها واعجاب اساتذتها، حتى اضحت من الناشطات المعروفات في معظم اللقاءات والمخيمات الصيفية، ونالت لقب الشابة الريادية عن مشروع اقتصادي ابتكرته لتحسين وضعها الاقتصادي.

ولكن معادلة اكثر صعوبة من مسائل الرياضيات التي كانت تجيد التغلب عليها دفعتها لتنهي حياتها شنقا منتصف الاسبوع الماضي.

وقالت صديقتها فادية زاهد بأنها عرفت دعاء منذ سنتها الاولى في الجامعة، وانها "كانت خجولة وبارعة بتحليل المعادلات الحسابية، الا ان ما كان يشغل بالها هو ايجاد مصدر دخل ينقذها من وضعها الاقتصادي الصعب، ما دفعها لتصميم مشروع اقتصادي اصبح محط اهتمام المؤسسات الريادية، ونالت عليه لقب افضل صاحبة خطة مشروع ريادي في مسابقة نظمت في جامعة بيرزيت مؤخرا".

وفازت دعاء قبل ثلاث سنوات بالمسابقة الوطنية لأفضل خطة في الاعمال الريادية ضمن مشروع "تمكين رياديي المستقبل للمشاريع الناشئة" في جامعة بيرزيت، حيث نال مشروعها "كروشيه سونا زين" الذي يقوم على فكرة السوق المنزلي، على جائزة المسابقة.

هكذا بدأت الطالبة قادرة على تغطية مصاريفها من خلال بيع الهدايا والالبسة المطرزة من الصوف التي تصنعها بنفسها.

وقالت مديرة مؤسسة "ادوار" سحر القواسمي، ان دعاء كانت لجأت الى المؤسسة لمساعدتها في تسويق اشغالها اليدوية المصنعة من الصوف والحرير لتامين مصروفها الجامعي، وانها (دعاء) كانت بارعة في صنع الهدايا اليدوية التي لاقت اقبالا في المعارض التي اقامتها المؤسسة.

وتشير القواسمي الى ان دعاء عانت من ظروف اقتصادية صعبة، وعاشت ظروف اجتماعية واسرية سيئة بعد انفصال والدها عنهم، اضافة لتعرضها لنكسة اخرى بعد انفصال خطيبها الذي كان لها بمثابة "المخلص" من الوضع الاسري الصعب الذي كانت تعانيه، مما زاد من حدة الوجع المتراكم في داخلها.

وتبين الناشطة القواسمي ان بداخل دعاء نما حزنا وهّماً كبيرا دون ان نلاحظ بفعل فقدان الحوار والحنان داخل اسراتها حتى قادها الى شنق نفسها، وهو ما يتطلب من الاهل الحفاظ على روابط الحوار ودعم الابناء في مشاريعهم بدل من الوقف في وجوهم ومصادرة ابداعهم وتطلعاتهم !.

واعرب المشرف على مشروعها الريادي في جامعة بوليتكنك د.علي رمضان في حديث لـ "القدس" دوت كوم، عن حزنه وصدمته على إقدام دعاء، صاحبة الطموح العالي والافكار الابداعية، كما يصفها، على الانتحار.

واوضح انها تقدمت بمشروع ريادي حظي بدعم الجامعة، وحصل على منحة مالية لتطويره الا ان المبلغ الذي حصلت عليه دفعته كبدل ايجار لمنزلهم، وانها كانت بصدد توسيع مشروعها لصناعة الالعاب من الصوف، وانها واجهت عقبات اسرية في ذلك.

ويشاهد الزائر للصفحة التي انشأتها على موقع فيسبوك لترويج مشروعها مطرازات وهديا من الصوف تخطف الانظار، طالما حلمت ان تنقلها الشابة من غرفتها الضيقة الى مكان أوسع يحتضن طموحاتها والنساء محدودات الدخل لمساعدتهن على تحسين اوضاعهن الاقتصادية، لكن كل ما بقي سيشهد على ابداع فتاة انتهى على مشنقة.

واكد رئيس نيابة الخليل اشرف مشعل،  ان تقرير الطب الشرعي اثبت ان وفاة الشابة ناجم على "الشنق الذاتي" (انتحار)، نافيا وجد جناية في الحادثة، مشيرا الى ان ما جرى ناجم عن تراكم احباطات ومشاكل عند الشابة نتيجة ظروف عائلية خاصة.

وطالب مشعل الاهل بالاهتمام بابنائهم وتفهم احتياجاتهم ورغباتهم، وحل المشاكل الاسرية بالحوار وعدم ممارسة ضغوط قد تؤدي الى حوادث مؤسفة.