الحرب "المؤجلة" مع المقاومة اللبنانية تؤرق إسرائيل، وتدفعها إلى وضع خطط هجومية ودفاعية لمواجهة التهديدات، ولا سيما احتمال تحرير مناطق في الجليل الفلسطيني، على الرغم من انشغال حزب الله في القتال في سوريا. صحيفة "يديعوت أحرونوت" رصدت استعدادات الطرفين، وأكدت أن الحرب آتية... آتية
فقد اكتشفت إسرائيل بعد العديد من المحطات التي مرت بها الساحتان السورية واللبنانية، أن "حزب الله" ما زال متوثباً في مواجهة أي اعتداء اسرائيلي، برغم انشغاله في مواجهة خطر الجماعات الارهابية والتكفيرية في سوريا وعبرها. وانعكس هذا الإقرار حتى الآن، أداء عملانياً إسرائيلياً مضبوطاً ومحدداً، في سوريا ولبنان. ومع أن إسرائيل استطاعت توظيف الحدث السوري عبر تمرير بعض الضربات المحددة، لكنها تبقى دون الطموح الذي كان ولا يزال الاسرائيليون يأملون أن توفره لهم الأحداث.
على هذه الخلفية، ما زال سيناريو حرب لبنان الثالثة حاضراً في وعي القادة الإسرائيليين والخبراء والمعلقين، الذين يرون أن أي اعتداء اسرائيلي قد يتطور نحو مواجهة شاملة اذا قرر "حزب الله" الرد عليه. ويعني حضور هذه الحسابات في الخطاب السياسي والاعلامي الاسرائيلي، تجذر قوة ردع "حزب الله" في الوعي الاسرائيلي، بما فيه صانع القرار في تل أبيب، انطلاقاً مما بات حقيقة واضحة بأن انشغال حزب الله في سوريا لم يردعه عن الردود التناسبية في مواجهة اعتداءات اسرائيلية ترى قيادة الحزب أنه لا يمكن تجاوزها برغم الظرف الاقليمي الصعب.
ضمن هذا الإطار، يأتي ما أورده المعلق العسكري في موقع "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، في مقالة وصفها بأنها الأولى ضمن سلسلة تتبع لاحقاً. وذكر أن "رجال "حزب الله" من الذين لم يذهبوا للقتال في سوريا وبقوا في جنوب لبنان، يجمعون المعلومات عن الجيش الاسرائيلي ويتمتعون بثقة عالية، لأنهم بفضل ما يمتلكونه من وسائل متطورة زودهم بها الايرانيون، قادرون على منع الجيش الاسرائيلي من اختراق الاراضي اللبنانية".
وفي الوقت نفسه "يعدون العدة للمفاجآت التي ستؤلم اسرائيل في الجولة المقبلة".
وأوضح بن يشاي، أنه على الرغم من أن "حزب الله غارق بعمق في المستنقع السوري، وبالرغم من مصلحته القوية بالامتناع عن المواجهة مع اسرائيل، إلا أن هذه أكثر سنة تستعد فيها قيادة "حزب الله" لحرب لبنان الثالثة، كما لو أنها ستندلع غداً". ولفت بن يشاي الى أن هذا القرار ينبع على نحو اساسي من "تغيير استراتيجي تجاه اسرائيل اتخذه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وقوة القدس قبل نحو سنة".
ورأى بن يشاي أن من المعقول الافتراض أن مسار الحرب ونتائجها سيتحددان الى حد كبير وفق سيناريو بدء المواجهة وتوقيتها. وسيضطر الجيش الى مواجهة ثلاث مشاكل رئيسية:
الاولى، تلقي الجبهة الداخلية المدنية والعسكرية، بما فيها المواقع الحيوية لدولة اسرائيل، قصفا صاروخيا من العيار الثقيل وأكثر دقة من الماضي. وستتلقى الجبهة الداخلية يومياً نحو 1200 صاروخ ستؤدي الى دمار وخسائر بشرية كبيرة، الى حين نجاح الجيش في اخماد عمليات الاطلاق.
والمشكلة الثانية، محاولة قوات خاصة لـ "حزب الله" تجاوز الحدود واحتلال مستوطنات، وخطف رهائن وقطع طرق المواصلات الرئيسية في الشمال. وترمي هذه العمليات الى ارباك خطط الجيش وعلى نحو اساسي الهجوم البري الى داخل الاراضي اللبنانية، وتحقيق انجاز على مستوى الوعي، لم يُحقَّق منذ عام 1948.
اما المشكلة الثالثة، فتتمثل بنيران صاروخية وقذائف هاون مكثفة قصيرة المدى تستهدف المستوطنات الاسرائيلية القريبة من الجدار.