هل ينتقل الشرق الأوسط إلى حروب الطاقة؟

حجم الخط

بقلم: إيال زيسر*


الحرب المقبلة في الشرق الأوسط لن تكون حرباً على المياه، بل ستكون حرباً على الغاز: حرباً على السيطرة على حقول الغاز، وعلى نقله، وتزويد أوروبا به.
في الواقع، كانت المياه ولا تزال «قوة محرّكة» في الشرق الأوسط. وازدادت أهميتها بسبب الاحتباس الحراري، وسنوات الجفاف المتواصلة، ووتيرة نمو الزيادة السكانية.
تواجه أغلبية الدول العربية صعوبة في تزويد سكانها بمياه للشرب والزراعة، وتوترات بشأن ينابيع نهر النيل تخلق نزاعات بين مصر وأثيوبيا، وكذلك أيضاً بين تركيا وسورية بشأن مياه الفرات، وحتى الربيع العربي في سورية نشب على خلفية الضائقة الاقتصادية في المناطق الريفية نتيجة الجفاف.
لكن حالياً يبدو أن الغاز حلّ مكان المياه كمصدر للتوترات. اكتشاف حقول للغاز على شواطئ البحر المتوسط يثير أملاً بتحقيق أرباح طائلة يمكن أن تحسّن الوضع الاقتصادي لكل دول المنطقة. وعلى ما يبدو، التعاون بين الحكومات يمكن أن يسمح لها بتحقيق زيادة كبيرة في أرباحها من الحقول، لكن في منطقتنا، العاطفة تتغلب على المنطق.
أحد أسباب شحذ السيوف هو حقيقة وجود أغلبية حقول الغاز في مياه البحر المتوسط، في منطقة لم يَجر ترسيمها ولم تقسَّم قط بصورة واضحة ومتفق عليها بين الدول القريبة من السواحل.
هكذا على سبيل المثال، تطالب الحكومة اللبنانية، على ما يبدو، بضغط من حزب الله، بملكية عدة حقول للغاز موجودة على خط الحدود البحرية مع إسرائيل، وبذلك تعرقل استخراج الغاز الموجود في المجال اللبناني غير المتنازَع عليه.
تركيا في عهد أردوغان، هي اليوم مصدر التهديد الأساسي للاستقرار الإقليمي، ويمكن أن تؤدي خطواتها إلى تدهور المنطقة نحو مواجهة.
في سنة 1974 احتلت تركيا شمال قبرص، ومنذ ذلك الحين، تتعامل مع الجزء الشمالي للجزيرة كأرض خاضعة لسيادتها.
وهذا الأمر يمنحها، على الأقل من وجهة نظرها، الحق في المطالبة بملكية جزء من المياه الإقليمية لقبرص، وبذلك تكبح محاولات التنقيب واستخراج الغاز منها.
حالياً، يمد أردوغان يديه أيضاً إلى ليبيا. فقد استغل الحرب الأهلية الدائرة هناك، وفي مقابل تقديم وعود بمساعدة حكومة الوفاق في طرابلس، وقّعت هذه الأخيرة اتفاقاً يمنح تركيا سيطرة اقتصادية على كل المجال البحري الممتد من تركيا حتى الشواطئ الليبية. بذلك تستطيع أنقرة منع إسرائيل وقبرص واليونان من مد أنبوب من أجل تصدير الغاز إلى أوروبا.
الأتراك معنيون بأن يمر أنبوب غاز كهذا في أراضيهم، لكنهم في الوقت الملائم أفشلوا الاتصالات مع إسرائيل لأسباب سياسية، إلى أن يئست الأخيرة من فرص التوصل إلى اتفاق. قبرص واليونان هما في مواجهة مع تركيا بشأن هذه المسألة، وانضمت إليهما مصر أيضاً التي تعتبر أردوغان إسلامياً وخصماً.
حالياً، أعلنت القاهرة أنها لن تقبل وجوداً تركياً عسكرياً في ليبيا، الباحة الخلفية لمصر، ولن تسمح لتركيا بتحقيق مطالبها بمياه البحر المتوسط.
تضافُر الأنانية والسياسة والتوقعات بتحقيق أرباح بالمليارات هي التي تغذي التوتر في المنطقة، ما يمكن أن يتدهور إلى مواجهة عسكرية، ستكون لها نتائج وانعكاسات واضحة على إسرائيل.

عن «إسرائيل اليوم»
*نائب رئيس جامعة تل أبيب.