ثلاثة أحداث تكشف هشاشة الجبهة الداخلية في إسرائيل

حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل


في الوقت الذي يجري فيه التعامل مع الحرب ضد «حزب الله» وإيران على أنها احتمالية واقعية، إذا لم تكن كأمر حتمي، من الجدير دائماً التوقف والتفكير أيضاً في الأضرار المتوقعة منها. حاول رئيس الأركان، أفيف كوخافي، في خطاب تحدث فيه عن خطر الحرب في الشمال، عمل نوع من تنسيق التوقعات مع توقعات الجمهور الإسرائيلي عندما تطرق للمرة الأولى بصورة مفصلة للثمن الذي سيجبيه الإطلاق الكثيف للصواريخ والقذائف من الجبهة الداخلية. سنتعرض لنيران لم نشهدها في الماضي، اعترف رئيس الأركان.
أضرار حالة الطقس في الأسابيع الأخيرة قدمت تجسيداً لأقواله، وأكدت على العيوب والفجوات في مواجهة الدولة مع الكوارث المحتملة. ظهرت هذه الأمور في ثلاثة أحداث مختلفة – الغرق في نهاريا، غرق الزوجين في المصعد في تل أبيب، والضرر الكبير الذي لحق بطائرات إف 16 في قاعدة سلاح الجو في حتسور.
في نهاريا احتاج الأمر تدخل القادة، الجنود، ومعدات هندسية من وحدة الجليل (الفرقة 91) من أجل المساعدة في إنقاذ عشرات الأشخاص العالقين. قوات كبيرة من وحدة الجليل، بقيادة العميد شلومو بندر، انشغلت بذلك على مدى يومين. ولكن أثناء الحرب ستقف هذه الوحدة في الجبهة أمام هجمات «حزب الله»، التي ستشمل اقتحام الكوماندو وإطلاقاً كثيفاً لصواريخ الكاتيوشا قصيرة المدى على المستوطنات ومواقع الجيش على طول الجدار. واعتماد البلديات والمجالس الإقليمية على الجيش الإسرائيلي الذي ظهر في الحوادث المناخية الشديدة سيكون كبيراً وأشد قسوة في حالة الحرب. الفرق القطرية ستكون، كما يبدو، منشغلة ولا يمكنها تقديم المساعدة. هذه ستكون مهمة قيادة الجبهة الداخلية التي ستضطر إلى توزيع جهودها في المقابل بصورة متوازية على الجبهة وعلى المركز.
في الكارثة بحي هتكفا في تل أبيب اشتكى جيران الزوجين من الجاهزية البطيئة لرجال الإطفاء في مساعدة الشابين العالقين في المصعد. وبعد ذلك تبين أنه رغم المناخ العاصف الذي كان معروفاً مسبقاً (رغم أن قوة العاصفة لم يتم التنبؤ بها تماماً)، إلا أنه تم تشغيل ثلاثة خطوط هاتف فقط لتلقي نداءات الدفاع المدني. وقد تم التوضيح لنا أن المركز مستعد لعلاج نحو 100 شكوى في الساعة. ولكن في ذروة العاصفة فإن المركز تلقى نحو 2000 شكوى في ساعة ونصف الساعة.
منذ عقدين ورجال الإطفاء يتم تشخيصهم كحلقة ضعيفة في استعداد الجبهة الداخلية لحرب صواريخ وقذائف. المشكلة في أجهزة مركبة مثل استعداد الجبهة الداخلية هي أنه في حالات كثيرة قوة السلسلة مرتبطة بالحلقة الضعيفة جداً فيها، وهذه من شأنها أن تتفكك تحت الضغط. مكتب مراقب الدولة في الوقت الذي لم ير فيه من يقفون على رأسه دورهم كجوقة تشجيع لرئيس الحكومة ووزرائه، أصدر تقريراً قاتلاً حول استعدادات الجبهة الداخلية أثناء حرب لبنان الثانية ونشر تقارير متابعة قاسية عن وضع جهاز الإطفائية.
الحرب العالمية، التي تدور في السنوات الأخيرة بين لجنة الإطفاء ومفتش الإطفاء والإنقاذ بالتأكيد لا تساهم في تحسين أدائها الآن. إذا انهار المركز تحت ضغط آلاف الشكاوى بسبب عاصفة فكيف سيعمل في حالة حرب صواريخ، خاصة إذا بدأت بضربة مفاجئة لم يحذر منها جهاز الاستخبارات مسبقاً؟ لذلك، لا يكفي تغيير اسم رجال الإطفاء إلى «محاربي النيران».
ولكن بالنسبة للجيش الإسرائيلي فإن الحدث الأخطر في أيام العاصفة حدث في ساحته الخلفية، في العنابر التي توجد تحت الأرض في قاعدة حتسور، هناك تسبب الفيضان المفاجئ بأضرار تقدر بملايين الشواكل «بتقدير مخفف» وأوقف بشكل مؤقت عن العمل 8 طائرات إف 16. نشر في «هآرتس» في السابق عن التقدير الخاطئ، الذي تسبب بتأخير زائد، سواء في إبلاغ الجيش الإسرائيلي للجمهور حول الحادثة أو في مجرد نشر الخبر في وسائل الإعلام بسبب القيود التي فرضتها الرقابة العسكرية (نشر الخبر تم تأخيره ثلاثة أيام، وصور الطائرات التي غرقت أخّر نشرها أربعة أيام). في هذه الأثناء عيّن قائد سلاح الجو، الجنرال عميكام نوركن، طاقم تحقيق لفحص ظروف الحادثة. يجب على سلاح الجو الذي يتفاخر بتراث التحقيقات الفاخرة لديه أن يهبط إلى جذور المشكلة.
ويجدر أيضاً الإشارة هنا إلى عدة ملاحظات. أولاً، الغرق لم يهبط على سلاح الجو بصورة مفاجئة تماماً. رجال الأرصاد الجوية توقعوا العاصفة، ويوجد في سلاح الجو إجراءات مفصلة منذ سنوات طويلة تنظم الإعدادات المسبقة لإخلاء الطائرات والمعدات من أماكن منخفضة في القواعد، التي تتعرض لتشويشات في الطقس الشتوي. في قاعدة حتسور حدث غرق في شتاء 1992 وتم إخلاء طائرات من العنابر. حالات غرق مشابهة احتاجت إلى إنقاذ طائرات نتذكرها أيضاً في تل نوف وقواعد أخرى. من خلال حقيقة أنه فقط عدد من الطائرات الحربية في العنبرين اللذين غرقا تضررت، يمكن الفهم أنه كانت هناك طائرات أنقذت في اللحظة الأخيرة، أي أن الرد المتأخر بسبب إعدادات معيبة أدى إلى الإضرار بالطائرات الأخرى.
ومن المقلق أيضاً تصريح سلاح الجو، في البداية في الإحاطة التي قدمها ضابط كبير للمراسلين، وبعد ذلك الإعلان الذي نشره المتحدث بلسان الجيش من قبل الجنرال نوركن، بأن جميع الطائرات ستتم إعادتها للخدمة خلال بضعة أيام. المهنيون الذين تحدثوا مع «هآرتس» أثاروا علامات تساؤل كبيرة حول هذا التصريح. في الصور التي تم تصويرها في العنابر ظهرت طائرات غارقة في المياه، هذا الغرق يمكن أن يتسبب بأضرار، على المدى القصير وعلى المدى البعيد، للمحركات والمجموعة التي تدعم عجلات الطائرة وأجهزة الأمان وشبكة الكوابل الكهربائية المتشعبة في الطائرة. إعادة الطائرات إلى الصلاحية الكاملة تحتاج إلى التنظيف وإعادة التأهيل والفحوصات المتكررة. وهناك شك كبير في إمكانية استكمال هذه العملية في بضعة أيام.
لذلك، ربما كان من الأفضل أن ينشغل ضباط الجيش وسلاح الجو بصورة أقل بتداعيات الفشل على صورتهم في الخارج، وأن يركزوا أكثر على موثوقية الجهاز تجاه الداخل. سلاح الجو هو جهاز ضخم، وهو بارز جداً على المستوى المهني والقيمي لنشاطاته، سواء في الوضع العادي أو في حالة الحرب. خلال سنوات برز في السلاح جهد حقيقي للحفاظ على التحسن المستمر. ولكن، الأحداث في حتسور، الفشل نفسه، الإبلاغ المتأخر، الادعاء المثير للشك بشأن عودة سريعة وكاملة للعمل – لا تستقيم تماماً مع ثقافة الانفتاح والثقة التي يريد السلاح تشجيعها في أوساط رجاله.
إذا كانت تصريحات كهذه تهز الثقة بالجهاز في نظر الطواقم الجوية والطواقم التقنية التي تعرف ما يحدث في الداخل (يبدو أن هذا ما يحدث) فإن هذا هو بداية منحدر زلق. ومن المشكوك فيه أن يكون هناك شخص في الدولة لا يفهم إلى أي درجة أمن الدولة مرتبط بشكل كبير بالحفاظ على القدرة المهنية والعملياتية العالية لسلاح الجو.

عن «هآرتس»