إسرائيل في طريقها لتصبح «جمهورية موز»!

حجم الخط

بقلم: دانييل دورون



في جمهورية الموز أو الحمص، كل جنرال (بل أحيانا رائد) هو ملك إذا كان يقود دبابة، وكل رئيس أركان هو قيصر. هكذا على ما يبدو عندنا أيضا، حتى بدون الدبابات.
في جمهورية الموز فإن "القيادة الأمنية العليا" تقرر. في إسرائيل أحبطت عمليات إستراتيجية بادرت إليها القيادة السياسية، أكثر من مرة، لأن عندنا كل جنرال من المؤكد أنه ولد للقيادة، وكل رئيس أركان مقتنع أنه جدير بأن يكون رئيس وزراء، على الأقل. وإلا لماذا يحصل أن رئيس الأركان السابق، رجل محبوب ولكنه قاتم اللون، حيث كان من اولئك الذين تبوؤوا منصب رئيس الاركان في فترة تدهور فيها الجيش الإسرائيلي وفقا لتقارير اللواء اسحق بريك الى اسفل الدرك (لا يزال لا توجد أدلة بالطبع على أنه كان مسؤولا عن التدهور، ولكن توجد أدلة كثيرة أنه لم يكن لا وهو ولا أي من رؤساء الأركان من "القمرة" فعلوا شيئا ما لوقفه) – يكرس كل كلمة تخرج من فمه كي يهاجم بغرور رئيس وزراء ناجحا جدا، ولا يكرس ولو كلمة واحدة كي يشرح للجمهور لماذا يمكن لرجل عديم التأهيل السياسي أو غيره، تجربته في ادارة الأمور مهزلة، بل يبدو أسوأ من ذلك، يمكنه أن يكون مرشحا جديا لرئاسة الوزراء في الوقت الذي تقف فيه إسرائيل أمام تهديد وجودي لم يشهد له بديل؟ على أي أساس تكون لغانتس في واقع الأمر شرعية لأن يضع نفسه كمرشح مناسب لرئاسة الوزراء بل وفي زمن أزمة في هذه الخطورة؟ على اساس ماذا تكون له الوقاحة لأن يتملص من واجبه بأن يعرض على الملأ مواقفه وان يقنعنا بأن يسلم مصيرنا ومصير أبنائنا في يده؟
حتى سجله كرئيس أركان لا يدل بالضرورة على انه يمكنه أن يقود جهاز الامن في زمن أزمة وجودية فما الذي يؤهله لأن يقود المعركة المعقدة كلها؟ لم نسمع بعد ما الذي يعتزم عمله بالضبط كي يواجه الازمات التي تحدق بنا. ما الذي يوجد لصاحب الادعاء ان يعرضه باستثناء تكرار الشعار المهووس للمعسكر "كله الا بيبي"؟
في كتاب رئيس الأركان المتقاعد، موشيه يعلون "طريق طويل قصير" كتب يقول: بعد فشل اتفاق اوسلو "ساهم زعماء، ضباط، موظفون وصحافيون، وكلهم كبار، في نوع من مؤامرة الصمت، استهدفت تنمية وهم اوسلو... وعكس هذا الفشل بقدر كبير فشل منظومات الحكم في التصدي للمشاكل الأساسية في الدولة... الساحة المدنية (وحسب شهادة بريك، العسكرية ايضا) تميل لأن تكون سطحية، هاوية ومصابة باعتبارات سياسية... اتخاذ القرارات في إسرائيل يتم تحت تأثير مصادر القوة، التي لديها الصلاحيات دون أن تتحمل المسؤولية... أصحاب المال، الإعلام وكذا المحكمة العليا والقيادات العليا... دولة إسرائيل تدار بعمى تام لما يجري حولها، عمى تطوره محافل رفيعة المستوى في إسرائيل وتحفظه بشكل منهاجي.
تحت رعاية هذا العمى يمكن لكل أصحاب المناصب في الماضي، ولا سيما من جهاز الأمن، أن يصعدوا إلى مستويات الحكم العليا مثلما في جمهورية الموز، حتى لو لم يثبتوا مؤهلاتهم لذلك. يكفي أن يجندوا، مثلما فعل غانتس بانعدام للمسؤولية، مخزون كارهي بيبي الذي هو معسكر الكراهية المرضية السامة في السياسة الإسرائيلية على أجيالها، منذ سيطر "مباي" على الحاضرة في البلاد من خلال إشعال نار الكراهية المرضية لمن اختلف معه. أما ثمن الرهان فسيدفعه، كما هو الحال دوما، مواطنو إسرائيل.

عن "إسرائيل اليوم"