في مدونة تديرها زوجات ضباط من الجيش الروسي تظهر في الايام الاخيرة شكاوى غير قليلة عن ان ازواجهن ارسلوا الى سورية لفترة ثلاثة حتى ثمانية اشهر. ولكن لسن هن فقط منزعجات من تجند روسيا وايران من اجل الرئيس الاسد.
لقد اثار كشف "يديعوت احرونوت" النقاب عن التدخل العسكري الروسي في سورية اصداء في وسائل الاعلام العالمية وأحرج الادارة الأميركية. ومع أنهم في البيت الابيض كانوا يعرفون المؤامرة الروسية – الايرانية لانقاذ الاسد بخطوة عسكرية، الا انهم فضلوا ان يتجاهلوا طالما بقي هذا التحالف الجديد سريا. وكشف النشر عجز السياسة الخارجية الأميركية في المنطقة والزم الادارة بالرد. وأعرب وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، عن احتجاج حاد على مسمع من وزير الخارجية الاروسي سيرجيه لافروف، ولكن الروس يتجاهلون باحتقار الاحتجاجات الأميركية.
حاولت وزارة الخارجية الأميركية الاختباء خلف العذر بأن التدخل الروسي – الايراني يساهم في الحرب ضد "داعش"، وكان مريحا لها أن تتجاهل الاثار التي قد تكون لهذه الخطوة على المنطقة باسرها. غير أن الانبطاح الأميركي سيسمح للايرانيين، بمساعدة روسية، لأن يديروا شؤون سورية الداخلية، وهكذا ستجد اسرائيل نفسها على حدود مشتركة مع الجمهورية الاسلامية، سواء في الجبهة السورية أم في الجبهة اللبنانية.
وكشف مصدر امني رفيع المستوى النقاب، أول من امس، عن أنه اضافة الى قوات الجيش الروسي التي تأتي للقتال الى جانب الاسد بدأت ايران ايضا تنفذ نصيبها في الصفقة. في المرحلة الاولى وصل الى سورية بضع مئات من المقاتلين النظاميين من الحرس الثوري للقتال الى جانب "حزب الله" ضد الثوار في منطقة المعسكرات العسكرية في الزبداني، قرب الحدود السورية – اللبنانية.
ويدعي الروس والايرانيون بأن تدخلهم العسكري في سورية هو جزء من الجهود لصد "داعش". ولكن جهود الجيش الروسي، بتنسيق مع قوة القدس الايرانية، تبعد أثرا اكثر بكثير وموجهة لافقين اثنين.
الافق الاول هو جمع الوحدات السورية المفككة، تسليحها وادخالها في نظام تدريبي بمساعدة مستشارين عسكريين روس وايرانيين للسماح لها للعودة الى القتال بشكل ناجع. لهذا الغرض نقل الروس في الشهرين الاخيرين الى ميناء طرطوس ما لا يقل عن 10 انزالات ثقيلة محملة بوسائل قتالية للجيش السوري – مجنزرات، مدافع، صواريخ، مقذوفات صاروخية وغيرها. وتسمى البارجة الاخيرة التي اجتازت مضائق البوسفور باتجاه طرطوس قبل بضعة ايام "نيكولاي بلشنكوف" وهي تحمل مجنزرات وذخيرة. وحسب التقارير في روسيا بدأ يصل الى سورية مقاتلون من لواء البحارة 810، الذين كانوا يرابطون في الشرق الاقصى، وبحارون من اللواء المرابط في منطقة شبه جزيرة القرم.
الافق الثاني هو قوات جوية روسية ستحل محل سلاح الجو السوري وتساعد القوات الاسد البرية. ويستعد الروس في المطار السوري "حميميم"، بين اللاذقية وطرطوس. وحسب تقارير وكالات الانباء الاجنبية، ففي المطار نصب منذ الآن رادار للتحكم الجوي، ويتوقعون هناك وصول مروحيات هجومية، طائرات قتالية ووحدات الدفاع الجوي للجيش الروسي. حاول الأميركيون منع عبور القطار الجوي الروسي الى سورية عبر سماء اليونان وبلغاريا، ولكن، امس، في مؤتمر صحافي، اوضح لافروف ان العتاد العسكري يصل في اطار "رحلات جوية انسانية". يتبين ان الروس ساخرون بما يكفي كي يعترفوا الى أنه الى جانب الحفاضات للاجئين السوريين فإنهم يبعثون ايضا بالصواريخ من اجل قتلهم.
مئات المقاتلين من الحرس الثوري الايراني ممن وصلوا الى سورية هم فقط سلاح الطليعة لفرقة القدس بقيادة الجنرال قاسم سليمان. كما يستخدم الايرانيون في سورية آلاف رجال الميليشيات الشيعية ممن جيء بهم من العراق وافغانستان. وجلب رجال الميليشيات هؤلاء معهم عائلاتهم وسيطروا على مبان في منطقة ادلب واللاذقية، حيث سكن حتى وقت غير بعيد علويون فروا من وجه الثوار.
بينما يكتفي الأميركيون بالاقوال والاعمال الجوية الرمزية، قرر الروس والايرانيون القيام بعمل ما ليحفظوا بالقوة مصالحهم في الشرق الاوسط. ونسق الروس هذه الخطوة مع السعوديين، ومن المعقول جدا الافتراض بأنه كانت هناك ايضا اتصالات بين روسيا واسرائيل. الوحيدون الذين لم يسأل أحد رأيهم هم الأميركيون.
عن "يديعوت"
أين روسيا من الصراع الشرق أوسطي؟!
05 أكتوبر 2024