"تجارة الهولوكوست"... 46 قائداً عالمياً يعتمرون «القلنسوة اليهودية»!

حجم الخط

بقلم: محمد خروب

 

تقاطر على دولة الاحتلال «46» قائداً وزعيماً دولياً لحضور ما وَصفَه المتاجرون بالمحرقة اليهودية «منتدى الهولوكوست الدولي»..بمناسبة مرور 75 عاماً على تحرير معسكر «أُوشفيتز». وإذ يعلم الجميع أن الذي حرّر المعسكر الذي استخدمه النازيون للفتك بجموع بشرية من اليهود وغير اليهود, هو الجيش الأحمر السوفياتي ضمن معركة تحرير بولندا (الصهيونية واليهود هم أكثر المتآمرين على الاتحاد السوفياتي)، فإن وصول الرهط اللافت من قادة وزعماء وسياسيين رفيعي المستوى الى دولة الاحتلال, لحضور الاحتفال الذي اختير متحف «ياد فاشيم» (يد واسم بالعربي) ليكون مسرحاً له اليوم، يعني ضمن أمور أخرى تكريس اعتراف هؤلاء بأن إسرائيل هي مرجعية/وطن اليهود في العالم، وأن وجود «المواطنين» اليهود في بلدانهم بمثابة جالية يهودية/إسرائيلية, رغم كل النفاق الذي يبديه الأوروبيون على نحو الخصوص, عندما يُطلق قادة الاحتلال دعوات لهؤلاء للقدوم إلى إسرائيل والاستقرار فيها, بزعم انتشار «اللاسامية» في أوروبا وخصوصاً أوروبا الشرقية وفرنسا, وهم يستثمرون الهجمات الإرهابية للتحريض وابتزاز تلك العواصم.

طقوس مزيفة والضحايا نحن, ورغم ذلك ستجد تلك الطقوس تعاطفاً من قبل هؤلاء الذين يصنّفون قادة لدول ديمقراطية, تحترم حقوق الإنسان وتدعم القانون الدولي وتناصر حق الشعوب في تقرير مصيرها, بل لن تجد في كلمة نائب الرئيس الأميركي الأنجيلي المتصهين مايك بينس,(يحضر الإحتفال نيابة عن رئيسه الذي يخضع الآن لمحاكمة أمام مجلس الشيوخ) سوى المزيد من الأكاذيب التي يخترعها باسم «العالم الحُر» الذي تقوده واشنطن.

أيّاً كانت طبيعة الحقائق التاريخية وصدقيتها, التي اختصرت الهولوكوست وباقي جرائم النازية والفاشية في سقوط اليهود فقط, رغم ما حفلت به الوقائع والمعطيات المتاحة والمثبتة في البلدان التي اجتاحها النازيون والفاشيون, حول ديانات وقوميات وأعراق أخرى لم يتردّد المجرمون في ازهاق أرواحهم وإذلالهم، فإن الباعث على الغضب من معظم الذين وصلوا إلى متحف «ياد فاشيم», انهم لا يزالون ينافقون دولة الاحتلال وقادتها, ويقدمون لهم المزيد من «الهدايا» السياسية والدبلوماسية فضلاً عن تلك المالية والتسليحية, بزعم أنها «فيلاّ» تعيش في غابة وانها مُحاطة بأعداء يريدون تدميرها, وغيرها من الأساطير الصهيونية المُؤسَّسة (كما هي حال ألمانيا منذ المستشار اديناور حتى المستشارة الحالية الأكثر عطفاً على دولة العدو.. إنجيلا ميركل)، فضلاً عن سن قوانين غير مسبوقة في نفاقها, تعتبر أي انتقاد الحركة الصهيونية أو سياسات دولة الاحتلال بمثابة «لاسامية» جديدة يُعاقَب صاحبها بالسجن والغرامة.

سيكون مثيراً ومحزناً أن ترى «رؤوس» كل هؤلاء القادة والزعماء, تعلوها القلنسوة اليهودية المنسوجة, في طقوس مُفتعلَة سيغتنمها نتنياهو لِـ«حصد» المزيد من التأييد لسياسات دولته العنصرية والفاشية والاستيطانية، ولن يكون مفاجئاً ذرف بعض هؤلاء دموعهم حزناً على مَنْ احتكرت الصهيونية مأساتهم لتمرير روايتها الاستعمارية الكولونيالية, وربما «اغتنم» بعض هؤلاء الفرصة, لتقديم هدية أخرى لإسرائيل بمهاجمة قرار المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في جرائم الإحتلال وقادته.

عن "الرأي" الأردنية