"مـنـتـدى الـكـارثـة" بـيـن خـطـابـيـن

حجم الخط

بقلم: أسرة التحرير

 

 
منتدى الكارثة الدولي، الذي انعقد في "ياد فاشيم"، أول من امس، حقق غايته: الاحتفال المؤثر، وحضور نحو 40 من رؤساء الدول وكبار السياسيين أجاد في رفع ذكرى الكارثة واعطاء صدى لارثها للعالم. القيت ثمانية خطابات، وجدير التوقف عند اثنين منها – خطاب الرئيس الالماني، فرانك وولتر شتانمير، وخطاب رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو. القى شتانمير خطابا شجاعا، صادقا وملهما. فقد ألقى بكامل المسؤولية عن الكارثة على بلاده، بلا أي تحفظ، بل وجه نظرة مباشرة الى الحاضر وعرض صورة غير زائفة. "ليته كان بوسعي أن اقول ان الألمان تعلموا من التاريخ مرة واحدة والى الابد"، قال الرئيس الألماني، "ولكن لا يمكنني أن اقول هذا بينما تنتشر الكراهية". ينبغي لأقواله التالية ان تصدح في إسرائيل أكثر فأكثر: "نحن الالمان نتذكر، ولكن يبدو أحيانا أننا نفهم الماضي اكثر مما نفهم الحاضر".
سبقه نتنياهو، الذي كان خطابه فعلا محسوبا لصرف الانتباه. فقد كرر نتنياهو اساس فكره بأن ليس بوسع إسرائيل ان تعتمد إلا على قوتها. هذا بالنسبة له هو الدرس الوحيد للكارثة. هذا درس جزئي بل مشوه. هذا هو الدرس الذي تلقنه إسرائيل لجيلها الشاب، لعشرات آلاف التلاميذ الذين يسافرون الى "مسيرات الحياة" في اوشفيتس. وهذا بصفته درسا وحيدا فانه مفسد. إسرائيل لا يمكنها أن تعيش فقط على حرابها، مثلما لم تنجُ أي دولة في التاريخ الى الابد استنادا الى القوة فقط. اذا لم تصبح إسرائيل دولة أخلاقية وعادلة، مقبولة من الدول في محيطها، سيواصل الخطر الإحداق بها، الى أن يهزمها- لا سمح الله.
كما أن الاستنجاد بالعالم ضد ايران في هذا الموقف، وهو الخطوة الدائمة التي يتخذها نتنياهو، لا يغير حقيقة ان دروسه خطيرة. عندما يكرر نتنياهو: "اوشفيتس – الاستعباد، القوة – الحرية"، فانه يشوه الواقع. اوشفيتس بالفعل تمثل الاستعداد وبالطبع فظائع رهيبة اخرى. ولكن القدس لا تمثل الحرية. طالما كان قسم كبير من سكانها يعيشون تحت نظام الاحتلال، التمييز الفظ، والعنف، فانه لا يوجد أي رابط بين القدس وبين الحرية.
لعل إسرائيل نتنياهو تفهم الماضي، على حد قول رئيس المانيا عن بلاده، ولكنها تفهم الحاضر اقل بكثير. اعترف الرئيس الألماني بالأمر، اما نتنياهو فبعيد عن ذلك.

عن "هآرتس"