"صفقة القرن".. الوجه الآخر لخطة الضم

حجم الخط

بقلم: نوعا لنداو

 

بعد سنوات من التصريحات والإعدادات، ومع عدد كبير من التوقعات، يتوقع قريباً الكشف، أخيراً، عن الشق السياسي بالكامل في الخطة الأميركية للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، التي تسمى "صفقة القرن". لقد سئم الطاقم المسؤول، برئاسة صهر الرئيس الأميركي، غارد كوشنر، من انتظار نتائج الانتخابات التي لا تنتهي في إسرائيل. المبعوث الى المنطقة، آفي بيركوفيتش، مساعد كوشنر السابق الذي حل محل جيسون غرينبلات، شاهد كيف أن وظيفته آخذة في فقدان أهميتها. وكلما اقتربت فترات الولاية في القدس وواشنطن من نهايتها فقد من يشتغلون في هذه المهمة صبرهم خشية دفن المسودات التي قاموا بكتابتها حتى بدون تأبين.

لذلك، عندما أعطى بني غانتس، هذا الاسبوع، الضوء الاخضر رسمياً للتدخل في الحملة الانتخابية الثالثة بعد ادراكه بأن الخطة يمكن أن تنشر معه أو بدونه، بدأ العد التنازلي العلني لإطلاقها في البيت الابيض. غانتس المُفخخ لم يكن لديه الوقت لتقدير كمية المتفجرات التي تحيط به. وهنا الدهشة، التاريخ المخصص للاطلاق لا يتجاوز اليوم الذي يتوقع فيه أن يتم اجراء نقاش حول حصانة بنيامين نتنياهو. وكل ذلك في الوقت الذي يغرق فيه المضيف هو نفسه في التحقيقات حتى عنقه. هكذا تحولت صفقة السلام الموعودة بين إسرائيل والفلسطينيين، كما يبدو، الى صفقة سلام بين نتنياهو وغانتس. وبشكل أدق، صفقة القرن لنتنياهو. وقد تم استدعاء الاثنين لمناقشتها معا وكأنهما هما اللذان يجب عليهما التوصل الى تفاهمات.

هذه المقاربة لا يجب أن تفاجئ من تابعوا الكشف عن الجزء الاول، الاقتصادي، في الخطة في ورشة البحرين التي عقدت في حزيران في المنامة العاصمة. وقد كان واضحاً لجميع المشاركين في اللقاء من اللحظة الاولى أن الفلسطينيين ليسوا طرفا على الإطلاق. فهم يظهرون في الصور التوضيحية في الكراسة الفخمة وفي الافلام الهوليوودية، ولكن هذا الحدث هو بالإجمال ليس من اجلهم. الفلسطينيون القلائل، الذين نجحوا في الوصول الى هناك، لا يمثلون أي أحد في الحقيقة. وأحد هؤلاء القلائل، الذي اظهر اهتماما ضئيلا بالخطة، حظي بازدراء من كوشنر بعد لحظة من انتهاء خطابه حول الشرق الاوسط الجديد المزدهر. فقد أظهر الاهتمام أكثر بأرباب المال العرب الذين اجتمعوا في الغرفة وخصص لهم ابتساماته.

في عدة مناسبات أثبت الأميركيون، مرة تلو الاخرى، أن صفقة السلام لم تستهدف التوصل الى سلام بين إسرائيل والفلسطينيين. في كل موضوع "أرادوا ازاحته عن طاولة المفاوضات"، بدءاً بنقل السفارة الأميركية الى القدس ومرورا بخصم اموال المساعدة للسلطة وانتهاء بالاعتراف بسيادة إسرائيل في هضبة الجولان، سلامة نتنياهو هي التي تم الحفاظ عليها. الدمج بين طاقم السلام لمؤيدي المستوطنين، ومنهم سفير الولايات المتحدة في إسرائيل دافيد فريدمان الذي يتصرف وكأنه سفير إسرائيل في واشنطن وبين المؤيدين الافنغلستيين للرئيس ترامب ونائبه مايك بينس، لم يبق أي مجال للخيال منذ البداية.

الى جانب الوعد المتكرر لجهات إسرائيلية منذ أيلول بأن الخطة ستضمن سيادة إسرائيل على جميع المستوطنات القائمة وضم غور الاردن وترسيخه كحدود شرقية لإسرائيل، أكدت هذه الجهات بأن رفضا فلسطينيا فوريا لترامب سيؤدي الى شرعنة هذه الخطوات حتى ولو بشكل أحادي الجانب. لذلك يتم طرح سؤال ألم يكن من الاصح تسمية هذه الخطة "خطة الضم". في المقابل تحذر هذه الجهات من أنه ايضا يمكن أن يكون هناك وجه آخر للعملة: جميع "المناطق" الفلسطينية ستبقى ايضا تحت سيطرة السلطة، وسيتم اعتبارها دولة منزوعة السلاح.

مع ذلك، من المهم التذكر بأن كل هذه الامور هي تسريبات تمثل في هذه الأثناء بالأساس المصلحة لتسويق هذه الخطة للجمهور الإسرائيلي، اليميني بمعظمه. ما يوجد حقا في الوثيقة سنعرفه فقط عند الكشف عنها قريبا. المشهد سيكون بلا شك مختلفا جدا: هناك شخصان يتنافسان على التاج في إسرائيل سيبحثان معا في البيت الأبيض خطة السلام بدون وجود شريك فلسطيني، بدعم من اليمين ومعارضة اليسار. ربما على الاقل ستخرج من ذلك حكومة.

عن "هآرتس"