صـفـقـة تـرامـب تـصـفـيـة لـ»حـل الـدولـتـيـن»

حجم الخط

بقلم: افرايم سنيه

انطلقت المناورة المشتركة لدونالد ترامب وبنيامين نتنياهو. لا تستهدف "صفقة القرن" إنهاء النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، بل تضمن استمرار حكم نتنياهو. وهي يمكن أن تخلد النزاع وتزيد التدهور، ولكن من الذي يهتم بذلك. الهدف السياسي للتحالف بين الافنغلستيين في أميركا وبين اليمين الاستيطاني هو الذي يقرر وهو ما سيتم تحقيقه.
ما هي مركبات الخطة؟ وما الذي لا يوجد فيها؟ أولاً، لا يوجد فيها أي ذكر لوجود رسمي فلسطيني في شرقي القدس. ولا توجد عاصمة رمزية. ولا يوجد فيها تقريبا أي تواصل جغرافي الذي يمكن أن يحول الدولة البائسة، التي ربما سيتم الإعلان عنها في نهاية العملية، إلى كيان سياسي قابل للوجود. فهي ستكون في افضل الحالات عقداً من الجيوب ذات الحكم الذاتي البلدي. هذه لن تكون دولة.
لن يكون للكيان الفلسطيني أي احتياطي من الأراضي من اجل التطوير الحضري والاقتصادي والزراعي. الواقع الجغرافي، الذي سينشأ دون تواصل جغرافي للفلسطينيين والإبقاء على جميع المستوطنات في مكانها، يقتضي إبقاء كل الوجود العسكري للجيش الإسرائيلي على الأرض، وحتى تعزيزه من أجل الحفاظ على أمن المستوطنات. وجميع مميزات الاحتلال ستبقى على حالها.
الخطة هي تصفية كاملة وفظة لحل الدولتين. وهي لا تشكل أي قاعدة لأي اتفاق بين الطرفين؛ لأنها تقدس المستوطنات وتستخف بطموحات الفلسطينيين لاستقلال مشرف وعاصمة في الأحياء العربية في شرقي القدس. لا يوجد أي احتمال بأن حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة سيؤيدون الخطة. وهم يتشككون بالنسبة لجدية ومصداقية ترامب. تصفية قاسم سليماني لم تبدد هذا التشكك. بكلمات أخرى، لا يوجد شريك عربي للخطة.
الخطة، عند نشرها، ستجعل قيام جبهة إقليمية ضد إيران أمراً صعباً. وستزيد من شدة الازمة مع الأردن. ويمكنها اشعال المنطقة ايضا في الضفة، وستنهي التنسيق الأمني مع الفلسطينيين. من الذي سيستفيد من هذه الخطة؟ نتنياهو بالطبع. فهي ستسمح له بحرف الأنظار عن مشكلاته القضائية وعرضه كمن مكّن اليمين من تحقيق حلمه التاريخي. وهذا الأمر مفيد جداً عشية الانتخابات.
دعوة بني غانتس الى واشنطن هي شرك سياسي. وفقط سياسي ذكي مثل نتنياهو كان يمكنه نصبه بالتنسيق مع شريكه ترامب بالطبع. وإذا امتدح غانتس هناك الخطة، حتى لو لم يجلس مع نتنياهو، فهو سيظهر كتقليد ضعيف لرئيس الحكومة الحالي، وليس كبديل له.
ولكن التحدي الذي تضعه "صفقة القرن" لا يعتبر مشكلة شخصية لأي أحد. لقد حان الوقت لاختبار معسكر الوسط – اليسار. ويجب عليه اتخاذ موقف. إما تأييد الخطة أو معارضتها. ومغزى تأييده واضح، كل من يؤيد يشطب اسمه من قائمة معارضي الضم وتحويل إسرائيل الى دولة ثنائية القومية. ومن يؤيد لا يوافق فقط على انتصار اليمين الاستيطاني، بل هو عميل له. مطلوب شجاعة مدنية من اجل رفض الصفقة بصورة قاطعة، ومن اجل الكشف بأنها مجرد مناورة انتخابية لنتنياهو. وهذا لا يكفي. هناك حاجة الى قول الحقيقة أخيرا بشأن ضرورة حل يتمثل باتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين يقوم على تقسيم البلاد الى دولتين سياديتين. والمجتمع الدولي بمعظمه يؤيد هذا الحل، بما في ذلك الزعماء الذين جاؤوا الى القدس في يوم ذكرى الكارثة الدولي. وقد حاولت جميع الإدارات السابقة في أميركا، كل واحدة بطريقتها، تطبيق هذا الحل. والاهم من ذلك: عندما طرحه الزعماء الإسرائيليون بجرأة أيده معظم الجمهور الإسرائيلي.
وهناك أمر واحد جيد خرج من نشر صفقة ترامب وهو أنه للمرة الأولى منذ 1996 سيكون في إسرائيل انتخابات يتركز الصراع السياسي فيها على الأمر الحقيقي. لقد حان وقت الحقيقة.

عن "هآرتس"