ترامب يغيّر قواعد اللعب في المنطقة

حجم الخط

بقلم: البروفيسور أبراهام بن تسفي


قبل عشر سنوات، في آذار 2010، جاء نائب الرئيس في إدارة براك اوباما، جو بايدن، لزيارة إسرائيل. وكانت الزيارة مفعمة بالتوتر والخلاف، وجرت في ظل مطالبة البيت الأبيض من إسرائيل ان توافق على تجميد آخر لأعمال البناء في "المناطق". وشكلت هذه الزيارة إحدى لحظات الدرك الأسفل في عصر رئاسة أوباما، التي كان بايدن ممثلها الكبير والمخلص.
نائب الرئيس السابق هو الخيط الرابط، الذي فيه ما يوضح منطق خطوة ترامب المفاجئة خلف صفقة القرن. بشكل محدد، استهدفت اساسات ومراسي المخطط الجديد التأكيد والتشديد على الخطوة القطبية القائمة بين خطوطها الهيكلية، وبين أفكار وخطط سابقة للتسوية الإسرائيلية – الفلسطينية التي صممت في مصنع أوباما وبايدن.
عكست هذه الخطط السياسة الأميركية التقليدية، التي كان ينطوي عليها مبدأ الانسحاب الإسرائيلي الى خطوط الرابع من حزيران 1967 كأساس للاتفاق.
على خلفية التماثل العميق لجماعات المصوتين المهمين في أوساط القاعدة الجمهورية، مع إسرائيل ومع فكرة "العلاقات الخاصة" معها، يفترض بعرض العناصر السياسية والإقليمية لخطة القرن أن تعكس بشكل واضح شروط المحبة لإسرائيل ودعم احتياجاتها الأمنية، وكذا إقامة سور فصل عال وواضح بين عصر الرئيس الحالي وبين إرث سلفه.
وبالتالي، جاء هذا التجسيد للفرق الواضح بين سياسة الماضي واستراتيجية الحاضر عبر منظومة القيم والمعتقدات لجماعات أساسية من الجمهوريين، ولرفع مستوى دوافعها أكثر فأكثر والمساهمة في تجندها الحماسي، قبل تسعة اشهر من الحسم في صناديق الاقتراع في الولايات المتحدة.
فضلا عن ذلك فإنه اذا كان الميل الحالي في استطلاعات الرأي العام سيستمر، واذا كان بارني ساندرز سيجمع زخما واسعا على حساب بايدن والارتفاع الى قمة الديمقراطيين، فإن مهمة ترامب على هذا المستوى ستكون أسهل. إذ إن نهج ساندرز الفظ تجاه إسرائيل سيضعه أمام جبهة واسعة لكل أجنحة الحركة الجمهورية برئاسة ترامب. هذه الجبهة ستكون موحدة على نحو شبه مطلق بالإسناد الذي ستمنحه لحليفتها الإسرائيلية.

سبب اجتياز الخطوط
وبالفعل فإن كشف خطة بعيدة سنوات ضوئية عن فكر ساندرز أيضا، ولا سيما في المجال الفلسطيني، سيوفر حافزا خاصا لمعسكر مؤيدي الرئيس الأميركي ترامب ممن يساندون إسرائيل، ولتشمير الاكمام والعمل بنشاط من أجل اعادة انتخابه في تشرين الثاني.
اشارة رئاسية واضحة بهذا القدر من الود والتضامن مع إسرائيل قد تؤدي الى فرار مقترعين يهود لا ينتمون الى الجناح الليبرالي الواضح في الحزب الديمقراطي، وصلتهم بإسرائيل عميقة، نحو اجتياز الخطوط وتغيير أنماط سلوكهم التقليدية. كما ان عرض صفقة القرن، الآن، تستهدف بالطبع صرف الانتباه – بضربة واحدة - عن الانشغال المتواصل بمحاكمة العزل الجارية في مجلس الشيوخ.
ومع ذلك، سيكون من الخطأ وصف الحدث بتعابير أميركية داخلية فقط. وذلك لأنه حتى وإن كان التوقيت لإخراج الخطة إلى حيز التنفيذ قد تقرر لاضطرارات واعتبارات داخلية، لا ينبغي أن نتجاهل حقيقة أن الحديث يدور عن استنفاد لمسيرة، بدأت تتبلور منذ بداية طريق ترامب الرئاسي. وذلك عندما عقد في الرياض، في أيار 2017، القمة العربية، فأقام بذلك البنية التحتية الاقليمية الواسعة التي في اطارها يأمل أيضا في ادراج مخطط التسوية الإسرائيلية - الفلسطينية. كما ان الخطوات التي اتخذها لاحقا، مثل القمة الاقتصادية في البحرين، جاءت لتشكل جزءا من رزمة التعويض واعادة البناء التي ستعرض على الفلسطينيين كجزء لا يتجزأ من رؤيا اقامة نظام شرق اوسطي جديد واكثر استقرارا.
حتى لو كانت رؤيا الساحة المتبلورة والمتكتلة اكثر تبدو اليوم بعيدة عن التحقق فإن فيها ما يثبت مكانة الرئيس الأميركي وصورته كزعيم مبادر، مصمم وحازم، لا يتردد في أن يعمل من خارج العلبة، وليس مقيدا حتى بأحكام السياسة الأميركية التقليدية.
لم يتبق غير الانتظار لمعرفة التأثيرات العملية لخطة القرن، وذلك سواء في الساحة الأميركية الداخلية أم في مجال النزاع.

عن "إسرائيل اليوم"