عقد المجلس التشريعي الفلسطيني، يوم الأربعاء، جلسة خاصة في مقره بمدينة غزّة بمشاركة نواب حماس وفتح ومستقلين، لبحث سُبل مواجهة "صفقة القرن" التي أعلن بنودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء أمس الثلاثاء.
بدوره، قال النائب عن حركة فتح ماجد أبو شمالة: "لم يعد لدينا وقت للحوارات أو الخطابات، ونحن بحاجة إلى قرارات تُعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية"، مُضيفاً: "لم أتوقع أنّ يُقرر الرئيس إرسال وفد إلى غزّة، ولكنّ أنّ يزورها بنفسه ويعقد اجتماعات مع القوى الوطنية والإسلامية لنبذ الخلافات وإتخاذ خطوات جريئة وفي مقدمتها وقف القرارات الظالمة ضد غزّة وإعادة تفعيل المجلس التشريعي والمؤسسات الفلسطينية".
وأضاف أبو شمالة خلال كلمته بالجلسة: "من غير المعقول أنّ تكون مؤسساتنا الوطنية مُعطلة بدون قرار واضح بإعادة تفعيلها"، متسائلاً: "كيف سنواجه المؤامرات التي تُحاك ضد شعبنا وتستهدف الوجود الفلسطيني في ظل تعطيل عمل هذه المؤسسات؟".
وتابع: "لا يُمكن أنّ نتصدى لهذه المؤامرات دون نبذ الخلافات والاتفاق على برنامج وطني، وأنّ يُدرك الجميع أنّ الوقت لم يعد متاحاً لوجود خلافات جانبية"، مُوضحاً أنّه لا يُمكن مطالبة دول العالم بالوقوف إلى جانب شعبنا بدون رص الصف الوطني.
من جهتها، بيّنت النائبة عن حركة فتح نعيمة الشيخ علي، أنّ المرحلة الراهنة فارقة في تاريخ الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، والتي تستوجب من الجميع البحث نبذ الخلافات والعودة إلى الوحدة الوطنية للدفاع عن المقدسات والحقوق الفلسطينية.
وأردفت الشيخ علي في مداخلتها بجلسة التشريعي: "المسؤولية الأولى تقع على عاتق الرئيس الذي يملك مصادر القرار، حيث إنّ عيون شعبنا تنظر إلى القرارات التي سيتخذها للحفاظ على تضحيات قوافل الشهداء وأسرى الثورة الفلسطينية المباركة".
واستدركت: "علينا أنّ نخرج بمواقف واضحة وحاسمة لا تحتمل التأويل"، داعيةً إلى إعلان قيام دولة فلسطين وفق قرارات الأمم المتحدة، بحيث يتضمن دولة فلسطينية تحت الاحتلال، كبديل عن اتفاقات وقيود أوسلو وإلغاء بموجبها وثيقة الاعتراف المتبادل والتنسيق الأمني، ثم العمل بشكلٍ جماعي لدفع العالم على الاعتراف بالقرارات الفلسطينية.
من جانبه، أوضح النائب عن حركة فتح أشرف جمعة، أنّه منذ بدء الحديث عن "صفقة القرن" مع اعتلاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سدة الحكم، ونشعر بأنّ الجميع أمام لحظة تاريخية فارقة بالنسبة للشعب الفلسطيني والتي تجسدت أمس.
وأضاف جمعة: "الكل الوطني قيادةً وحكومةً وشعباً كان بالأمس على مستوى الحدث، من حيث تنظيم المسيرات ودعوة الرئيس للاجتماع العاجل في رام الله بحضور حماس والجهاد الإسلامي، واتصال السيد إسماعيل هنية بالرئيس، ورسالة النائب محمد دحلان، فهذا كل يُعطي الأمل ببداية مستقبل جديد".
وشدّد على ضرورة تبني خارطة طريق، تتمثل بحوار وطني شامل لإنهاء الانقسام والوصول إلى الوحدة الوطنية وتطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي بكل ما يتعلق من إلغاء اتفاق أوسلو ووقف التنسيق الأمني، وتبني رؤية استراتيجية جديدة لمواجهة هذه الصفقة.
ودعا جمعة إلى بدء برنامج إنقاذ وطني يُشارك به الكل الفلسطيني، مُطالباً بإعلان أنّ المجلس التشريعي في حالة انعقاد دائم لمتابعة مجريات الأمور القادمة، وتشكيل لجنة لمتابعة البرلمانات العربية والدولية، والسعي لتشكيل جبهة عريضة على مستوى البرلمانيين في العالم للحديث معهم بهذا الأمر، وطلب زيارتهم إلى غزّة أو رام الله لمؤازرة القضية الفلسطينية.
كما بعث النائب رجائي بركة رسالة إلى الكل الفلسطيني، مفادها أنّه لم يعد الوقت متاحاً للخطب الرنانة والخصومات وتبادل الاتهامات، مُردفاً: "نحن بحاجة إلى خطوات فاعلة على الأرض، وسرعة العمل على توحيد الجميع في بوتقة الوطن، لنؤكّد رفضنا لصفقة القرن".
وقال بركة: "آن أوان ترجمة الأقوال إلى أفعال ووضع الخلافات جانباً، والتطلع إلى مصلحة الوطن والأمة"، لافتاً إلى أنّ الطريقة التي تم عرض "صفقة القرن" بها استفزازية وتُؤكّد الاستهتار بالكل العربي والمسلم وكل الحضور في قاعة مؤتمر الإعلان عن الصفقة.
وأكّد النائب إبراهيم المصدر، على أنّ الإعداد لـ"صفقة القرن" بدأ منذ تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية بمعاونة فريقه المتماثل مع دولة الاحتلال، مُوضحاً أنّه بدأ تطبيق الصفقة بعدد من القرارات على الأرض.
وتساءل المصدر: "ماذا فعلنا غير الإدانة والرفض والاستنكار والرهان على الآخر؟"، مُضيفاً: "صيغة صفقة القرن أمريكية إسرائيلية والمطلوب من شعبنا هو الموافقة والقبول بما يُعرض عليهم بدون إبداء الرأي أو الرفض".
واستدرك: "الصفقة تنص على كيان مجزأ مقطع الأوصال على نسبة ضئيلة من أرضنا التاريخية وليس له سيادة على الأرض، حيث تتعاطي مع الشعب الفلسطيني كمقيم على أرض فلسطين وليس صاحبها".
وقال: "الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة وما سببته من أزمات، وفرت فرصة للإدارة الأمريكية ودولة الاحتلال لمحاولة تطبيق هذه الصفقة"، مُؤكّداً على رفض الشعب الفلسطيني لكل الحلول المشبوهة التي لا تُحقق أمانيه.
وأشار المصدر إلى أنّ الرفض بمفرده لا يُشكل أرضية نحو استراتيجية للتعامل مع قضية الاحتلال في الداخل والخارج، أو المراهنة على القرارات الدولية والتي لن تُجدي نفعاً بدون فعل واستثمار، مُوضحاً أنّ الحقوق مهما بلغت مشروعيتها لا تتحقق بالأماني، بل بالعمل والإرادة والدعم الشعبي وتماسك المجتمع وبناء القدرات الذاتية، وهذه الشروط يجب توافرها في الوضع الفلسطيني بأقصى سرعة.