بقلم: أوري مسغاف
14 أيلول 2015
قالوا لي ذات مرة عبارة منسوبة لاسحق رابين تقول إنهم لو اطفؤوا الكهرباء في ارجاء اسرائيل ليلة واحدة وأبقوها فقط في الكيبوتسات فسترى من الطائرة صورة دقيقة لخارطة الدولة. الاقتباس جيد. لا أعرف إذا قيل حقاً، ولا يوجد من نسأله. قُتل رابين منذ وقت، ولم يبق للكيبوتسات من يكتب عنها. وليس مضموناً أنه يوجد ما يُكتب.
ينعكس الوجه الجماهيري لحركة الكيبوتسات في شخصية عضو الكنيست، ايتان بروشي، ممثل «معقل الاستيطان» في قائمة المعسكر الصهيوني. حتى الانتخابات الاخيرة كان بروشي مدير عام الحركة؛ بعد عامين في الوظيفة، تقدم. وفي الاونة الاخيرة في اطار خلافات الارنونا، قال عن زميله في القائمة يوسي يونا «انه ليس جزءاً طبيعياً من حزب العمل» من الصعب رؤية قول اكثر عنصرية من هذا. حصل يونا على أصوات أكثر من بروشي في الانتخابات التمهيدية، وبقي خلفه بسبب سياسة التعزيزات القطاعية.
عمليات تمتد لسنوات قلصت الوزن الجماهيري والسياسي للحركة، من عمود سحاب الى قطاع. صوت المستفيدين يسمع في امور العقارات وحقوق البناء؛ لا يسمع صوتها في الامور الوطنية، والاندفاع المتجدد لاحياء الابناء وتوسيع الجاليات يعكس السعي وراء «مستوى الحياة» والبيت في القرية. الحلم الاشتراكي بقي في الخلف.
هذا مؤلم لخريجي الحركة ومن يحافظون على قيمتها التاريخية. الكيبوتسات في نهاية المطاف هي العاكس لتفكك حزب العمل، ومعه اسرائيل كلها تحت قبضة الخصخصة الوطنية.
في غياب المتحدثين المناسبين، ولو بمستوى الدقة والتوازن التاريخي، تبقى الكيبوتسات هدفا سهلا ومريحا. كيس لكمات يلبي حاجة الانتقام والسخط لائتلاف واسع. في الاسبوع الماضي انضم اليه القومي «المتطرف» العربي جمال زحالقة. اليمين الاستيطاني والطائفية الشرقية استقبلاه بأذرع مفتوحة. مثل التهجم في الماضي على الكيبوتسات هذه المرة ايضا كان زحالقة على حق في بعض ما قاله.
صحيح أنه أقيمت عشرات الكيبوتسات بعد «حرب الاستقلال» على أنقاض القرى العربية. اغلبيتها أقيمت في ظروف اخرى. هم ورجالهم ساعدوا اسرائيل في الوقوف على رجليها في حدودها القائمة؛ وبدونهم من المشكوك أن تقوم أصلا. قد يكون زحالقة غاضبا من ذلك. والسؤال هو هل تفضل جوقته شيئا آخر؟
تسويد وتآكل التاريخ يشوه الصورة. السينمائي ران طل سمى فيلمه الوثائقي عن الكيبوتسات «اولاد الشمس». منذ طفولتي في الكيبوتس القريب من كيبوتس طل أذكر الكثير عن الشمس. السذاجة والعمى امور يفهمها الشخص عن نفسه فيما بعد. كبرنا بدون العرب والمتدينين مع القليل من الشرقيين، نموذج فيه اشكالية من الناحية الاشتراكية.
هذا الفشل، الذي لا يستطيع أحد التملص منه، لا يبرر تأكيد القتل البشع الذي يتم بحق الحركة. فهي التي تحملت المسؤولية عن اقامة دولة اسرائيل والدفاع عنها. وخلافا للقوى التي تقود اسرائيل اليوم، فان الحركة لم تتنازل عن أمل السلام والمساواة الحقيقية بين مواطنيها.
عن «هآرتس»