تصديق الأمل أغبى من التأمل في الواقع..

حجم الخط

بقلم مصطفى ابراهيم

لم أستطع تمييز أوجه الصلة والعلاقة بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية من جهة، وبين الأولى والإدارة الامريكية من جهة أخرى، إذ قام الرئيس الفلسطيني محمود عباس بسب بعض المسؤولين الأمريكيين وقاطعت السلطة الإدارة الامريكية ولم يستطع سب بنيامين نتنياهو او أي مسؤول إسرائيلي ولم تقاطع السلطة الفلسطينية الحكومة الإسرائيلية المستمرة في اذلال الفلسطينيين وحرمانهم من ابسط حقوقهم وارتكاب الجرائم  بحقهم، والسيطرة على الأرض وتعمل على إذلال الفلسطينيين يومياً وتتوعد بتعزيز نظام الفصل العنصري واستكمال السيطرة على الضفة الغربية. 
وفي ظل المشهد السوريالي الذي شاهدناه في واشنطن وعودة نتنياهو حامل غروره وغطرسة انتصاره، ليغطي على التهم الموجهة ضده بالفساد وتلقي الرشوة، سيواصل نتنياهو سياسته وهو يدافع عن نفسه بمزيد من الغطرسة والضم والتهويد.
من منا مندهش من الاخبار التي تتحدث عن توجه وفد من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، أو من الاخبار التي تتحدث عن لقاءات فلسطينية إسرائيلية، ومخاطبة نتنياهو والتمسك باتفاقية أوسلو، وأن مسؤولين أمنيين إسرائيليين التقوا مسؤولين أمنيين فلسطينيين، سعياً إلى الحفاظ على التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، ومنع اجتجاجات وتنظيم مظاهرات كبيرة في الضفة الغربية.
ومن منا مندهش من تقديرات جهاز الامن العام الإسرائيلي "الشاباك" أن الرئيس عباس، لن يوقف التنسيق الأمني في الفترة القريبة وسيفضل الانتظار من أجل رؤية تبعات ’صفقة القرن’ على الأرض، وأنه يعتقد أنه ينبغي التأكد مما إذا كانت "صفقة القرن" هي خطوة علاقات عامة على خلفية انتخابات الكنيست، أم أن إسرائيل تعتزم فرض وقائع على الأرض.
في المقابل يعمل الشاباك على منع حماس من الانضمام إلى الاحتجاجات ضد الصفقة، ويبعث رسائل إلى حماس مفادها أن "صفقة القرن" لن تؤثر على التهدئة بين الجانبين، وأن إسرائيل ستقدم تسهيلات للقطاع، مثل إدخال شحنات إسمنت وأدوية وإطارات السيارات والسماح بشراء قوارب صيد وتصدير التوت الأرضي من القطاع إلى إسرائيل، هذه التسهيلات من شأنها الحفاظ على التهدئة.
ما الذي سيحدث لو تم اللقاء بين الوفد القادم من رام الله إلى قطاع غزة؟ هل سيتم الاتفاق بانهاء الانقسام واتمام الوحدة الفلسطينية؟ الفلسطينيون مهرة في تضييع الفرص، وصفقة القرن فرصة متاحة للوحدة، غير أنه حتى الان لا مؤشرات على إتفاق على مواجهة صفقة القرن، فكيف سنواجه هشاشة حالنا؟ 
تصديق الأمل أغبى من التأمل وما نعيشه هو تطبيق لصفقة القرن، إسرائيل تفرض حقائق جديدة يومية على الأرض، ضم القدس تجفيف الاونروا، المستوطنات تتضخم، وتشدد الحصار وتخفف منه عبر تسهيلات فارغة وننسى قسوته حتى نطالب مرة أخرى بتخفيفه عبر صواريخ مبرمجة للسقوط على الشريط الشائك أو بالونات حارقة أو متفجرة حسب الحاجة، وتنفيس برميل البارود الصامت. 
إسرائيل تشرعن الاستيطان والحصار، وتضفي صبغة قانونية على المأساة الفلسطينية ونكبتهم المستمرة، وستسمر السلطة الفلسطينية بالحكم كسلطة حكم محلي والاهم بالنسبة لإسرائيل استمرار سلطة الحكم المحلي بالتنسيق الأمني.
والسؤال هل بإمكان الفلسطينيين رفض صفقة القرن؟ وهم بهذه الحال من الهشاشة والانقسام وسلطتين حاكمتين تمارسان انتهكات لحقوق الانسان والحريات العامة، وغياب الرؤية والشراكة، وهما معرضتان للتهديد بفرض مزيد من العقوبات عليهما اكثر قسوة من تلك المفروضة من الحصار وتجفيف مصادر تمويل السلطة. 
مأساة الفلسطينيين في قيادتهم العاجزة عن الفعل الوطني الموحد والمتمسكة برؤيتها وعدم قدرتها على تقديم رؤى وخطط جديدة بديلة عن تلك التي فشلت ولم تحقق أي انجاز يلبي طموح الفلسطينيين. كل ما تستطيع تقديمه القيادة والفصائل هو تثبيت الناس والتفكير بشكل جمعي وطني، للخروج من السجن الكبير الذي ساعد الفلسطينيون من خلاله إسرائيل بحصارهم انفسهم، وأصبحت الإجراءات التي تقوم بها إسرائيل تلقى قبول  من المجتمع الدولي ودول عربية.