المطلوب فلسطينيا في مواجهة خطة ترامب!!

حجم الخط

بقلم: فيصل أبو خضرا

 

عضو المجلس الوطني الفلسطيني

بعد ان أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ما سمي بـ"صفقة القرن"، واتضحت معالمها التصفوية للقضية الفلسطينية وان تفصيلها جاء على قياس اليمين الاستعماري الإسرائيلي وطموحاته للتوسع والهيمنة على حساب شعبنا وحقوقه المشروعة وعلى حساب مصالح وحقوق الأمتين العربية والإسلامية، وخدمة لمصالح ترامب ونتينياهو الانتخابية، فإن السؤال الملح الذي يطرح الآن هو: ما العمل فلسطينيا وعربيا وإسلاميا؟

لقد صبر الشعب الفلسطيني وناضل وظل متمسكا بحقوقه منذاحتلال فلسطين التاريخية من قبل العصابات الصهيونية، التي ارتكبت مائة وخمسين مجزرة ودمرت أكثر من اربعمائة قرية وبلدة فلسطينية عام ١٩٤٨موثقة بدعم من امريكا وبريطانيا والدول الاستعمارية مما تسبب في عدة نكبات متتالية، اولها نكبة العام ١٩٤٨ مما اضطر جزءا كبيرا من ابناء الشعب الفلسطيني الى اللجوء القسري الى دول الجوار العربي.

والنكبة الثانية عندما وقعت دول الجوار العربي في العام ١٩٤٩-١٩٥٠ عَلى اتفاقيات الهدنة الدائمة مع العدو الإسرائيلي بدون ان تشترط عودة اهل البلاد الأصليين الى بيوتهم وأملاكهم، وكان من الممكن ان تقبل اسرائيل وذلك تنفيذا للقرار الاممي رقم ١٩٤ للعام ١٩٤٩م. ولو تم ذلك لكانت الدول المجاورة ارتاحت من مشكلة اللاجئين ولأصبح الان عدد الفلسطينيين داخل فلسطين التاريخية أكثر من ١٢ مليون نسمة ولتغير وضع القضية بشكل جوهري.

النكبة الثالثة هي هزيمة العرب الكبرى في العام ١٩٦٧م واحتلال العدو الاسرائيلي ما تبقى من فلسطين التاريخية من البحر الى النهر إضافة للجولان وشبه جزيرة سيناء.

ورغم كل ذلك لم يتوقف نضال شعبنا وثورته الحديثة من أجل تحقيق طموحاته في العودة والتحرير، وصولا إلى الانتفاضة الفلسطينية الشعبية الأولى ثم اتفاقيات أوسلو التي اعتقدنا انها ستقود الى وقف دوامة الحروب وسفك الدماء واقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف، إلا ان الاحتلال الإسرائيلي بحكوماته اليمينية وأميركا نكثا بوعودهما لنصل الى ما وصلنا اليه، الى ان جاءت نكبة شعبنا الجديدة بوقوع الانقسام عام٢٠٠٧ والذي اضعف الساحة الفلسطينية وشوه النضال الوطني ومكن حكومات اسرائيل من استغلاله للتهرب من استحقاقات تحقيق سلام عادل وشامل.

اليوم وبعد الاعلان عن "صفقة القرن" الاسبوع الماضي لا بد من الإشارة أولا الى ان شعبنا الفلسطيني يثمن الموقف الشجاع والصلب للأخ الرئيس محمود عباس الذي أعلن بوضوح رفض هذه الصفعة الأميركية الصهيونية، ودعوته لجميع الفصائل وبينها حماس والجهاد الاسلامي للاجتماع وقراره بارسال وفد الى قطاع غزة تمهيدا لتعزيز الوحدة الفلسطينية لمجابهة كل التحديات الماثلة أمام قضيتنا العادلة، مما بعث الأمل مجددا في نفوس أبناء شعبنا بانهاء الانفصال المدمر والتفرغ لما هو جوهري.

ونقول هنا ان الشعب الفلسطيني الذي صبر على هذا الاحتلال واحد وسبعين عاما قادر على ان يصبر الى ما لا نهاية دون ان يرفع الراية البيضاء، وحتى ينتزع حقوقه الوطنية المشروعة .

وقد كان من الواضح ان التسوية السلمية التي صاغها طاقم ترامب الموالي للاحتلال والصهيونية ومنح فيها القدس واجزاء واسعة من الضفة لإسرائيل وتنكر لحقوق شعبنا بالحرية والاستقلال صيغت بطريقة لا يمكن لأي فلسطيني أن يقبلها ولهذا أعلن الرئيس محمود عباس رفض هذه الصفقة برمتها ، وتأكيده على الحقوق الثابتة والمشروعة لشعبنا والتي دون تحقيقها لن يتحقق الأمن والسلام والاستقرار في هذه المنطقة.

شعبنا الفلسطيني وقيادته يتمسكان بالسلام المبني على الحق والعدل وهذا ما اكده الرئيس محمود عباس، واول الشروط الفلسطينية هي تراجع ترامب عن مواقفه بشأن القدس والاستيطان واللاجئين والالتزام بالقرارات الدولية .

ونقول ايضا ان هذا الرئيس الأميركي الجاهل بطبيعة الشعب الفلسطيني وصلابته وتمسكه بحقوقه اعتقد واهما مع حليفه نتنياهوبأن شعبنا يمكن ان يقبل بديلا عن القدس او ان يقبل باستمرار الاحتلال بالسيطرة على مصيره ومستقبله حتى لو كان ذلك تحت تسمية دولة فلسطينية هزيلة كتلك التي تحدث عنها ترامب والتي تفتقد لأي مقومات الدول المستقلة ذات السيادة.

ولهذا وفي مواجهة هذه المرحلة الجديدة وهذه التحديات التي يفرضها هذا التحالف الأميركي الصهيوني يجب علينا استعادة وحدتنا الوطنية والتوافق على خطة واقعية يقبلها الشعب الفلسطيني للمضي قدما، وبحيث تتضمن الخطة التالي:

أولاً - بلورة موقف فلسطيني أردني كنواة للموقف العربي والإسلامي لاحقاً بالتشاور مع السعودية ومصر وباقي الدول العربية لاتخاذ موقف رسمي موحد تكون مرجعيته الأساسية قرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية. ومثل هذا الموقف سيلاقي بالتأكيد ترحيبا ودعما دوليا.

ثانيا - التأكيد على حقنا في كامل التراب الوطني المحتل، ورفض وجود أي مستعمرة أقيمت على الاراضي المحتلة، اما الاستعداد لقبول كتل استعمارية تحت شعار تبادل الاراضي فهو مرفوض، لانه لا يمكن للشعب الفلسطيني العيش بسلام مع المستعمرين الجدد، بعد كل ما ارتكبوه ولا زالوا من فظاعات ضد أبناء شعبنا.

ثالثا - التأكيد على وحدة جميع الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام ١٩٦٧ وهذا يشمل القدس وباقي الضفة الغربية وقطاع غزة.

رابعاً - التأكيد على حقنا في دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة تتولى الدفاع عن أمنها وتسيطر على مياهها وثرواتها في الارض والبحر وتسيطر على أجوائها ومعابرها.

خامساً- عند الحديث عن الأمن التأكيد على ضرورة توفير ضمانات أمنية لشعبنا وأية ترتيبات أمنية يجب ان تقوم على أساس القانون الدولي ولا تمس بالسيادة والاستقلال.

سادساً - حق العودة للاجئين وتعويضهم ، والغاء قانون اسرائيل السيطرة على املاك الغائبين في العام ١٩٥٢م ، ومن حق اي لاجيء الاختيار بين العودة او العيش في الدولة الفلسطينية بحدود العام ٦٧ او اي دولة أخرى.

والمطلوب من العالم العربي والمجتمع الدولي دعم جميع القرارات الدولية التي صدرت منذ العام ١٩٤٨م وحتى اليوم.

ان الخريطة التي نشرها الجاهل ترامب ليست سوى جزر مقطعة الأوصال يسيطر عليها الاحتلال الإسرائيلي ولا يمكن قبولها كدولة متصلة الاراضي. كما ان الاراضي التي تنص عليها الخريطة في النقب هي اراض صحراوية لدفن النفايات الذرية ولا يمكن مقارنتها بتلك التي يريد ترامب اقتطاعها من وطننا فلسطين وتقديمها لاسرائيل، وكل ذلك لتكريس وجود المستعمرات غير الشرعية في الأراضي المحتلة.

وأخيرا نقول ان الأساس الذي يجب ان نعتمد عليه هو وحدتنا الوطنية وموقفنا الوطني الموحد الذي بلا شك سيكون مدعوما بموقف عربي اسلامي دولي للخروج من هذا المستنقع الاسرائيلي الامريكي الذي يريدون لنا الغرق فيه... والله المستعان