ألقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس اليوم السبت، خطاباً أمام وزراء الخارجية العرب، خلال اجتماع طارئ؛ لبحث خطة السلام الأمريكية المزعومة المسماة بـ"صفقة القرن".
وقال الرئيس خلال كلمته: "إنّه طلب الاجتماع بالدول العربية، لإطلاعهم على الموقف الفلسطيني من الخطة الأمريكية؛ لمنع ترسيمها كمرجعية جديدة"، مُبيّناً أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاهل القرار الأممي بشأن الاستيطان.
وأضاف: "لم يحدث أي تقدم بعملية السلام في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وإنما تم تحقيق تقدم في عملية السلام بعهد رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت"، مُشيراً إلى أنّ وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) كانت تؤيد موقف فلسطين ضد (صفقة القرن)".
وتابع: " بعد مقتل رابين لم يكن هناك مفاوضات أو بحث ونتنياهو لا يؤمن بالسلام، وأيضًا لو كانت أمريكا تعرف باتفاق أوسلو لأفشلته، حيث منذ أنّ استولت أمريكا على ملف المفاوضات لم يحدث أي تقدم بها".
وبيّن أنه التقي ترامب أربع مرات، حيث كان اللقاء الأول في واشنطن مبشراً، لافتًا إلى أنّه سمع من ترامب كلامًا طيبًا، وترامب كان يقول: إنه مع السلام وحل الدولتين، وأنّ تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين".
واستدرك الرئيس: "قلت لترامب في اجتماع سابق إنني سأسعى لتكون دولة فلسطين منزوعة السلاح لأنني لا أؤمن بقوة السلاح"، مُشيراً إلى أنّه بعد عدة أشهر تراجع ترامب عن كلامه الجميل، وأغلق مكتب المنطمة في واشنطن، ثم أوقف الدعم المالي للسلطة، وتبعه بإعلان القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، ونقل سفارته من تل أبيب إلى القدس.
وأضاف: "قطعنا العلاقات مع إدارة ترمب وأبقينا الاتصال مع المخابرات الأمريكية، لأننا مرتبطون باتفاقيات دولية لمواجهة الإرهاب، كذلك أبقينا العلاقة مع الكونغرس"، مُستدركاً: "نحن نتعاون مع 83 دولة في العالم لمحاربة الإرهاب ومؤمنون فعلاً بمحاربة الإرهاب المحلي والدولي".
وأردف: "ترمب يريدنا أنّ ننسى القدس ويقترح أن تكون أبوديس عاصمة لنا، وأنّ ننسى حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة"، مُشدّداً على أنّه "لم يحدث أي اتصال مع إدارة ترمب لأنه لم نعد نُصدقهم".
وأكّد على أنّه رفض استلام الخطة والتحدث مع ترامب وتسلم أيّ رسالة منه لأنّه كان سيبني على ذلك للإدعاء بأنه تشاور معه، مّنوّهاً إلى أنّ خطة ترمب تمنح "إسرائيل" السيطرة الأمنية الكاملة على كل ما هو غرب نهر الأردن، وتتضمن تقسيماً زمانياً ومكانياً في المسجد الأقصى، و"الصلاة يوم إلنا ويوم لهم، لو طلع يوم الجمعة لهم، فلن نصلي بالأقصى".
واستطرد: "ما بقي لنا بالضفة الغربية وقطاع غزة 22% من فلسطين التاريخية، ورضينا بالبين والبين ما رضي فينا، لأننا نريد حلاً جذرياً، والآن يريد أنّ يأخذ 30% من الضفة ليتبقى لنا 11%".
وتابع الرئيس: "في اعتقادي التام أنّ ترمب لا يعرف شيئا عن "صفقة القرن"، إنما من له علاقة وهم الثلاثي فريدمان والولد كوشنير وغرينبلات، وهم الذين كانوا ينقلون له أفكار نتنياهو".
و قال: "مجرد أنّ قالوا إنّ القدس تُضم لإسرائيل لن أقبل بهذا الحل إطلاقاً ولن أسجل على تاريخي ووطني أنني بعت القدس، فالقدس ليست لي وحدي إنما لنا جميعاً".
وأضاف: "كل يوم يهدمون بيوتاً فلسطينية، بحجة البناء دون ترخيص ويبنون مستوطنات ويخططون لإنهائنا خلال الـ4 سنوات المقترحة بصفقة القرن".
وامتدح دور السلطة في نشر ثقافة السلام، قائلاً: "أصبحنا 13 مليون فلسطين وأوادم ومتعلمين وحاولنا أنّ ننشر ثقافة السلام للجميع، فعندنا في الضفة الغربية أقصى ما يخرج مظاهرة سلمية وغزة لها ظروفها ونحن ليس لنا سلطة عليها".
واستدرك: "بعد أن أصبحنا عضواً مراقباً في الأمم المتحدة، أخذنا عضوية 110 منظمات من أصل 522 منظمة دولية ومعاهدة للانضمام لها، وبصراحة ابتعدنا عن بعض المنظمات التي يتحسس الأمريكان منها".
وأردف الرئيس: "أبلغنا الإسرائيليين والأمريكان برسالتين؛ الأولى سلمت لنتنياهو والثانية لرئيس الـ"سي آي إيه"، نصها هو: لقد ألغت إسرائيل الاتفاقات الموقعة ونقضت الشرعية الدولية التي قامت عليها هذه الاتفاقات، والتي قامت عليها دولة إسرائيل، ويجري الآن نقض هذه الخطة، ولذلك نبلغكم بأنه لن يكون هناك أية علاقة معكم ومع الولايات المتحدة، بما في ذلك العلاقات الأمنية، في ضوء تنكركم للاتفاقات الموقعة والشرعية الدولية، وعليكم ان تتحملوا المسؤولية كقوة احتلال".
وتابع عباس، ملمحا لنتنياهو: "كنت أقدر أجيبلك معلومة ما كنت بعمرك تحلم فيها"، في إشارة إلى دور السلطة في التنسيق الأمني، معتبراً أنّ ردود الفعل العربية والإسلامية والدولية منذ إعلان "صفقة القرن" تًُبيض الوجه، أما الدولة الفلسطينية في "صفقة القرن" فهي مثل "الجبنة السويسرية".
وختم الرئيس كلمته بالحديث النبوي الشريف: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ قَالَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ".